كان الله في عون الشعب

 


 

 


كيف لا

تصدر عبارة (كان الله في العون) عادة عندما  يشتد الأسى فيقولها الشخص مواسياً بها نفسه لاجئاً إلى الله تعالى بأن يكون عونه وسنده بعد أن فقد العون من الناس . كما  نجدها بصداها التسليمي هذا وبصيغة الجمع المؤكد تندرج كثيراً كاستخدام سياسي عند نهاية أخبار محبطة ومؤلمة تعبيراً عن الحال التي أوصل فيها الحكام شعوبهم . ولكن هذه المرة انتهى بها تحليل  كتبه الأستاذ عبد الماجد حسين كبر من تنظيم (سودانيون من أجل السلام والديمقراطية)  ، تعقيباً على خطاب الرئيس عمر البشير في مجلس شورى المؤتمر الوطني الجمعة الماضي الموافق 21 يونيو الجاري  بمركز الشهيد الزبير .
عبّر عبد الماجد كبر عن تبرمه وضيقه عن طول انتظاره في أن  يأتي الحل الشامل للأزمة السودانية من أي جهة كانت، ولكن وإزاء هذا الصبر الجميل لم يظهر الفرج ولم تلح في الأفق أية بادرة أمل في التغيير المنشود الذي ظل ينتظره لسنوات . ووصل عبد الماجد إلى نتيجة مفادها هو أنّ ما يحدث من صراعات وحروب ليس من أجل الحريات والديمقراطية وإنّما من أجل المصالح الشخصية ، وفي رأيه أنّ هذا هو السبب الذي جعل الشعب السوداني لا يتفاعل مع الحكومة لنبذ المعارضة ، كما جعل نفس الشعب لا يستجيب لدعوات المعارضة بالخروج على الحكومة .
وإزاء هذا الجمود قام عبد الماجد بإنشاء تنظيم عبّر في ديباجته عن مهام وأهداف التنظيم : "فُرض علينا خيارين في السودان حتى الآن وهما إما القبول بهذه الحكومة بكل سلبياتها والاستمرار في المأساة والمعاناة الى ما شاء الله أو دعم أحزاب المعارضة والحركات المسلحة التي لا تعمل من أجل المواطن . هذا ما كان عليه المشهد السياسي قبل ظهور تنظيم سودانيون من أجل السلام والديمقراطية الذي يمثل الآن الخيار الثالث والبديل الذي يتطلع إليه كل السودانيين . نحن التنظيم الوحيد القادر على إحداث التغيير في السودان لأنّ أهدافنا وتوجهاتنا بنيت على آراء المواطنين ووسائلنا وسياساتنا بنيت على تفادى الفشل في إحداث التغيير خلال العقدين الماضيين ".
يستحق زعيم تنظيم (سودانيون من أجل السلام و الديمقراطية ) التحية ، وذلك لأنّه جاء بتنظيم يتبرأ من الجميع وأفعالهم ، فهو ليس  مع الحكومة ولا مع المعارضة ولا حتى مع الأغلبية الصامتة . إنّ الحقيقة الماثلة أمامنا من تخوف الشعب السوداني من التغيير هي حقيقة واحدة لا ثاني لها وهي عدم الثقة في ذلك الآتي إلى الحكم . كيف يضمن الشعب أنّ الآتي هو الأصلح والأجمل ، وهل باستطاعته  تجربة ما مقداره ربع قرن آخر من الزمان ، وهل في طاقته تحمّل حكومة أخرى من المعارضة من غير صكوك ضمان بأنّها ستكون كما ظلت تنادي  به، وهل من يسند ظهره على كرسي السلطة كمن يسند ظهره على كرسي النضال؟ وإن كان الشعب لا يثق بكيانات وأحزاب سياسية فيها ما هو أعرق من حزب المؤتمر الوطني ، وفيها ما نشأ معه وما انشطر عنه فكيف يثق بكيان سياسي مولود اليوم لا يحمل في جعبته ما يقنع به الشعب السوداني غير أنّه الأفضل وأنّ الانضمام إليه هو الوسيلة الوحيدة للتغير .
كفانا تنظيمات وأحزاب وجبهات، نريد أفعالاً دون شعارات ، نريد ديمقراطية وحرية يتنسمها الجميع، تصبح زادنا ورواءنا، ليست محبوسة بين جُدُر المنافي الرطبة ، ولا في جوف الكمبيوترات الخرساء.
(عن صحيفة الخرطوم)
moaney [moaney15@yahoo.com]

 

آراء