هل مبادرة أبناء النوبة بالخارج .. تصب فى مصلحة النوبة وتحقق لهم مطالبهم
آدم جمال أحمد
1 April, 2013
1 April, 2013
بقلم: آدم جمال احمد - سيدنى – أستراليا
نحاول من خلال هذا المقال إستدعاء عقول أبناء النوبة أى كان موقعها ومكانها للمشاركة الفاعلة فى نبذ إفتعال الصراعات والتشكيك فى نوايا بعض ، لأن الظروف المرحلية التى تمر بها القضية النوبية عصيبة تحتاج من كل نوباوى وطنى غيور لأهله ومنطقته ، أن يتجاوز الخلافات مهما كان حجمها ، ويتناسى فيها ألوان الطيف السياسى والميول والإتجاهات ، لأن القضية شائكة ومعقدة ، فإلى متى يظل أبناء النوبة يتشاكسون وينقسمون الى فرق ومذاهب وملل .. هذا حركة شعبية وذاك مؤتمر وطنى وهذا مسلم وهذا مسيحى وهذا وثنى وغيرها من المسميات ، الى أن يجد النوبة أنفسهم مرة أخرى خرجوا من المفاوضات القادمة صفر اليدين ، أما آن الآوان أن يتفق فيها النوبة حتى لو على الحد الأدنى من خلال رؤية سياسية وتفاوضية واحدة تحقق لهم مطالبهم فى إقليم جبال النوبة (جنوب كردفان) بعيداً عن الحلول العسكرية والقومية ، التى لم تجلب للنوبة غير الموت والدمار والتخلف ومزيداً من التهميش والإهمال ، فمتى نفسح المجال للحوار البناء مع بعضنا كنوبة لا شئ غير ذلك بمختلف إتجاهاتنا السياسة والأثنية والدينية بعيداً عن الإنطباعات المغلوطة ، التى لا تبعث فى النفوس إلا مزيداً من النفور والتقاطع ، أفلم يوجد بيننا عقلاء ليقول لنا كفى يا أبناء النوبة تشذرماً ومشاكسة وإختلاف وتخوين ، لكى نحاول أن نفتح معاً كوة مضيئة للتثاقف الإيجابى ، وتنبيه النوبة الى حقيقة مخاطر الحرب التى تهدد إقليمهم ومحاولة التسويق لحل القضية النوبية فى الإطار القومى ومحاولة ربطها بالأقاليم الأخرى من خلال قوالب تساهم فى طمس وتذويب مطالب النوبة التى من أجلها حملوا السلاح ؟ ومحاولة توعيتهم وتعبئتهم لمواجهة تلك المخاطر لتوحيد صفهم وكلمتهم وخطابهم السياسى والإعلامى فى هذه المرحلة العصيبة التى تمر بها القضية؟.. لذلك دعونا نتسأل لماذا يختلف أبناء النوبة ؟ لماذا لا نعترف ببعض ؟ لماذا لا نتحمل بعض ؟ لماذا نرفض أى فكرة أو رأى جاءت من أى طرف خارج إطار الحركة الشعبية ؟ وهل كل نوباوى يجب أن يكون مشروع حركة شعبية أو يساند الحركة الشعبية ؟ وهل أى نوباوى لا يعترف بنوبيته إلا أن يكون حركة شعبية ؟ وهل التاريخ السياسى والنضال فى جبال النولة بدأ بالحركة الشعبية؟ وهل جبال النوبة حكراً فقط للحركة الشعبية ، ولا توجد مجموعات أخرى لا تنمى للحركة الشعبية لها الحق فى جبال النوبة والتحدث عن قضايا المنطقة ؟ وهل هناك أصلاً مشكلة فى جبال النوبة ؟ وإذا إعترفنا بأن هناك مشكلة وتحتاج للتفاوض والحوار !! هل الحركة الشعبية تمتلك رؤية سياسية تفصيلية لحل القضية ؟ وما هى رؤية أبناء النوبة بالحركة الشعبية لحل القضية ؟ ولماذا نحن كنوبة نرفض أى مبادرة جاءت من أشخاص خارج نطاق الحركة الشعبية حتى لو كانت تعبر عن أشواق وتطلعات أهلنا فى جبال النوبة ؟ لماذا لا نخضع أى مسألة الى ميزان العقل وعلى طاولة الحوار والنقاش ؟ وهل هناك خصوصية لجبال النوبة؟ وماذا يريد أبناء النوبة الحاملين للسلاح بالحركة وما هى مطالبهم؟!.. وهل يمكننا نحن كنوبة أن نتجاوز هذه المعضلات ونتفق على رؤية واحدة ندفع بها الى طاولة التفاوض والحوار عبر مطالب محددة نتفق عليها كمرجعية للنوبة ؟؟؟.
