أزمة النظام تزداد تفاقما وضوء في آخر النفق

 


 

 



تزداد أزمة النظام الحاكم في السودان تفاقما جراء التدهور المريع في الاوضاع المعيشية والانفلات الجنوني في اسعار السلع والخدمات حتي اصبحت الحياة لاتطاق ، كما تتصاعد وتائر الحرب في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان. وتتفاقم أزمة مصادرة الحريات: حرية الصحافة والتجمع السلمي. والصراعات داخل النظام، اضافة للضغوط الدولية من اجل التغيير بوسيلة الهبوط الناعم والتي يتم بموجبها حل جزئي وتغيير شكلي يوسع من قاعدة النظام مع الابقاء علي سياساته الاقتصادية والاجتماعية وتوجهاته الطبقية التي تتعارض مع مصالح الجماهير االتي تهدف الي التغيير الجذري للنظام وفتح الطريق للتحول الديمقراطي وقف الحرب  وعقد المؤتمر الدستوري الذي يؤدي للحل الشامل، ووقف التدهور الاقتصادي والمعيشي.
كما هو واضح توفرت الظروف الموضوعية لزوال النظام، ويبقي ضرورة الاسراع في انضاج العامل الذاتي الذي يتعلق برفع قدرات قوي المعارضة  والحركة الجماهيرية علي المقاومة ومواصلة المعركة والتراكم النضالي اليومي حتي اسقاط النظام.
الطريق الي اسقاط النظام يتطلب دراسة طبيعة النظام واستنهاض حركة الجماهير حول قضاياها اليومية، فما هي طبيعة النظام؟
*معلوم أن النظام الحالي منذ سطوه علي السلطة بعد انقلاب 30 يونيو 1989م تبني سياسة الاقتصاد الحر في ابشع صوره، وخصخصة القطاع العام، و تبني (روشتة) صندوق النقد الدولي بسحب الدعم عن التعليم والصحة والخدمات والسلع الأساسية، وهي سياسات افقرت الشعب السوداني بحيث اصبح 95% منه يعيش تحت خط الفقر، حتي اصبحت الحياة لاتطاق تحت ظل الارتفاع الجنوني للاسعار وتكاليف المعيشة مع تدهور الاجور وانخفاض قيمة الجنية السوداني، وانتشار الفساد بشكل غير مسبوق في البلاد، كما دمرت هذه السياسات القطاع العام عن طريق الخصخصة، وتم تدمير وبيع مرافق السكة الحديد ومشروع الجزيرة والنقل النهري ، وبيع اراضي السودان الزراعية للشركات الأجنبية، وتدمير القطاعين الزراعي والحيواني والصناعي. ولم يتم تخصيص جزء من عائدات النفط لدعم الزراعة والصناعة والتعليم والصحة والخدمات حتي تم فقدان 75% من عائداته بعد انفصال الجنوب، كما تم تدمير الخدمة المدنية من خلال تشريد الالاف من الكوادر المؤهلة والمدربة لاهداف سياسية، وادخال نظام التعذيب الوحشي حتي الموت للمعتقلين السياسيين، كما عمّق التفرقة العنصرية ومزق وحدة البلاد وفرط في سيادتها الوطنية( احتلال حلايب من قبل مصر، وأجزاء من شرق وجنوب شرق السودان بواسطة اثيوبيا وكينيا..)، وتم فصل جنوب السودان ، اضافة لاشعال الحروب العرقية في دارفور وجنوبي النيل الأزرق وكردفان وابيي.
ويعبر هذا النظام عن مصالح شريحة رأسمالية اسلاموية طفيلية فاسدة حتي نخاع العظم   
، وتناسلت وتكاثرت داخل تلك البحيرة الراكدة التنظيمات السلفية الارهابية التي تكّفر رموز الحركة السياسية السودانية المعارضة للنظام، وتهدم القباب وتحرق الكنائس، وتعمق الخطاب العنصري الاستعلائي الذي يفتح الطريق للابادة الجماعية للمجموعات العرقية غير العربية في هامش البلاد.
هذا اضافة لفرض مناهج للتعليم تكرس لايديولوجية التنظيم الاحادية وضيقة الافق، وتضخيم الاجهزة الأمنية وزيادة ميزانيتها لتصل الي اكثر من 75% من الميزانية العامة وتقليل ميزانيتي التعليم والصحة، والصرف الضخم علي جهاز الدولة والاعلام المتضخم وارتباط الحزب بالدولة ، والسيطرة علي النقابات وربطها بالدولة عن طريق مايسمي بنقابة "المنشأة " وتزوير انتخابات نقابات العاملين والمهنيين واتحادات الطلاب والانتخابات العامة، واستخدام العنف وحرق الجامعات في حالة السقوط في انتخابات اتحادات الطلاب كما حدث في جامعتي سنار والبحر الأحمر، وصرف من لايخشي الفقر علي تلك المهازل المسماة زورا انتخابات، اضافة لتوسيع قاعدة القمع بذرائع ايديولوجية والمضايقات الشخصية للمواطنين واصحاب الديانات المسيحية وكريم المعتقدات عن طريق مايسمي بقوانين النظام العام، وتحويل حروب جنوب النيل الأزرق وكردفان ودارفور الي حروب دينية.
ومن سمات النظام نقض العهود والمواثيق كما حدث في اتفاقيات السلام من الداخل ، وجيبوتي ونيفاشا والقاهرة وابوجا، والدوحة.
فشل الحلول الثنائية وضرورة تصعيد النضال الجماهيري
والآن مع بداية التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية – قطاع الشمال، رحب الجميع بالتفاوض الذي يفتح الطريق لوقف الحرب وفتح الممرات امام المساعدات الانسانية، وعودة النازحين الي قراهم وتوفير كل الحماية لهم من اجل الدخول مرة اخري في عملية الانتاج الزراعي والتعويض العادل لهم. كما يأمل المواطنون عدم تكرار الاتفاق الثنائي الذي تم في نيفاشا والذي ادي لفصل الجنوب واعادة انتاج الحرب.
بعد تجربة اتفاقية نيفاشا التي استبعدت القوي السياسية، لابد من خلق اوسع حركة جماهيرية لمنع تكرارها ، وضرورة اشراك كل القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني في المفاوضات وقفل الطريق أمام أي تمزيق جديد للوطن بسبب سياسة النظام الاحادية.  
كما يتطلب الأمر مواصلة تشديد النضال من اجل انتزاع الحريات والحقوق الاساسية مثل حرية الصحافة والمواكب السلمية والغاء القوانين المقيدة للحريات.ومواصلة النضال من اجل توفير ضروريات الحياة وحل ازمات شح الغاز والدواء وارتفاع اسعار خدمات العلاج والتعليم والرسوم والضرائب. وكشف الفساد والمفسدين، وحماية الميادين العامة، وضد بيع الاراضي.
كل ذلك يتطلب توسيع وتعميق الانتفاضات والاحتجاجات الجماهيرية التي اصبحت متنامية والتي من خلال تراكمها تفضي الي الانتفاضة الشاملة ضد النظام.


alsir osman [alsirbabo@yahoo.co.uk]

 

آراء