بسم الله الرحمن الرحيم
بموجب اتفاقية نيفاشا اختار الجنوب الانفصال وان شئت قل الاستقلال فذهبت له الخمسين في المائة من نفطه التي كان ياخذها الشمال وان شئت قل السودان فاثر ذلك تاثيرا كبيرا على اوضاع السودان المالية وكان الامر هبط فجاة من السماء ولم يكن متوقعا ومن قبل ستة سنوات اي ساعة التوقيع , ماعلينا . ثم اغلق الجنوب ابار نفطه ليحرم نفسه من عائد النفط ويحرم السودان من رسوم المرور وعلى قلتها ومن جراء ذلك هبط الجنيه السوداني الي الحضيض لابل اعلنت الدولة تخفيضه رسميا وعدلت ميزانية عام 2012 برفع الدعم عن المحروقات وارتفعت اسعار سلع اساسية اخرى وزادت الخنقة المالية على المواطن المغلوب على امره
زار باقان السودان في مارس 2012 وقال انه جاء ليضع حدا للخلافات بين البلدين فتحسن وضع الجنيه السوداني قليلا ثم اندلعت هجليج في ابريل فارتفع الدولار وهبط الجنيه ثم كانت اتفاقية اديس اببا للتعاون بين البلدين في سبتمبر 2012 فهبط الدولار قليلا وبدات ملامح الاستقرار على الجنيه السوداني ثم حدثت ضربة اليرموك واعقبتها المحاولة (اللماتسماش) وبدا لجنوب السودان ان اليوم الذي ينتظره للخرطوم قد اقترب فتوقف التفاهم بين البلدين وعاد عبد الرحيم محمد حسين من جوبا التي ذهب اليها لاجتماعات اللجنة الامنية بدون حنى خفى حنين فارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني
في يوم السبت قبل الاخير اي نهاية نوفمبر هبط باقان مطار الخرطوم فجاة ومكث الي مطلع هذا الشهر وكان قبله كان بريتسون ليمان المبعوث الامريكي للسودانيين الاثنين وقال باقان انه جاء يحمل منديلا ابيضا لتقديمه للسودان ويتمثل هذا المنديل في تفعيل اتفاقية التعاون بين البلدين اي اننا في الجنوب لم نعد في انتظار تغييرا في الخرطوم فانخفض سعر الدولار قليلا وبدا الجنيه يرتفع ولكن حكومة السودان قابلت باقان باحضان اقل دفئا من تلك التي غنى فيها الكابلي (سكر سكر سكر) فعاد الدولار للارتفاع يوم الاثنين الماضي وواصل الجنيه السوداني انحداره لاقل مستوى له منذ خروج النفط من الموازنة . نحن اليوم مع اجتماع اللجنة الامنية والسياسية فحتما مخرجات هذا الاجتماع سيكون لها مردود على الجنيه
هكذا اصبحت عافية الجنيه السوداني مربوطة بابتسامة باقان اموم اي بالعلاقة بين البلدين التي يعتبر باقان رمزا لها وهذة العلاقة تلخصت في الامن مقابل مرور النفط فبتالي هي امر سياسي فان ترتبط عافية الجنيه السوداني بامر سياسي لايملكه السودان وحده فهذا ليس مرضا هولنديا انما داء قاتلا فمن غير المعقول ان لاتكون للسودان اي خيارات غير انتظار مرور نفط الجنوب علما بان الاقتصاد هو علم البدائل فاين بدائل السودان ياعلماء الاقتصاد فيه ؟
ان جئنا للحق فان الاقتصاديين لايحكمون و لايتحكمون في اقتصاد السودان لان الذي يدير الاقتصاد فيه هم النقديون اي بتوع النقد (العملة) فكلهم بتوع بنوك (بانكرز) وكل حيلهم في العملة وسعر العملة وحركة العملة لذلك لم يهتموا بقطاع الانتاج لابل اوردوه مورد التهلكة لذلك سيظل الوضع الاقتصادي يرزل في عهدهم دون توقف كما انهم يقعون تحت سيطرة السياسيين ولن يستطيعوا ان يرفعوا اصبعا في وجووهم قائلين اوقفوا هذا العبث او عدلوا بنود الصرف الجارية و جتى اعيدوا ترتيبها لهذا ربطوا عافية الجنيه ببسمة باقان وهذا بدوره يضعف موقف المفاوض السوداني وهكذا تدور الدائرة الخبيثة
