الصادق المهدى لـ«المصري اليوم»: تجربة الإخوان المسلمين فشلت ومزقت السودان
أكد رئيس الوزراء السودانى الأسبق، زعيم حزب الأمة، الصادق المهدى أن هناك اهتماما سودانيا وعربيا بأن تحل مصر مشاكلها، وتحقق الاستقرار، وتحافظ على الديمقراطية. وقال المهدى فى حوار مع «المصرى اليوم»: «إن ما يحدث فى مصر من محافظة على الديمقراطية يساهم فى نشر الديمقراطية فى المنطقة كلها، وأشار زعيم حزب الأمة إلى أن حل الأزمة السياسية فى مصر لن يتم إلا عن طريق التراضى بين القوى المدنية والإسلامية»، وأضاف لن يتم الخروج من الأزمة فى مصر بـ«ضربة قاضية» يسددها فريق للآخرين.
وفيما يلى نص الحوار:
* نقترب من عام على تولى الإخوان المسلمين الحكم فى مصر.. فكيف تقرأ المشهد السياسى فى مصر فى ظل هذه التعقيدات التى نشهدها حالياً؟
- فى ٢٥ يناير ٢٠١١ حدثت ثورة عظيمة فى مصر، ولكنها لم تكمل دورتها، باعتبار أن الثوار عادة بعد إحداثهم التغيير يستولون على السلطة ليضعوا سياسة الثورة وأهدافها، ولكن هنا فى مصر لأن الثورة كانت طبيعتها «تلقائية» أكثر من كونها مخططا لها، لم يكن هناك تخطيط للإطاحة بالنظام وبناء معالم نظام جديد، ولذلك آلت الأمور إلى المؤسسات الموجودة، وإلى التنظيمات المعروفة والموجودة حسب استعدادها، وأدى هذا إلى أن سلطة الحركات الإسلامية التى استطاعت أثناء الحكم الديكتاتورى أن تجد لنفسها استمراراً فى شكل نشاط دينى واجتماعى، وأصبحت لديها تنظيمات متقدمة على القوى الأخرى، ولذلك عندما جاءت الانتخابات كان من الطبيعى ودون أى تزوير أن تتولى هذه التنظيمات الإسلامية أمر الحكم، لكن معروف أن هناك استقطابا حادا فى الرأى العام المصرى، والتيارات الإسلامية تمثل شعبية عريضة، وهناك تيارات أخرى تمثل تطلعات مدنية وليبرالية واشتراكية، وكذلك تمثل رؤية دينية مختلفة مثل الأقباط بمعنى أن هناك رأيا آخر، وفى هذا الإطار لا يكفى أن تحل الأمور فقط على أساس الحساب الانتخابى، لأن هناك قوى ذات منطلقات لا يمكن التعامل بينها إلا على أساس مشروع من «التراضى»، والحكم الموجود حاليا لديه شرعية دستورية، ولكن القوى الأخرى لديها كذلك موقف من الاعتراض على البرنامج الإسلامى من منطلق مصالحها المدنية والدينية.
