ويمضى هذا العام ليلحق بسنوات وعقود مضت ، ويتوارى حزناً بالسواد على شعب لا يستحق الا التقدير والعزة والحياة الكريمة ، هو شعب السودان الذي أراد الله له أن يكون المعلم والرائد لشعوب الأمة العربية والأمة الأفريقية وهو الرابط للثقافتين العربية والأفريقية وهو الذي أطلق راية الاسلام لتنير طريق شعوب القارة ، وهو الرائد في في التجربة الديمقراطية بين الشعوب المحررة من الاستعمار وهوالمبادر بتكوين الحركة النقابية والطلابية الحرة وهو صاحب التاريخ النضالي العريق الذي توج باستقلال السودان وهو صاحب العقيدة العسكرية المعطاءة من قوة دفاع السودان الى القوات المسلحة في عنفونها وشموخها على الرغم من عمليات التسيس المتعمد التي أصابتها، وتمضى السنوات العجاف من عمر الانقاذ لتزداد نار الحروب الأهلية اشتعالاً والغالبية تعاني من شبح الغلاء الطاحن. والأمل معقود بالاتكال على الله سبحانه وتعالى وهو الأدرى بأحول الناس ومعاناتهم والشعب أصبح ملاذه الصبر لبصيص من النور عله يتوهج من جانب أجهزة الدولة الغارقة في أحوالها الشخصية وكأنما أصابها العمى في البصيرة عما وصلت اليه معاناة أهل السودان الطيبين ،، ومعارضة أصبحت من جانب غارقة في خلافاتها لتكون وكأنها لعبة في أيدي الأطفال بأيدي الحاكمين علها تحصل على منصب زائل أو وزارة هامشية ومن جانب آخر تغوص في خلافاتها داخل كياناتها الحزبية ومناوشات مستمرة وقد ارتضت لنفسها العيش المريح في عواصم الدول الأوربية ومصر وأثيوبيا وتطلق التصريحات والاتهامات فيما بينها وداخل كل حزب ، وكأنها تبث الحياة في النظام الذي تطالب باسقاطه لاطالة عمره واعطائه الضمان في البقاء ، هذا النظام الذي كاد أن يتهاوى لولا ضعف المعارضة وانسلاخها من شعبها كما حدث أيام انتفاضة سبتمبر 2013 ، هذا النظام الذي ابتلاه الله بالفرقة والصراع الداخلي فلجأ أخيراً للشريك الذي قاد معه انقلاب 1989 وكان السبب الرئيس في مأساة أهل السودان من قتل ألالاف الشباب بدعوى الجهاد ثم اقتطاع جزء من الوطن بقيام دولة جنوب السودان بالاضافة الى سن القوانين الجائرة التي أحالت البلاد الى دمار ليصبح الوطني والشعبي شقين من رحم واحد ويعودا اليوم لاستكمال عمليات البطش والفرقة بين الناس. نعم هذه هي الصورة الحزينة لواقع السودان وشعبه وهو محاط بجور الحكام والمعارضة العرجاء ، وفي هذا الخضم المتراكم تبدو الصورة قاتمة فالبنسبة للحاكمين فالكل يريد أن ينقض عليها فالبرجوع لصراع الوطني والشعبي أكال زعيم الشعبي عبارات يعف اللسان عن ذكرها على رئيس الوطني بل تمادي في النيل من ضباط وجنود القوات المسلحة وهو كلام مسجل في ألاذاعة السودانية ، ويوم مرض الرئيس في الفترة القريبة الماضية تلاحم قادة الوطني ونصبوا أنفسهم بصفة الألوهية بأن بيدهم حياته أو موته وتباروا على السلطة وكانها ميراث ورثوه عن أهليهم وهي تصريحات يمكن الرجوع اليها في الصحف أنذاك.
