اجن وأزيد في الجن

 


 

 



معروفة قصة الكلب الذي كان يحقر الغنماية اذ كان كلما يجدها في الكوشة تاكل من بقاياها يحمر له فتولى هاربة تاركة له المجال له  فأصبحت هذة العلاقة غير المتكافئة  مسلم بها ولكن في ذات يوم قررت الغنماية ترك الاستسلام  ورفع راية التحدي فاقبل الكلب كعادته يتبختر متاكدا بان الغنماية سوف تغادر بمجرد وصوله ولكنها لم تفعل فحمر لها ولم يتغير شئ فاقترب منها فاقتربت منه فتح فمه فافردت قرنيها فتوقف فاقتربت منه فابتعد عنها فهجمت عليه فولى هاربا وعندما ابتعد عنها وقف ونظر اليها قائلا (ياجماعة الغنماية دي جنت ولاشنو ؟)
الشاهد في الرمية اعلاه هو ان تغيير العادة يمكن ان يفسر بانه نوع من الجنون وهذا ليس ببعيد عن المنطق العام لان الجنون فعلا هو خروج عن المالوف اما مناسبة الرمية هو ما تتبعه الانقاذ من سياسات سياسية اكرر سياسية فمنذ مقابلة السيد رئيس الجمهورية مع الشرق القطرية وتفجيره للقنبلة التي قال فيها كفاية وانه لن يترشح لدورة قادمة  ثم لقاء السيد علي عثمان بالسيد علي الحاج ومؤتمر الاول الصحفي ثم خطاب السيد رئيس الجمهورية امام الهيئة التشريعية هذا من حيث الاقوال ثم اطلاق سراح جماعة كمبالا(5 + 1 ) ومقابلة الشاب العقيد عبد الرحمن المهدي لقادة المعرضة الثمانيين اطال الله اعمارهم جميعا فيما يحب ويرضى  والاصرار على توسيع قاعدة الحوار حول الدستور القادم كل هذا جعل  البعض يرى ان الانقاذ جنت بالتفسير اعلاه للجنون
بعض المعارضين يرون ان ما تقوم به الانقاذ لايعدو ان يكون حركة في شكل وردة اي احدى الاعيبها السياسية القديمة فكل الذي حدث هو انه كلام في الهوا وعزومة مراكبية ولن يتبعه فعل ذا بال  اي لن يتطور لبرنامج حوار قومي لان ليس هنك برنامج مطروح من اصلو فالحكاية كلها رزق يوم بيوم  فالجانب المنفذ من السياسة المعلنة هو اطلاق سراح ال(5 + 1 ) فقط واطلاق السراح سياسة ايضا ليس جديدة على الانقاذ  لانه يمكن ان يعقبه اعتقال في اي لحظة فالستة هولاء يجمع بينهم انهم جميعا فاوضوا الجبهة الثورية والانقاذ نفسها قادمة على التفاوض مع قطاع الشمال وهو اكبر حامل سلاح وقلب الحركة الثورية فمن غير المعقول ان تفعل ما سجنت الاخيرين فيه فكان اطلاق سراح ال 5+1 لازالة هذا التناقض الكبير  ويدعم هؤلاء وجهة نظرهم بعدم اطلاق سراح الاخرون خاصة جماعة التخريبية وهم ابناء الانقاذ نفسها كما ان هناك المزيد التضييق على الحريات الصحفية في اليومين الاخيرين بدليل ماحدث لمدير مكتب الجزيرة المسلمي الكباشي وماحدث لرئيس تحرير الصحافة النور احمد النور
البعض يرى ان هناك متغيرات داخلية منظورة وغير منظورة ومتغيرات خارجية تحتم على الانقاذ ان تجن وتزيد في الجن على غناء الكحلاوي اي تستمر في تغيير عادتها الكنكشية الي تكويشية حيث انه  يوجد خيط يفرق بين الكنكشة والتكويش وهذة قصة اخرى ففي هذة المسافة الضيقة بينهما تصبح الانقاذ مطالبة بان تمط جنونها ليطال السياسية الاقتصادية وتحاول اطفاء سخانة الجيوب التي سوف تصادف سخانة الصيف الذي بدا يدق الابواب وتفعل ما هو مقدور عليه فقط وهو ان تكف عن العبث والبعزقة واللعب في المال العام اما بقية الحاجات يمكن  ان تاتي بعد ذلك فلو تركت الانقاذ عادة عدم تقديسها للمال العام تكون قد جنت جنونا مطلوبا
(ب )
السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية في مؤتمره الصحفي الشهير الاخير والذي حاول فيه وضع عتبة لبداية سياسة داخلية  جديدة منذ انفصال الجنوب ولاننسى هنا ان ذات سيادة  النائب الاول قد اطلق فكرة ميلاد دولة سودانية جديدة اسماها الجمهورية الثانية بعد الانفصال مباشرة ولكنها لم تنجح لانها كانت شعارات مجردة ولم تكن مصحوبة باي برنامج وكان الهدف منها امتصاص صدمة ما بعد الانفصال ولكن في مؤتمره الصحفي الاخير والذي جاء في ظرف سياسي خالي من الصدمات الي حد كبير وكانت تهب عليه رياح التعاون مع دولة الجنوب وتصريح السيد رئيس الجمهورية بانه لن يستمر في الحكم بعد انقضاء ولايته الحالية فاطلق السيد النائب ما يمكن ان يوصف بانه بداية لبرنامج عمل جديد ومن ذلك دعوته  للمعارضة للحوار وتبشيره باطلاق كافة الحريات لكافة المنابر
في تقديري ان هناك شئ هام جدا اعلن عنه السيد النائب لم يقف الناس عنده كثيرا لانه لايتعلق بالشان السياسي مباشرة وهو قوله انه بعد انسياب نفط الجنوب وظهور المداخيل الجديدة في خزينة الدولة انهم لن يستغلوها بالطريقة التي استغلوا بها اموال البترول في الفترة السابقة (1999 –2005 ) ثم (2005 –2011 ) قسمناها هنا لفترتين فالفترة الاولى كان العائد كله تحت تصرف الخرطوم وفي الفترة الثانية ذهب 50 % من نفط الجنوب لجوبا وفي الفترتين كانت حكومة الخرطوم حكومة بترولية والسودان دولة ريعية وبعد ذلك ذهب الجمل بما حمل وفك الخرطوم عكس الهوا والان بعد سريان اتفاقيات التعاون بين دولتى السودان فخزينة الخرطوم سوف تبتق من جديد (تبتق هذة كلمة يعرفها اهل الزراعة)
يمكننا ان حمل تصريح السيد النائب الاول اعلاه على انه اعتراف بان الخرطوم لم تكن موفقة في تصرفها تجاه عائدات النفط مع انه لم يقل ذلك لكن قوله ان الصرف في المرحلة القادمة مرحلة ما بعد (التبتق) سيكون على القطاعات الانتاجية يوضح ان هذة القطاعات قد حرمت من نعمة البترول وفي تقديري الخاص ان الانقاذ مع كثرة جلائطها الا ان اكبر جليطة وقعت فيها هو اهمالها لقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني في فترة الدولة الريعية ولاشك انها قد دفعت ثمنا غاليا ودفعت الشعب ثمنا اغلى ظهر بعد انقطاع عائدات النفط وهنا يمكننا اعتبار ان اغلاق الجنوب لابار نفطه كان نعمة في طى نغمة لانه كشف الخطل والدقسة التي وقعت فيها الانقاذ في طريقة استغلالها لعائدات النفط رغم ان الشعب السوداني هو الذي دفع الثمن
اذا تركنا كلام واقاويل وشمارات وكالة انباء (تحت تحت ) عن اين ذهبت اموال النفط ووقفنا عند الظاهر و الشريعة عليها بالظاهر  فان صرف تلك الاموال التي قدرت بعشرات المليارات في البنيات التحتية من طرق وكباري واتصالات وكهرباء  ومباني حكومات قومية وولائية  لم يكن الخيار الاوفق رغم اهمية البنيات التحتية المشار اليها لان البنيات التحتية لاتدخل في التبادل الدولي بينما الصرف على القطاع الزراعي بشقيه هو الذي كان سيمكن البلاد من التبادل الدولي ورفد الخزينة بالعملة الحرة التي يمكن خلالها اقامة ذات البنيات المنشودة كما ان تنمية القطاع الزراعي تزيل الفقر لان هذا القطاع يضم 65% من اهل السودان . عليه فان اعتراف اهل الانقاذ بخطا اولويات الصرف في المرحلة الريعية السابقة  هو اول عتبة في طريق الاصلاح ولكن يبقى البيان بالعمل
(ج ) 
مرجوعة في مسماها