* وكيف ترى محاولات كل من التيارين الدينى والمدنى فى مصر لأن يفرض أى منهما رؤيته على التيار الآخر؟
- فى تقديرى لن يستطيع أى من هذين التيارين أن يمحو الآخر، لنفرض على سبيل المثال أن القوى المدنية استطاعت أن تسقط الإخوان، فالإخوان سيكونون أقدر على المعارضة منهم على الحكم، ولذلك إذا أزيح الإخوان من السلطة، فهذا لا يعنى أن القوى المدنية تستطيع فى هذه الحالة أن تحكم بشكل مستقر، فلهذا نحن نرى أنه لابد من مستوى جديد من «التراضى» بين كل القوى الإسلامية والمدنية فى مصر، وفى الإطار الحالى فإن التراضى يمكن أن يقوم على أساس ما طرحناه نحن فيما سميناه «نداء الكنانة»، وهو بخلاصة شديدة يقوم على أن القوة السياسية الحاكمة تقول «نحن على استعداد أن نقبل تعديلات أساسية فى الدستور.. وعلى استعداد أن نقبل الاتفاق على المواعيد المناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة.. وعلى استعداد أن نقبل حكومة فى الفترة الانتقالية تكون حكومة تراضٍ بمعنى أن تمثل فيها كل القوى، أو تكون حكومة تكنوقراط»، وفى المقابل مطلوب من قوى المعارضة سواء الإنقاذ أو القوى الشبابية أن تقول «نحن على استعداد لثلاثة أشياء أولاً الاعتراف بشرعية الحكم الموجود.. ثانياً لا تغيير بوسائل غير دستورية.. ثالثاً استبعاد أى فكرة لدور القوات المسلحة»، وفى رأيى يجب أن نحرص جميعا على إبعاد القوات المسلحة المصرية عن الصراع السياسى، فحالياً الجيش المصرى يكاد يكون ما تبقى من الجيوش العربية، ففى سوريا الجيش السورى فى حالة يرثى لها.. وفى العراق وفى اليمن، والجيش المصرى يكاد يكون الأكثر تماسكا وسلامة من الجيوش العربية كلها، ولذلك لابد أن يحافظ على هذا الأمر، وهذا أمر لا يمكن حدوثه إذا تم الزج بالجيش المصرى فى العمل السياسى.. ولذلك يجب أن يقال «إن القوات المسلحة هى حامية الوطن، وتحافظ على الضبط والربط، ونبعدها عن الصراع الحزبى القائم».
وأنا فى رأيى أن هذه المطالب الثلاثة سواء من السلطة الحاكمة فى مصر، أو المعارضة يمكن أن تكون الأساس لوفاق وطنى فى مصر.
* محاولتك التوسط بين الإخوان وجبهة الإنقاذ تثير العديد من التساؤلات حول الهدف من هذه الوساطة؟
- نحن كسودانيين وكمسلمين وعرب وأفارقة مهتمون جداً بحل مشاكل مصر، وتحقيق الاستقرار، والمحافظة على الديمقراطية داخلها، لأننا نعتقد أن ما يحدث فى مصر من محافظة على الديمقراطية يساهم فى «اندياح» الديمقراطية فى المنطقة كلها.. وفى رأيى هذا ممكن تحقيقه، ولكن حتى أستطيع أنا أو غيرى من المعنيين جداً بالاستقرار فى مصر أن نقوم بدورنا فى الوساطة، والنصح يجب أن يتأكد لنا أن جميع الأطراف تقبل هذه الوساطة.
* وأين انتهت وساطتك؟
- أقوم بالفعل باتصالات مع جميع القوى السياسية المصرية، ولحسن الحظ أنه فى أثناء نظام الرئيس السابق حسنى مبارك استطعت أنا وغيرى من السودانيين بناء علاقات وثيقة مع كل القوى السياسية الإسلامية والمدنية فى مصر.. فقد كنا نجتمع باستمرار مع هذه القوى فى القاهرة، وهذا يعطينا فرصة أن نتكلم مع جميع هذه القوى، ونعطيهم النصيحة، وسنفعل ذلك، وأعتقد أنه فى مرحلة معينة سأوجه خطابا مفتوحا للقوى السياسية فى مصر، كل ذلك لمحاولة الوصول لمخرج بالتراضى باعتبار أنه لن يتم الخروج من الأزمة فى مصر بـ«ضربة قاضية» يسددها فريق للآخرين، وما نفعله لا نعتبره تدخلاً فى الشؤون الداخلية لمصر، بل على العكس ففى مثل هذه القضايا مصيرنا واحد سواء فى السودان أو مصر، ونحن نطلب أيضاً من هذه القوى المصرية أن تقوم بدور فى السودان على أساس أن السودان فى محنة ويحتاج لنصح من أشقائه للخروج من مأزقه، فلقد صرنا كسودانيين ومصريين فى هم هذه القضايا «موحدين»، ونحتاج لرؤية حكماء حتى نرى كيف نجد مخرجا فى مصر لا يقوم على مواجهات وفى السودان كذلك، حتى نستطيع فى إطار وجود ديمقراطية فى مصر والسودان أن ننطلق بعلاقات تكاملية مبنية على المصالح المشتركة، التى تؤسس على تراضٍ شعبى نعتقد أنه ممكن.