إن ما قادنى الى هذه الأسئلة هى المبادرة التى طرحها بعض أبناء النوبة بالخارج لحل قضية جبال النوبة وأزمة جنوب كردفان على مختلف تنظيماتهم وأحزابهم ، كمشروع إتفاق متكامل يجسد تطلعات أهل المنطقة المتمثلة فى قسمة السلطة والثروة وقضايا الأرض ، تعالج إفرازات الصراع الدائر الآن فى جنوب كردفان ، وتضمن حقوق ومستقبل جميع أبناء الإقليم بإثنياتهم المختلفة ، بالإضافة إلى ترتيبات أمنية لإحتواء الإفراز الأمنى ، وتعتبر هذه المبادرة مجهود مقدر من هذه الفئة من أبناء النوبة بالخارج ، وتجربة إنسانية تحتمل الصواب والخطأ ، غير ملزمة لأحد أن يأخذها كرهاً ، ونحن كنوبة حتى اليوم لا نمتلك أى رؤية سياسية من أى طرف مكتوبة ومفصلة تحتوى على مطالبنا حتى نتمسك بها ونستطيع أن نقدمها لأى جهة ونقول لهم بكل ثبات (هذا هو كتابى وبه مطالبى) ولا سيما (الغريق بتعلق بقشة) ، وكان من الحرى بنا نحن كنوبة يجب أن نشكر هؤلاء على مجهودهم ، لقد وضعوا لنا خارطة طريق وإطار وهيكل نستطيع أن نبنى عليه فى الوقت الراهن ، ونحاول بهذه المبادرة أن نثرى بها ساحة أهل الرأى والفكر والسياسة بأطروحات تخضع للنقاش والحوار حتى تساهم فى حل مشكلة إقليم جبال النوبة (جنوب كردفان) جذرياً ، وعلى مستوى نظام الحكم وشكل الدولة وطبيعة وحدة السودان القائمة على التنوع والتعدد ، كما تشير الرؤية والمبادرة ، والتى تجيب بوضوح على المخرج من هذه الأزمة ، وتوفر الضمانات بألا يحمل أبناء الإقليم مرة أخرى السلاح ، فالرؤية فى مجملها مشروع للحل الشامل لمشكلة الأقليم المتأزم.
وكنا نأمل من أبناء النوبة بمختلف تنطيماتهم ومواقعهم أن يتدارسوا هذه المبادرة دون تكبر منهم أو حقد او كراهية أو حساسية وأن يتناولوها فى منتدياتهم إذا كانوا حريصين لحل قضيتهم وتحقيق مطالبهم ، لأن هذه الرؤية والمبادرة دعوة للمثقفين والمستنيرين لإعمال العقل والرأى للتعميق فيها ، فليأخذوا ما يتوافقون عليه ، أما ما لا يتوافقون عليه يقومون بتعديلها وإضافة ما يرونه مناسباً ، لأن الرؤية قابلة للأخذ والعطاء بالتعديل والجرح والإضافة وتمليكها لكافة أبناء الأقليم ، كما أنها دعوة لأخوتنا فى الحركة الشعبية وللمجتمع السودانى والمجتمع الدولى بكل آلياته للمساعدة فى تنزيل هذا المشروع الى أرض الواقع خدمةً لإنسان إقليم جبال النوبة (جنوب كردفان) ، من خلال جولة التفاوض القادمة بأثيوبيا للتفاكر والتشاور وتبادل الأفكار حول الرؤية الموضوعة والمحاور المطروحة حتى تتوفر الثقة ، نسبة لإنعدامها بين كافة الأطراف فى إقليم جبال النوبة ، ويجب النظر الى هذه المبادرة والرؤية السياسية والمحاور المطروحة بتجرد ونكران للذات دون محاولة التبخيس بها والتقليل من شأنها ، كما يجب أن ينظر إليها بموضوعية من قبل كافة الأطراف ، لكن للأسف قطاع كبير من ابناء النوبة وخاصة المثقفين والمستنيرين أثروا الصمت وإنحنوا للعاصفة أن تمر ولم يبدوا أى رأى بالإيجاب أو السلب أو التعليق عليها ، لأسباب كثيرة نعلمها ، لأننا كنوبة ما زالت مواقف الحقد والحسد بيننا ، والبعض منا يقول فى قرارة نفسه (أن أى عمل لم أشارك أو أكون جزءاً منه أو فيه من البداية أقف ضده حتى لو كان فى مصلحة النوبة) ، والبعض تقودهم مراراتهم ويعتبرون أى عمل جاء من خارج نطاق الحركة الشعبية مرفوض لهم جملة وتفصيلاً ، ولا يحتاج منهم حتى لمجرد النقاش ، وهذا هو الخطأ الجسيم بعينه ، يجب أن نأخذ الحكمة ولراى الصائب