( ب )
وليم اندرية
تقول الطرفة ان احدهم شاهد الساعي (المراسلة) وهو جالس على كرسي المدير ورافعا ارجله عى التربيزة بينما كان المدير يقف امامه وكانه هو المروؤس وليس الرئيس فسال عن اسباب هذة الصورة المقلوبة فقيل له انه عندما وقع انقلاب هاشم العطا اعطى المدير برقية تاييد للانقلاب للمراسلة الجالس الان على الكرسي لكي يرسلها ولكن ما ان وصل مكتب البريد الا جاءت الاخبار بان الانقلاب على وشك الفشل وان النميري في طريقه للعودة للحكم فاحتفظ الرجل بالبرقية ولكنه اخفاها عنده واخذ يبتز بها المدير فكان ذلك المنظر
اردنا التوسل بهذة الرمية للقول انه في ظل ظروف السياسية التي تكتنفها الضبابية نتيجة احداث معينة كالمحاولات الانقلابية الناجحة منها والفاشلة والتدخلات الخارجية والثورات الشعبية الناجحة منها والمجهضة في مثل هذة الظروف تحدث وقائع ومتغيرات ليست لها صلة مباشرة بالحدث المعلوم انما تستغل الحدث لتمرير اجندة اخرى وتصفية حسابات قديمة او السعى لواقع جديد فمثلا بعد فشل انقلاب هاشم العطا كانت هناك عدة محاولات انقلابية لاستغلال لحظة التحول قبل ان يحسم ظهور نميري امر الرجعة وفي احداث ما اصطلح باحداث المرتزقة 1976 تمت تصفية الفنان المغني والرياضي الشامل وليم اندرية من جهة اغلب الظن انه ليست لها صلة بتلك الاحداث كما ان وليم نفسه بعيد كل البعد عن السياسة لقد كان رحمه الله ريحانة نادرة يندر ان يجود الزمان بمثلها وستظل صورته عالقة باذهان معاصريه الي الابد
فبعد الرمية اعلاه الجابت ليها رفيقة كان القصد هو الاشارة لما افرزته المحاولة الاخيرة, الانقلابية او التخريبية او الاستباقية سمها ما شئت على حسب موقفك منها فهذة قد احدثت بلبلة وعدم استقرار فسهامها كل يوم تتجه الي جهة جديدة والحكومة حتى الان لم تقف على تحديد واضح لها فمرة تنسبها صراحة (لااولادها) ومرة تضيف اليهم المعارضة وذكر بالاسم السيد الصادق ومرة تضاف اليها حركة العدل والمساواة ومرة احزاب معارضة اخرى ومرات تصل الجبهة الثورية و(تحت تحت) وردت شارات الي دول خارجية على راسها دولة جنوب السودان وقد تكون امريكا في الطريق لابل دول عربية صديقة للحكومة ورد اسمها
على صعيد الافراد قد تتم تصفية حسابات ما انزل الله بها من سلطان لسبب بسيط وهو ان المؤكد حتى الان هو ان العناصر الرئيسية للمحاولة ليسوا من اولاد البيت او الحوش فحسب انما اولاد الغرفة لابل هم المصارين البيض ذات نفسها فهذا يعني ان سهام الاتهام يمكن ان تشمل اي شخص من داخل الحوش ومن داخل البيت وسيكون من الطبيعي ان يضع اي سياسي خاصة الموالين للنظام يدهم على قلوبهم مما يزيد معدلات التوتر وقد يصل الي التهور الذي يمكن ان يؤدي الي المزيد من عدم الاستقرار طالما ان ملف التجريم ظل مفتوحا على مصراعيه كما هو الان
لكل الذي تقدم يتوجب على الحكومة ان تغلق هذا الملف ليس بالضبة والمفتاح وتكميم الافواه انما بالشفافية الكاملة وكشف كل ابعاد وتفاصيل الشغلانة للراى العام ومن ثم تاخذ العدالة مجراها ولعل هذة فرصة ان تبثت الحكومة اننا نعيش في دولة القانون وليس قانون الغاب والضرب تحت الحزام فهل تستغل هذة الفرصة ام تظل ريمة في حالتها القديمة
عبد اللطيف البوني [aalbony@gmail.com]