الشعبي.. (العرجاء) تقترب من (مراحها)
من داخل دار اتحاد المحامين، رفع زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي، الأسبوع الماضي، الراية البيضاء، معترفاً بانتصار (القصر) في صراعه مع (المنشية)، بإعلانه عجز حزبه ـ الذي خرج من ضلع المؤتمر الوطني في العام 2000 ـ عن إسقاط النظام ، ومن ثم اضطراره إلى الانخراط في الحوار الوطني، الذي ما زال قطاره يراوح مكانه، ولا تلوح في الأفق المنظور محطته الأخيرة، رغم مرور أكثر من(10)أشهر ، على خطاب الوثبة ، الذي بشر بحوار جاد. واتبع زعيم المؤتمر الشعبي، استسلامه واعترافه بعجز حزبه وصمود النظام ، بتنازل واضح، عن قناعاته السابقة القائلة بحتمية تعيين الولاة، وغني عن البيان إنها كانت السبب المباشر في قرارات الرابع من رمضان، وما تبعها من انشقاق الإسلاميين إلى حزبين، بقوله ــ في ندوة دار المحامين ــ إن التعديلات الدستورية الوشيكة (تعيين الولاة) مقبولة من واقع ما سمعه ــ وكأنه لم يلمسه ــ عن تفشي القبلية والفساد، على حد تعبيره، وبدا الترابي ـ على غير عادته ـ ممسكاً بالعصا من منتصفها، بدعوته إلى ربط تعيين الولاة بفترة مؤقتة تتيح عزلهم في أعقاب الفراغ من الحوار الوطني، الذي لا يعرف أحد على وجه الدقة ، تاريخاً محدداً لنهايته ، أو سقفاً لمخرجاته المنتظرة.
وتزامنت اعترافات الترابي وتبدل قناعاته بعد رسوخ، مع انتقال حزبه إلى دور الوسيط ، بين المؤتمر الوطني والقوى السياسية من جهة، وبينه والحركات المسلحة من جهة أخرى، في ظل ما تردد مؤخراً عن اعتزامه قيادة مبادرة لرأب الصدع بين المؤتمر الوطني وزعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، الذي بات في قطيعة مع الداخل منذ توقيعه إعلان باريس مع الجبهة الثورية في أغسطس الماضي، بما يمهد لعودة الأخير ولحاقه بقطار الحوار الوطني الذي غادره في مايو الماضي، إثر انتقاده لقوات الدعم السريع ، ليحل مكانه حزب الحقيقة الفيدرالي في لجنة (7+7).
وفي خطوة أخرى، تؤكد أن المؤتمر الشعبي ماض في دوره الجديد، أوفد الحزب الخميس الماضي، مجموعة من قياداته برئاسة أمين علاقاته الخارجية الدكتور بشير آدم رحمة ، إلى مقر المفاوضات الجارية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، للعمل على تقريب وجهات النظر بين الحكومة والحركات المسلحة في دارفور، وسط توقعات بأن تثمر الوساطة عن تنازلات من العدل والمساواة في ظل تحدر معظم قيادات الشعبي من إقليم دارفور، وما يقال عن علاقة وثيقة لقيادات الحركة بالقيادة السياسية للمؤتمر الشعبي، وأنها تمثل جناحه العسكري، مقروءة مع ترجيحات بأن تجنح الحركة إلى السلام، بعد تتالي الضربات عليها، بفعل مقتل قائدها خليل إبراهيم وفقدانها سند تشاد وليبيا, وأخيراً جنوب السودان، ولم يعد لها وجود يذكر في الميدان وغابت بالتالي عن "الميديا " العالمية، في أعقاب اختفاء الناطق الرسمي السابق باسمها أحمد حسين آدم، قبل أن يظهر في الآونة الأخيرة، بصفة باحث في جامعة وايل كورنيل بالولايات المتحدة.
واقع الحال، أن انتقال المؤتمر الشعبي، من مربع المعارضة إلى دائرة الوساطة، يغذي شكوك القوى السياسية المعارضة التي ترى أن الحوار الوطني حتى الآن ، ما هو إلا حوار بين المؤتمرين الوطني والشعبي، وأن الحزبين اقتربا من التصالح ، بغض النظرعن نتائج الحوار، وأن محصلته النهائية ستكون وحدة الإسلاميين أو على الأقل تحالفهما، في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة بفعل الربيع العربي ، وما تبعه من صعود الإسلاميين في بادئ الأمر، قبل أن تبعدهم صناديق الذخيرة في مصر، وصناديق الاقتراع في تونس.
abahmed2001@hotmail.com
//////