ووجدتها المعارضة فرصة لضياع الوقت والهروب من القضية الأساسية لتحرير شعب السودان لتقسم أحزابها وتنظيماتها الى فروع وكيانات يسهل قطمها أو تجميدها بصورة أشبه بالهزلية بل تعداه الأمر لعزل قيادات تاريخية وبعضها له المكانة الطائفية والدينية ولها تاريخيها السياسي والنضالي ، على الرغم من اختلاف الناس في توجهاتها وتصبح الساحة السياسية السودانية وكأنها حلبة مصراعة والكل فيها خاسر والخسارة الكبرى لأصحاب المصلحة الحقيقية وهم جموع أبناء وبنات شعب السودان شيباً وشباباً مع الغياب الكامل لصوت الحكة والعقل لانتشال أهلينا وسوداننا من التردي والضياع ،هذه الحكمة التي كانت في الماضي القريب الناصح الأمين ولكنها لم تحكم أ وتهرول نحو السلطة أو منصب زائل وكان عملها لوجه الله فوجدت القبول من الناس حكاماً ومحكومين ، لتتلاحق السنوات بابتلاء البلاد بفئات لا تحترم الحكماء والعقلاء ولم تكفيهم وصايتهم وجبروتهم بل عمدوا على اقصاء هذه الدرر السودانية المعطاءة وألأمينة. لتشهد الأيام الخوالي تقليداً أعمي من بعض القيادات الحزبية وهي غارقة في شعاراتها لاسقاط النظام وفي نفس الوقت تنخر في بيوتها وكياناتها لتكرس بقاء النظام واستمراره ونقول لاولئك وهؤلاء أن السودان كان وسوف يظل عملاقاً بشعبه وهو القادر على صنع المعجزات بجبروت شعبه الصابر والواعي لمقدراته ، وبنظرة للماضي القريب منذ الاستقلال فان بلادنا عامرة بأهلها على الرغم من ضلال القلة الفاسدة والمفسدة وبنظرة للنقاط التالية التي تلقي الضوء على واقعنا :- 1-كان السودان رقماً مهماً في المحافل الدولية وقد اعتلي منصب اللجنة الدولية لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في الخمسينات بعضوية القاضي والقانوني محمد أحمد أبورنات وكان من المؤسسين لمنظمة الوحدة الأفريقية الاتحاد الأفريقي اليوم بقيادة المهندس والقانوني والشاعر والسياسي محمد أحمد محجوب وكان من المؤسسين لمؤتمر باندوج الذي تولدت عنه دول عدم الانحياز بقيادة الزعيم اسماعيل الأزهري وصاحب تفعيل جامعة الدول العربية بقيام مؤتمر القمة العربي بعد نكسة 1967 بقيادة الأزهري والمحجوب. 2- كانت مشورة الحكماء وقادة الفكر وكأنها أمر واجب التنفيذ وبرداً وسلاماً على جموع شعبنا بقيادة الزعامات الروحية الأمام عبدالرحمن المهدي والحسيب النسيب علي الميرغني وكان لفيف من الحكماء جاهزاً دوماً كلما تأزمت أمور البلاد ومنهم أبورنات واأحمد العتباني وغيرهم وكانت مفاصيل الأحزاب بقياداتها فالزعيم الأزهري ومبارط زروق والشريف حسين الهندي قي الاتحادي الديقراطي واعية لمستقبل بلادها ولها مكانتها واحترامها حتى وسط الاتباع والخصوم ، وعبدالله خليل والمحجوب في حزب الأمة والشيخ علي عبدالرحمن وأحمد السيد حمد في حزب الشعب وكانت جميعها واعية في تحالفاتها لتحقيق مسيرة الديمقراطية وحتى الحزب الشيوعي كانت قيادة عبدالخالق محجوب ونقد صمام الأمان للحركة الوطنية النضالية.ولولا الانقلابات العسكرية لكان للديمقراطية وجه آخر لتقدم وتطور السودان. 3- واليوم يرتفع صوت من جيل الرواد والحكماء لانتشال السودان من محنته بروح وطنية صادقة لايقاف نزيف الدم في الحروب ورفع كاهل الغلاء من الناس وايقاف عدوى الفساد بكل اخلاص وتجرد هو صوت أمين الأمة الدكتور المعلم للأجيال ابراهيم منعم منصور ليضع اطروحته التي لا تجد أذن صاغية أو بصيرة واعية لمستقبل شعبنا. 4- تموج أحزابنا السياسية في خضم من الخلافات بين القيادات وكأنما هي القضية الأساسية التي تشغل الناس وببطولات عنترية فحزب يريد عزل القيادة الدينية والسياسية الزعيم الروحي مولانا محمد عثمان الميرغني من الاتحاد الديمقراطي وآخر يريد عزل الزعيم الروحي والسياسي لحزب الأمة الصادق المهدي ويستمر داء البطولات العنترية للحزب الشيوعي لعزل قيادات هي واجهة مقبولة للآخرين وتتسابق العنتريات من قادة المعارضة التي شاخت باستقالة أبوعيسى من كتلة المعارضة وكلها تقليد لنظام استفحل وشاخ وأبدع في الانقسامات وعلها تكون توزيع أدوار للبقاء في السلطة لتكتمل الصورة لوضع سياسي يبعث في النفس الغثيان والأمل المفقود من الجميع. لا نقول للجميع أفيقوا وأقبلوا النصح من الحكماء فقد انتخى الوقت والتغيير قادم باذن باذن الله وهو دور الشباب وما عليكم الا فتح الأبواب لطريقهم والا فهم قادرون على ذلك. ISMAIL.SHAMSELDIN@GMAIL.COM