كيف لا
moaney [moaney15@yahoo.com]
على نحو ما تتحقق مقولة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل، الخطيب المفوّه وأحد أهم الزعماء في التاريخ السياسي الحديث :" الديمقراطية هي أسوأ نظام إذا استثنينا النظم الأخرى". وتتنزل هذه المقولة على الحالة المصرية بعد أن ناءت بكلكلها سنة واحدة في ظل نظام ديمقراطي وأثقلت كاهل الثورة التي دفع ثمنها شباب مصر وأهلها. فتحوّل المرجو من النجاح إلى إخفاق وتحولت الحريات إلى قمع وتشدد، وآلت الدولة بمؤسساتها إلى إقطاعية مملوكة للإخوان المسلمين وأعوانهم وأقربائهم. النتيجة الأنصع من مقولة تشرشل هي أنّه ليست المشكلة في وجود نظام ديمقراطي بالرغم من أنّ كثيراً من المحللين السياسيين يعتبرون هذا النظام هو أحسن السيئين ، ولكن المشكلة فيمن يتسنّم دفة الحكم فيه.
بعد كل ما شهدته مصر من حراك شعبي نحو الديمقراطية وإشاعة الحرية ، وبعد أن هبت ثورة 25 يناير والتي كان قوامها الشباب من الجنسين ومن مختلف التوجهات السياسية والانتماءات الأيديولوجية جاء تنظيم الإخوان في مصر ونسف كل أحلام هؤلاء في إقامة دولة مدنية . بعد عامين ونصف من الثورة ، وبعد عام واحد من فوز مرشح الإخوان د. محمد مرسي بانتخابات الرئاسة المصرية، أعلنت القوات المسلحة انضمامها إلى الشارع في 30 يونيو وتم بموجب ذلك عزل الرئيس محمد مرسي وتسليم رئيس المحكمة الدستورية (عدلي منصور ) مهمة رئاسة الجمهورية بشكل مؤقت لفترة انتقالية، لحين قيام انتخابات تعيد الديمقراطية إلى مسارها الصحيح والذي من المفترض أن يوصل مصر إلى حكم مدني .
لم تفشل الثورات الثلاث المكتملة في تونس ومصر وليبيا لأنّ التحول النوعي الذي حدث كان أكبر من المتوقع. فحينما ثار محمد البوعزيري في تونس كان رافضاً بغضب مكبوت في صدور الشباب العاطلين عن العمل، لكل أنواع الظلم الاجتماعي ،فصرخ في وجه الظلم ثائراً لكرامته الإنسانية وكرامة مجتمعه فتحول المطلب الاقتصادي الاجتماعي مؤسساً لمشروع تحول نوعي في الحياة السياسية مهيئاً الطريق للتحول الديمقراطي. ولم تفشل الثورة في مصر بالذات لأنّ الشباب أشعلوها ولكن اختطفتها حركة الإخوان وأرادت أن تدخل المصريين بيت الطاعة فانتفض هؤلاء لتصحيح مسار الثورة وبحماية القوات المسلحة التي يرجو العالم ألا تطول مدتها وألا تتحول إلى فعل ورد فعل يتمثل في العنف والعنف المضاد.
هناك جدل واسع بين المثقفين والمحللين السياسيين حول أفضلية المستبد العادل على الحاكم الذي يأتي عن طريق نظام ديمقراطي. وكلمة المستبد عندما تقترن بكلمة العادل في التراث العربي الإسلامي تعطي انطباعاً ومعنىً إيجابياً عكس ما تعطيه الكلمة مجردة من معنى سلبي مروّع يعني القمع والطغيان. وهذا التراث بعض منه استشف من موروث الخلافة الراشدة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي تميز بالقوة والحزم وأحياناً الصرامة مع العدل. وهذا المصطلح استلف ليتجاوز فوضى الديمقراطية ويقيم بالقوة نظاماً يحقق السلام والتنمية ويضبط إيقاع مؤسسات الدولة المختلفة. ولذا لم يكن في ضعف وفشل الرئيس محمد مرسي واستقوائه بجماعته من مبرر لبقائه في السلطة ، فاتجه الشعب للجيش ليضمن له الحماية المؤقتة بحزمه وحسمه.
إنّ حظ محمد مرسي في رئاسة مصر، صنعه الفريق أحمد شفيق الذي كان منافسه على منصب الرئاسة، كما صنعه خيرت الشاطر مرشح الإخوان الأول الذي تم استبعاد انتخابه لأسباب دستورية، ولولا هؤلاء لما استطاع الدكتور محمد مرسي دخول قصر الاتحادية ولا استطاع اخوانه مواصلة فعالياتهم في ميدان رابعة العدوية .