* هل تعتقد أن نظام الإخوان المسلمين فى مصر يسير على نفس نهج «الإنقاذ» فى السودان فى إقصاء الآخرين؟
- فى رأيى الظروف مختلفة فى كلتا الحالتين.. فنظام الإخوان المسلمين فى مصر جاء عن طريق خلفية مختلفة عن نظام الإنقاذ فى السودان، فمثلاً نحن فى السودان لم نكن نعامل الإخوان المسلمين بأى درجة من التعذيب والعقوبة والإساءة.. بالعكس كنا نتعامل معهم بطريقة مختلفة جداً فيها الاستقبال والترحيب، ولكن فى مصر الإخوان المسلمون أخذوا على «رأسهم ضربا فظيعا»، فعندما نقرأ «البوابة السوداء» لأحمد رائف وما كتبه أحمد شلبى فى موسوعة «التاريخ العربى»، نرى أنه حدث نوع من البطش الشديد فى معاملة الإخوان المسلمين، وهذا بالتأكيد أدى إلى ترسب حالة من المرارة، فهنا فى رأيى عنصر مختلف، فى السودان لم تكن هذه الحالة.
والإخوان المسلمون فى مصر أتوا للسلطة عبر «الصناديق».. وفى السودان أتوا عبر «الدبابة»، ولذلك هناك اختلاف، لكن مع هذا فإن الإخوان المسلمين فى السودان وفى مصر عندهم مشكلة فى التعامل مع المجتمع المدنى، ومع التنوع الدينى، ففى هذا الجانب هناك موقف مشترك بينهم، ففى السودان حدث فشل فى التعامل مع الاختلاف الدينى، وفى التعامل مع الاختلاف المدنى، ولذلك فالسودان الآن فى موقف نستطيع أن نقول عنه «التجربة فشلت فشلا تاما».. تمزق السودان وتعرضه الآن لـ٦ جبهات قتال.. فى عزلة من الأسرة الدولية.
* هل من الممكن أن تتخذ جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وتونس من النظام السودانى نموذجاً لتطبيقه؟
- فى تقديرى كل الحركات الإسلامية التى جاءت للسلطة عن طريق الانتخابات سواء فى تونس أو القاهرة تدرك الآن أنه ينبغى تجنب التجربة السودانية فى التعامل مع الخلافات المدنية والتعددية الدينية والأسرة الدولية.
ولأن الخلاف بين القوى المدنية والقوى الإسلامية فى مصر وصل إلى درجة من الاستقطاب الحاد تحول دون التفكير الموضوعى، ولهذا نحن نقول إنه إذا تهيأت الظروف لسيادة التفكير الموضوعى، فالحركة الإخوانية فى مصر والحركة الإخوانية فى دول الربيع العربى سوف تتعامل مع التجربة السودانية من باب تجنب التجربة لا الاقتداء بها، وللأسف الاستقطاب الحاد يدفع الحركة الإخوانية المعنية إلى شىء أقرب للتجربة السودانية، وهذا أمر نحن نريد أن نتجنبه، لأنه إذا سادت ظروف موضوعية ستتم الاستفادة من التجربة السودانية من باب تجنب وسائلها، ولكن إذا حدث الاستقطاب الحاد، وأرادت السلطة أن تتحول إلى سلطة إقصائية، فالسلطات الإقصائية وسائلها واحدة، وفى رأيى هذا سيكون «إخفاقا»، ولهذا نحن حريصون على وقف هذه اللغة الاستقطابية الحادة المزعجة، لأنها تجرد الجهات المعنية من التفكير الموضوعى.
* لكن المؤشرات الموجودة على الأرض تشير إلى أن نظام الرئيس مرسى فى مصر يحاول الاقتداء بتجربة الرئيس البشير، خاصة فيما يتعلق بما يعرف بـ«الأخونة»، ومحاولة السيطرة على جميع مفاصل الدولة؟
- وارد أن يكون فى هذا اتهام، ولكن أنا رأيى إذا تحقق فى مصر مشروع تراضٍ فمن الممكن أن يتفق على هذه القضايا كلها، بمعنى أنه من الممكن تجنب الخندقة وراء الأخونة، لأنه فى النهاية فكرة «التمكين»، كما يطلق عليها فى السودان جاءت بنتائج عكسية، فأنت تستطيع أن تتخندق داخل حزبك، ولكنك بهذا ستفرض على الآخرين الاستقطاب ضدك، والنتيجة فى النهاية لن تكون ناجحة، وإذا أمكن الاتفاق على مشروع التراضى بين كل القوى السياسية فى مصر، فيمكن أن يدخل فى إطار هذا المشروع أيضا كيفية التعامل مع هذا الملف باحترام المؤسسات مثل القضاء والقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، بمعنى أنه إذا كان هناك «تراضٍ» فيمكن الاتفاق على احترام مؤسسية هذه المؤسسات.
