مذكرات وذكريات من جراب قروي: ذكريات من دفتر الطفولة (10)

 


 

 

أتصور دايما ان لعديد البشاقرة نكهة خاصة وطعم، مثلها كل مدن وقرى وفرقان السودان.. ولأمي التي كانت سبب وجودي في هذه العديد نكهة بطعم الام الرؤوم ..والمدن ساحرة كما الحسان خاصية.. ولكل مدينة خاصيتها وتفردها لا يعرفها الا عشاقها وساكنيه وسمارها ولكن تبقى الحسناء حسناء وان قصر لسانه او طال..اما الأماكن فتختلف حسب ناسها وعشاقها وبالمناسبة أقر اني شخصيا لي ارتباط عجيب بالأماكن وروائحها ونكهتها وأحيانا تناديني ذكريات عشتها في مكان ما وتصل عندي الي الحاسة السادسة وترمي بي تلك الذكريات..هيات لنا الحاجة ام مريوم رحمها الله حياة هنية رغم بساطتها ..

يلاحظ الزائر لعديد البشاقرة عروس قرى البشاقرة السبعة ان المناسبات في هذه القرية (الأنموذج) كان لها العديد من الاهتمامات والتجهيزات وذلك من نوع خاص كثيرة خاصة مناسبة الاعراس والأعياد ولكن اهم مايلفت الأنظار هنا تلك الأشياء التي كانت تلفت الأنظار التكاتف الذي جبل عليه اهل عديد البشاقرة بصورة لاتخطاها العين.. ولم تكن الوالدة ام مريوم عليها رحمة الله استثناء من هذه الواجبات الأهلية..وعندما كنت صغيرا انتظر بقلق حضور امي من تلك المناسبات السعيدة أننى سأحظى بعطية من تميرات او حلاوة والتي غالبا تكون مصرورة في طرف توبها المرقط وهي تنادي بهمس، حتى لايشعر العباس اب طبعا شين او منى( تعال يا الفالح) امي كانت دايما تشيعني بهذا التعبير والذي كان يسعدني وينفخ اوداجي وهو نوع من التدليع وكانت تزيد عليه ( أريده ولدي الفالح الفي القراية بارع) وهاك يانشاط وخفة ويكون نصيبي اولا حلاوايه او نص حلاوة (حب ) تكون انفقشت بالاسنان او حقيقة بما تبقى من أسنان بالله عليك شوف ليك جنس محبة وريده اكيد ان امي لم تكن تفرق بيننا نحن ابناءها ولكن للميل القلبي قوانين فوقية لا نتحكم فيها بل هي فرضن علينا فرضا..والآن بعد ان صرتا أباً أتعبني الميل القلبي خاصة مع البنات ..

الترابط بين ناس عديد البشاقرة قوي رقم ان الناس لم يجمعهم اب واحد وصحيح ان الغالبية تنتمي لأسرتين وكما يقولون هناك على اصولهم انهم من اخوين الحاج وموسى.. جنى الحاج كانوا اهل سطوة ونفوذ(العمودية) وكان على رأسهم العمدة الخضر يوسف الرضي اما جنى الحاج فقد اكتفوا بالشياخة وتولاها منهم الشيخ النور وقد تحدثنا عن ذلك قبل..ورغم الحساسيات التي كانت بين أبناء العمومة وهو امر طبيعي الا ان ذلك لم يتعدى الزعل الاخوي..

ام يوسف كانت مجاملة لحد التعب.. وكانت تذهب بماعونا كما كانوا يطلقون على المجاملة وعادة ماياتي الماعون ممتلئ باللقيمات والتمر ولحم التور المحمر.. تلك كانت ايام طيبة خلتها ظروف الناس الطيبين..مواصلين

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
o_yousef@hotmail.com

 

آراء