الثورية في باريس .. بلا تطعيم
كفى بك داءً
يطوف وفد من قيادات الجبهة الثورية هذه الأيام عواصم أوروبية، أولها باريس، بغرض حشد الدعم الدبلوماسي لاقتراح عقد مفاوضات شاملة بين الجبهة والحكومة ، حدد غرضها مالك عقار بقوله: "الوضع في السودان غير قابل للإصلاح. الحد الأدنى والأقصى بالنسبة لنا هو ذهاب هذا النظام". وقيادات الجبهة في باريس أعلنت الحكومة الفرنسية مخططا لإعفاء ما لها من ديون على خمس دول افريقية منها السودان، قرار استقبلته الخارجية بكل حبور داعية الدول الأوروبية الأخرى لإتباع سنة فرنسا. أكد المتحدث بإسم وزارة الخارجية، أبو بكر الصديق، أن الخرطوم أكملت كل الشروط الفنية لإعفاء الديون تحت مظلة مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون مذكرا المجتمع الدولي بوعده إعفاء ديون السودان الخارجية جزاء للخرطوم على تنفيذ اتفاقية السلام الشامل.
تزور قيادات الجبهة من حركات دارفور المسلحة باريس بعد مباراة بيانات بينها ومجلس السلم والأمن الافريقي. حث المجلس في بيان له الشهر الماضي الحركات على قبول التفاوض مع الحكومة فورا وبغير شروط على أساس من وثيقة الدوحة للسلام في دارفور رفقا بسكان الإقليم الذين تزعم الحركات تمثيلهم كما قال البيان. رد الجبهة جاء على لسان أبو القاسم إمام الذي اتهم المجلس بالوقوف إلى جانب الجناة بدلا من الضحايا. قال إمام: "يؤسفنا أن المجلس يدعم القتلة والمجرمين" و"كان أحرى به مساندة أمر المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على رئيس النظام."
على مستوى آخر، لم تفلح لجنة أمبيكي في إقناع الحكومة والحركة الشعبية بترك التزيد في شأن حملة التطعيم ضد شلل الأطفال المنتظرة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة في جنوب كردفان والنيل الأزرق. دعى أمبيكي الحكومة والحركة إلى اجتماع في أديس أبابا في 4 نوفمبر لبحث التفاصيل "الشيطانية" الخاصة بالحملة. تأبت الحكومة وأعلنت وقفا لإطلاق النار من جانب واحد أشهدت عليه أطراف المبادرة الثلاثية، الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، كمثل الذي أعلنته الحركة الشعبية في سبتمبر الماضي، أما التطعيم فتلقوه يا عيال عند الغافل.
الجبهة الثورية في أوروبا مكشوفة الظهر الافريقي سوى غزل كثير الشروط من مصر السيسي تبحث عن الذي ضاع منها بحوض النيل تحت شعاع باهت على شاطئ السين. لو عرضت هذه الخطة يا ياسر ومالك على المرحوم جون قرنق لردها إليكما بتهكم فصيح، فماذا ترجوان من حزب الخضر الفرنسي هذه الساعة وأديس أبابا خطوطها عن الجبهة مشغولة وكذا أسمره وفوق هذه وتلك جوبا. الجبهة الثورية التي تصافح بيد اليسار الفرنسي وبأخرى اليمين الأميركي وتتأفف بالنفس الحار من مجلس السلم والأمن الإفريقي قد تجد نفسها على حين غرة في محل M23 الكنغولية، قاطعة مويه وكهرباء. عاب المرحوم عبد الخالق محجوب على زعماء الحركة الوطنية الذين كانوا يترددون على مصر أوان مقامه فيها طالبا أنهم كانوا يعارضون الاستعمار بغير هدى من نظرية سياسية تفسره، أكتفوا بإثارة العواطف ضد المستعمرين الأجانب دون أن يجني الشعب المؤيد لهم ما كان يصبو إليه، ولا حتى التطعيم يا أب دومة.
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]