أهكــــذا المـوت ..؟
عــزيزة عبد الفــتاح محمــود
17 February, 2013
17 February, 2013
أن تختفي وبقية طموحك أصابته (شرقة) فإنكفأ وتبعثر كما روحك بالضبط .؟ أن يكون من المؤكد في ظنّ والدتك أنها ستراك في آخر النهار وأنت متعب ، فتبتسم وتدعوك الي أن ترتاح قليلا ً .. لحظة فقط ، لحظة واحدة قبل أن تحسم أمورك ، ثم تغرق أنت وما يشبه تاريخك ـ الذي لم تقرر كتابته بعد ـ إذ لا حادثة واحدة فيه تغري بالتدوين . أن تغادر وبعض حديثك الذي بدأته مع البقّال بشأن ديون قديمة ، لم تنهياه بعد ، أن تتذكر ضحكة شقيقك الصغير ، الذي يطالبك دوما ً بقطع حلوي قبل أن يحاول أن يتعلق بكلتي يديه علي عنقك .. أن يصل والدك مبكرا ً عن توقيت وصوله كل يوم ، منهكا ً، واجما ً، لم يستوعب بعد أن يبوء بحملك قبل أن تبوء بحمله وأنت غير حاضر لتعانقه وتحاول شرح ما أنت شخصيا ً عاجز عن فهمه . ولكنك تعبت سعيت كثيرا ً في قلب الحياة وأطرافها ، بدا مشيك في دروبها دون أن تحتمي بخبرة أو دربة ، فقط مشيت ، وصلت مرة وبعدت مرات ، و في كل حين تواصل سعيّك منتهرا ً الإحباط ، تري لو كنت تعلم أن مآل كل ذلك ، لحظة سكون ، فهل كنت ستواصل السعي ، أكثر غباءً أم أتمّ وعيا ً ..؟ ليس بمقدورك الحكم الآن . بيد أن النهاية لم تحتفظ لك بسوي خبر ، خبر صغير يحكي كيف إنتهت حياتك صدفة ، وهو الوصف الأكثر دقة برأي ّ الآخرين ، قبلها مباشرة لم تعرف أن إستغراقك التام في لحظات السلام تلك ، ستمتد ّ لتصبح لحظات سكون كثيف ، لا بيدك تحريكه ولا أحد من حولك قد إختبره ليعلّمك كيف يمكنك إجتيازه . أنت تريد أن ترفع رأسك لتري كيف هي خطوات الحياة وأنت بعيد أو علي الحافة تماما ً. أكل شئ كما تركته قبل لحظة السكون تلك ؟ لا تفيد الإجابة إلا لمن يملكون حياتهم وفي خط ّ مواز يملكهم الموت ، وأنت ، أنت تخلّت عنك الحياة وتنازلت عن حقك في الموت ، موتك لم يكن خيارا ً كاملا ً أتظنّ ؟ أو علي الأقل لم تتمني أن يأتي الحسم بهذه الصورة التي تبتر معها كل الصور وتشوّه بها كل تفاصيلك الغنية بحبك للحياة ، ذكريات طفولتك ، شقاوة صباك ، تفلّتات مراهقتك ثم .. ثم فاصل الوقت بين كل ذاك ويوم موتك ، لم يتسني أن يصبح تاريخا ً، لم عليك أن تشرح كل شئ في لحظة واحدة ؟ هل لأن بعدها ستدخل في شرح مطوّل لكل اللحظات ؟ أن تشتاق وبقبضتك حب ّ لم يكتمل ولم يتسني لك أن تعرف ، أن تعلم كم هي غالية مصفوفة لحظات تنتظر إمتلاءها بما كنت تظنه (هيافات) : مراسلة صديق قديم ، مغازلة بنت الجيران التي تبادرك التحية وتنوب عنك في دفع قيمة تذكرة البص ، تعديّك علي حصيلة شقيقتك من مصروفها اليومي دون أن تعلم . كل ذلك إنتهي .. إنتهي مباشرة قبل اللحظة التي لم تسمع فيها إجابة سؤال بسيط ومباشر : ( يا جماعة في زول أخد نمرة العربية اللي صدمت الشاب دة ).؟
zizetfatah@yahoo.com