حتى لو من أفواه المجانين ، فكثير من أبناء النوبة وخاصة المقيمين بالخارج فى أمريكا واستراليا وكندا ودول الإتحاد الأوربى وبقية الدول ليس لديهم ما يخسرونه فى إستمرارية أمد الحرب وفى عدم توحيد شعب جبال النوبة وفى عدم الإعتراف بالآخر والطرف الآخر وقبول الرأى الآخر ، وفى توحيد صف النوبة وإتفاقهم حول رؤية سياسية موحدة تحتوى على مطالبهم ، حتى يستطيعوا الذهاب الى هذه المفاوضات ولهم رؤيتهم الخاصة بهم وبمطالب أهلهم ومنطقتهم ، ولكن للأسف أن هؤلاء غير منسجمين مع الواقع ولا يحسون ويشعرون بما يعانيه أهلهم فى المنطقة من ويلات الحرب والدمار والخراب ، لأنهم فى هذه الدول لا يعرفون ألم الجوع والحرمان ، لأن جيوبهم وحساباتهم فى البنوك تنتفخ بالدولارات ، ويموتون من البدانة والسمنة وثلاجاتهم تمتلئ بما لذ وطاب من كافة أنواع الطعام والشراب ولا سيما براميل نفاياتهم تتحدث ، وأبنائهم يتلقون تعليمهم فى أعرق المدارس والجامعات وكذلك يتلقون العلاج بالمجان فى أرقى المستشفيات ، ويمتلكون أخر موديلات السيارات التى تزدحم بها بيوتهم .. فواحدة لنفسه وأخرى لزوجته وأبنه أو إبنته ، ولكن الذى يده فى الماء ليس مثل الذى يده فى النار ، فلذلك إذا كان هذا هو حالنا فى جبال النوبة سنظل أتباع للآخرين ونهرول بين موائد الاخرين ، فلذلك نقول لكم بأن هذه المبادرة التى طرحت إليكم هى بمثابة رؤية سياسية لحل قضية جبال النوبة (جنوب كرفان) ، تحتاج منكم الى إستجابة سريعة ، وأن تخضع للحوار والنقاش الجاد والمستفيض على جميع محاورها فى كل منابرنا بالحذف والإضافة ، وخاصة فيما يتعلق بالأرض والظواهر الإجتماعية وحكم أبناء النوبة لإقليمهم والإسم التاريخى للمنطقة والثروة والمشاركة فى السلطة ، ويجب أن نقول راينا فيها بصراحة نحكم فيها عقولنا وليست عواطفنا .. هل هذه المبادرة تصب فى مصلحة النوبة وتحقق لهم ما يريدون ؟؟ وهل هذه المبادرة تخدم الحركة الشعبية ولا المؤتمر الوطنى ، وأى تفاوض وحوار به تنازلات ، ولكن نحن النوبة صار حالنا مثل حال قوم قريش وسادات مكة الذين وقفوا ضد الدعوة الإسلامية ورفضوها فى بداية الأمر كبرياءاً منهم رغم رجاحة عقولهم ، لأننا إذا لم نتدارك مآلات ما يجرى وما يدور فى الإقليم سريعاً ، فسوف تنزلق منطقة جبال النوبة (جنوب كردفان) الى هاوية ومستنقع يصعب الخروج منه ، فلذلك نحث أبناء النوبة أين كان موقعهم بالسمو فوق خلافاتهم والنظر لمصلحة الإقليم وسلامته ، والإقبال على هذه المبادرة والرؤية والتحاور والنقاش حول بنودها بعقل وذهن مفتوحين وأن لا نضيع الوقت فى التراشق بالكلمات وتبادل الإتهامات ، على نمط التفكير الجيوكلاسيكى غير الإندماجى والنزوع الشخصى بدلاً عن الموضوعى المثبط للهمم والبناء الفكرى .. والتى لا تساعد على التلاقى .. فلماذا لا نحاول الإستفادة من المبادرة لتصحيح مسار النوبة وإخوتنا بالحركة الشعبية للإنتباه الى مطالبنا ، ولا سيما الهدف منها لفت إنتباه شعب جبال النوبة لتكون هناك وقفة مع النفس لتقييم الأمور ومحاولة للسعى لتوحيد الجهود ، وجمع الصف ، ووضع منهج ورؤى نتفق عليها لمجابهة قضايا جبال النوبة الشائكة ومحاولة إيجاد الحلول الناجعة لها ، ضماناً للسلام الغائب فى الإقليم ، وفوق هذا وذاك ضمانة كبرى لوحدة أرض جبال النوبة وإستقراره.
ولنا عودة ..........
آدم جمال أحمد – سيدنى - أستراليا
31 مارس 2013 م
Adam Gamal Ahmed [elkusan67@yahoo.com]