*أحيانا يصاب الكاتب بالإحباط جراء استمرار الأزمات والاختناقات التي لا يمل مع غيره من المهتمين بالشأن العام من تناولها وإلقاء الأضواء عليها - عسى ولعل - لكنها للأسف تراوح مكانها.
*ندرك أن الأزمات متداخلة وأنه ما لم يتحقق السلام الشامل العادل والاتفاق على أجندة قومية لتغيير مجرى السياسات القائمة خاصة السياسات الاقتصادية فإنه لن تحدث معالجات جذرية للضائقة المعيشية.
*لكن ذلك لا يبرر استمرار بعض الأزمات المفتعلة او المفعلة مثل أزمة غاز طهي الطعام التي جسدها المصور الصحفي ب" السوداني" معاذ جوهر في تحقيق مصور بعنوان" أزمة الغاز .. نفس الأسطوانة" دون كثير كلام.
*مرة أخرى كشفت جولة ميدانية لـ" السوداني" قامت بها عبير جعفر وأماني يعقوب وصورها معاذ في ميدان الرابطة بشمبات وميدان امتداد ناصر ببري استمرار أزمة الغاز رغم التصريحات التطمينية التي لم تتنزل على أرض الواقع.
* لسنا في حاجة إلى إعادة سرد المشاهد الحية التي رصدتها " السوداني" ميدانياً لكن لابد من التوقف عند بعض إفادات المواطنين في هذه الجولة مثل إفادة الطيب أسامة محمد الحسن الذي قال أنه بعد الاطلاع على خبر وكالة السودان للأنباء وتصريحات وزارة النفط بانتهاء صيانة مصفاة الخرطوم والبدء في توزيع الغاز للمواطنين ترك عمله وأضاع يومه في الوقوف في الصف بلا جدوى.
*المواطنة رشا عبد الغفار قالت لـ"السوداني" إنها تركت طفلتها الرضيعة البالغة من العمر ستة أشهر في البيت وخرجت في سبيل الحصول على أسطوانة غاز لكنها فشلت في ذلك‘ وعبرت عن خيبة أملها لاستمرار "غلوتية" الغاز وهي تتساءل في حيرة : دايرين نعرف مشكلة الغاز دي شنو؟!!.
*تفتقت عبقرية بعض أولي الامر عن حلول مربكة مثل تلك الداعية لتحرير أسعاره وسط الضغوط الظاهرة من نفس المستفيدين من افتعال الأزمات وتفعيلها لفرض زيادات في السعر لم تنتظر قرارهم بتحرير أسعاره.
*معروف لكل المسئولين بوزارة النفط وكل الجهات المعنية بتوفيره للمواطنين أن الغاز موجود ويباع لمن يدفع بالأسعار المبالغ فيها التي فرضها قوات الضغط هذه‘ بل إن بعض اولي الأمر يشترونه منهم!!.
*وسط استمرار غلوتية الغاز تفجعنا بعض المقترحات الغريبة مثل الدعوة التي تبنتها عضو مجلس الولايات سعاد الفاتح ووجهتها للنساء كي يعدن إلى عواسة الكسرة وتربية الأغنام والدواجن في البيوت‘ رغم علمها بأن ذلك أصبح عصياً في ضيق المدينة و"جخانين" الإيجار وغلاء مسلتزمات عواسة الكسرة نفسها.
*غلوتية الغاز ليست سوى مظهر من مظاهر الأزمة السياسية التي ما زالت تراوح مكانها نتيجة للعناد الحزبي والإصرار على السير في الطريق الذي أوصلنا لهذا الحال الموجع والناس تجتر الكلام الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.