* البعض يتحدث حاليا عن إنشاء ميليشيات خاصة.. وهذا يدخلنا فى صراع من نوع جديد فى مصر.. فكيف ترى هذا الأمر؟
- أى حديث عن ميليشيات سيأتى بنتائج عكسية، حيث ستخسر بموجبه القوات النظامية، وفى رأيى أن هذا الأمر يمكن أن يدخل فى عملية «التراضى»، والاعتراف بأن هناك مؤسسات قومية «القضاء – القوات المسلحة – قوات الأمن – الخدمة العامة»، وأى محاولة للجوء لميليشيات خارج هذا الإطار فى رأيى ستدمر هذه المؤسسات القومية، وستزيد الأمر خطورة بأن كل جهة ستعمل لنفسها قوات ضاربة، وهذا ما حدث فى السودان، حيث يوجد به ٥٠ فصيلا مسلحا، والسبب هو نزعة «حزبنة السلاح»، فالسلاح يجب أن يكون منضبطاً قومياً، فأى نظرة لـ«حزبنته» ستؤدى إلى أن كل الأطراف وهى كثيرة جداً مثل «الأقباط والنوبة وسيناء» سيفتح أمامها الباب أيضا للتسلح مثلما حدث فى السودان، ففكرة أنك تنشئ لنفسك ميليشيات مسلحة محزنة، فالخطوة الثانية بعد كل الخلاف السياسى هي الانتقال إلى السلاح، وفى النهاية لن تتحقق أى فائدة، والأفضل أن تحسم الأمور بالسياسة وليس بالأمور العسكرية.
وفى رأيى التجربة السودانية من هذه الناحية مفيدة جدا، لأن النظام السودانى أدرك حالياً أنه كلما أنت حرست موقفك السياسى بقوة منحازة لك، ستخلق سابقة للآخرين أن يفكروا فى التغيير بقوة منحازة لهم، فكما ذكرت لك فى السابق لدينا الآن فى السودان ٦ جبهات قتال و٥٠ فصيلا مسلحا، وهذا كله بسبب أنك حاولت أن تحرس برنامجك الحزبى بقوة مسلحة حزبية.
* أرى فى حديثك حالة من التفاؤل بقرب التوصل إلى توافق بين القوى السياسية المختلفة فى مصر، ما سببها؟
- أنا متفائل إذا كانت هناك ديمقراطية، وإذا استمرت الحالة الديمقراطية فكل هذه المشاكل سيتم التوصل لحلول لها، الخطر والخطأ إذا كانت هناك جهة «زهقت» من الديمقراطية وفكرت بطريقة انفرادية، وحاولت فرض رأيها سواء بميليشيات أو غيرها، وهذا أمر قد يحدث، ولكن فى رأيى لن ينجح لأن الشعب «انعتق»، وميدان التحرير أصبح مؤسسة، وليس مجرد مكان، مؤسسة أصبح لها دور فى العالم كله، فلقد أصبح آلية شعبية خارج المؤسسات، للتعامل مع العمل السياسى، وأى جهة تحاول أن تنفرد بالسلطة ستجد نفسها أمام إحياء لدور ميدان التحرير، ولقد أصبح هناك أيضاً حزب ليس له قيادة وليس لديه برنامج محدد، وهو «حزب الشباب»، ويعبر عن نفسه عبر «فيس بوك» وتويتر وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعى، وهؤلاء يمثلون قوة لديها أهداف ووسائل، وكل هؤلاء سينقضون عليك إذا حاولت أن تجرد الشعب والبلاد من الحرية والتطلعات الشعبية، وأنا متفائل طالما هناك حرية وديمقراطية، فكل الأطراف حتى المخطئة الآن ستجد نفسها أمام ضرورة تصحيح أخطائها.