كشف تقرير الأداء الصادر من رئاسة السلطة القضائية عن وقوع (52023) حالة طلاق خلال العام الماضى 2012م بمختلف ولايات السودان مقارنة بحالات الزواج البالغة (122198) حالة، وبلغت حالات الزواج التي تمت أمام المحاكم ـ حسب التقرير الذي حصلت (السوداني) على نسخة منه ـ (396) قضية مقابل (21132) قضية طلاق مقارنة بـ(20203) قضايا في عام 2011م الذي بلغت فيه حالات الزواج التي تمت عبر المأذون (121802) زواج مقابل (30891) حالة طلاق عبر المأذون العام الماضي.وأشارت ذات التقارير إلى وقوع (31) حالة خلع للعام الماضي تصدرتها ولاية جنوب دارفور والتي شهدت ساحات محاكمها الشرعية (10) قضايا خلع كما نظرت المحاكم السودانية خلال العام في (270) قضية فرقة تم خلالها التفريق بين الزوجين لبطلان العقد وفصلت المحاكم في (7978) قضية طاعة و(313) قضية إثبات نسب بجانب (5779) قضية حضانة فيما بلغت قضايا النفقة في 2012م (22186) قضية.
السلطة القضائية تستحق ان يرفع له تعظيم سلام على هذا الرصد الراقي  لانه  يعطي مؤشرات لما عليه الوضع فيما  يتعلق بالاحول الشخصية في بلادنا . الامر المؤكد ان حالات الزواج والطلاق والخلع والفرقة والطاعة والنفقة واثبات النسب اكبر من تلك الارقام بكثير فالاعراف والتقاليد كانت ومازالت هي المتحكمة في ضبط المجتمعات السودانية ولايمكن مقارنة دور  قوانين الدولة بها من حيث لجؤ الناس اليها ولكن ما نشرته السلطة القضائية من ارقام يصلح  ان يكون عينة مختارة بعناية شديدة لعكس الواقع لاجتماعي ويمكن لمؤسسات الدولة الاخرى خاصة الرعاية الاجتماعية ان تجتهد وترصد ما عليه الحال بالضبط  والي ان يتم ذلك يمكن للدولة ممثلة في الجهات المعنية بالهم الاجتماعي ان تضع سياسات تاسيسا على رصد السلطة القضائية اعلاه ومن هنا اتى شكرنا وتقديرنا لتلك السلطة المحترمة لرصدها اولا ثم لانها نشرت ما رصدته ليكون بحوزة الراى العام ومتخذ القرار
في عجالة  يمكننا ان نلقي نظرة خاطفة لحالات الطلاق المرصودة اعلاه وهي تفوق ال40 % من حالات الزواج طبعا هذا الذي وصل للمحاكم ولكنني ازعم ان الحالة العامة اي بمافيها تلك التي لم تتم عبر المحاكم لن تختلف كثيرا عن النسبة اعلاه فهذا يعني ان الطلاق اصبح في مجتمعاتنا السودانية كثيرا جدا لابل في دراسة اخرى وقفت عليه مؤخرا وجدت ان الطلاق في المجتمع الحضري السوداني قد تفاقم بصورة كبيرة واصبح (اسهل من شراب الموية) وتم التطبيع معه تماما ولم يعد فيه اي وصمة (ياربي كدا كويس ولابطال ؟)  .
نحن هنا لسنا بصدد تعداد اسباب الطلاق فهي كثيرة ومتنوعة ومعروفة ومتداخلة  ولكن في دراسة قيمة اجراها احد المشايخ الاجلاء في منطقة شرق النيل (بحري الكبرى) اكتشف ان الطلاق بين الزيجات الحديثة والتي كان قوامها تفاهم وحب وكدا  تحدث كثيرا عندما تسكن الزوجة مع اهل زوجها بينما تقل لدرجة صفر في حالة بقاء الزوج مع اهل زوجته لذلك اقترحت تلك الدراسة ان يقوم الاباء باكرام بناتهم بالاقامة معهم الي ان تلد الواحدة منهن (بطنتين تلاتة) بضم الباء . بالطبع لايمكن تعميم هذا على كل السودان ولكن هذة الدراسة توضح جدوى التعمق في دراسة الظاهرة ويكفي استدلالا على اهمية الدراسة المعالجات التي  قام به مهاتير محمد في ماليزيا عندما كشفت له الدراسات تفاقم ظاهرة الطلاق في ماليزيا عندما كان رئيسا لها وهذة قصة اخرى

عبد اللطيف البوني [aalbony@gmail.com]
////////
////////

 

آراء