* إذا انتقلنا إلى ما يحدث فى السودان، فهل تعتقد أن الرئيس السودانى عمر البشير سيفى بوعده بعدم الترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
- أعتقد أن حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان ستكون لديه مشكلة كبيرة جداً دون البشير، لأنهم بنوا شخصية البشير، وهى سبيلهم إلى الكسب بطريقة انفرادية، وإذا افترضنا أن البشير يرغب بالفعل فى عدم الترشح من جديد للرئاسة، إلا أن الحزب يرى أن وجود البشير ضمان لمصالحة.
وإذا عدنا قليلا إلى الوراء سنجد أن البشير ليس الأول من الرؤساء، الذى ذكر أنه لن يقوم بترشيح نفسه، فقد سبقه الرئيس المصرى السادات الذى أعلن فى مرحلة ما أنه لن يقوم بترشيح نفسه، لكنه ترشح للرئاسة، وكذلك الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح أعلن كذلك أنه لن يرشح نفسه وترشح بعدها، معنى هذا أن السجل المعروف هو أنه مهما أعلن الرئيس ذلك، فمن الممكن أن تقوم جهات معينة ذات مصالح فى استمراره بتغيير هذه المعادلة.
* هل تقصد أن هناك جهات قد تمارس ضغوطاً على البشير لإثنائه عن قرار عدم الترشح؟
- نعم.. لكن القضية فى السودان لم تعد فى ترشح البشير أو عدم ترشحه، فالقضية أصبحت فى أن النظام كله يجب أن يتغير، فطرح المسائل فى السودان فى أن يستمر البشير أو لا يستمر فى رأيى هو طرح غير واقعى، النظام كله الآن فى حالة إخفاق تام، ولابد من «صبه جديدة» بمعنى نظام جديد، فلن يعالج مشاكل السودان، ويوقف الحروب الكثيرة والاستقطاب الحاد فى الجسم السياسى السودان إلا نظام جديد.
* وبأى طريقة يمكن أن يأتى هذا النظام الجديد فى الخرطوم؟
- النظام الجديد سيأتى فى تقديرى عن طريق خطوات واضحة، على رأسها أن تتفق هذه القوى، وهى فى سبيلها أن تتفق على معالم النظام الجديد، ثانى هذه الخطوات هى الضغط المجرد عن العنف، وبالمناسبة هناك كثيرون لا يستطيعون تفهم كون الحاكم الاستبدادى أفضل له أن يقاوم عن طريق العنف، لأن هذا الأمر يعطيه المبرر لاستخدام البطش، ولكن يمكن تجريده من هذا السلاح إذا تم التأكيد على استخدام الوسائل السلمية، صحيح أن هذا الحاكم الاستبدادى لن يسمح لك باستخدام هذه الوسائل السلمية ويبطش بك، ولكن هناك فى السودان الآن العناصر التى تتطلع لنظام جديد لم تعد فى المعارضة التقليدية صارت موجودة معارضة مسلحة، وصارت موجودة داخل القوات المسلحة السودانية، وصارت موجودة من داخل الحزب الحاكم نفسه، فالتطلع للنظام الجديد فى السودان صار فى رأيى الآن واسعا جدا، وليس كما كان فى المعارضة التقليدية.
وإذا كانت القيادة السياسية برمجت نفسها بطريقة واعية يمكن أن تحقق أهدافها عن طريق الاتفاق على معالم النظام الجديد، وثانيا التفاوض مع النظام الحالى حتى يدرك أن الحل لن يعزل منه أحد، وثالثا الضغط الشعبى عن طريق الاعتصامات فى كل ميادين السودان وأمام سفارات السودان فى الخارج، هذه كلها يمكن أن تكون وسائل آمنة أو غير دموية للسعى لتغيير النظام.
وهناك إحساس بأن النظام السودانى أخفق فى القضايا، التى طرحها كشعار له، فهو قد جاء بهدف إنقاذ السودان كما ادعى، لكنه ورط البلد فى أشياء كثيرة جداً، ولذلك فإن الظروف مواتية حالياً للعمل من أجل هذا النظام الجديد فى السودان، ونحن لا نطرح الأمر فى إطار ترشيح البشير نفسه فى الانتخابات المقبلة أو لا، وإنما فى إطار نظام سودانى جديد كما ذكرت لك