هنرى كسينجر وزير الخارجية الأسبف فى احدى لقاءاته مع مجلة التايم الأسبوعية وفى سؤال له عن دور الدبلوماسية فى الحفاظ على المصالح الامريكية فأجاب بدهاء " نبدأ اولا بتذكير محاورنا بعظمة امريكا و مصالحها فى العالم، و اذا حاول تجاهل ذلك نذكره ايضا بانه سوف يحتاج لنا فى كذا و كذا و اخيرا اذا حاول ان يشير الى امتلاكه لبدائل عندها نلفت انتباهه ان لنا نفوذنا السياسى و الإقتصادى و العسكري " و قاطعة الصحفي أليس هذا نوع من الابتزاز, رد علية " لا الساحة الدولية ملعب معقد جدا كل شى فيها مشروع
و العلاقات الدولية تحكمها مصالح آنية و مستقبلية و تتمثل فى المصالح السياسية و الاقتصادية و العسكرية . و المصالح ليست كلها مجالات للتوافق و التعاون انما هناك دائماً مساحات للى الذراع . و المجالات التى لا يصلح فيها التعاون و التوافق المشترك , تلجأ الدول ذات النفوذ لوسائل الابتزاز لتمريرها على الدول تعانى وضعاً اقتصاديا و عسكريا و سياسيا هشاً لانها اكثر عرضه للابتزاز . وبما أن الابتزاز الدولى له أشكال و وسائل متعددة، إلا أن سقفه ليس له حدود طالما هناك مصالح متجددة و متشابكة فى صراع المصالح الدولى الشرس. و فى فترات الحكومات السابقة للانقاذ كان السودان مثل كثيرا من الدول النامية عرضه للضغوط الدولية نسبة لوضعه السياسى المترنح بين الانقلابات العسكرية و الحكم الديمقراطي و مشكلة الجنوب ، و كان ذلك فى مجملة جزء من صراع القطبين الاوحدين ابان الحرب البارده .و فى نهاية الثمانينات حدثت متغيرات على المستوى الوطني و الدولى أثرت كثيرا على السودان و مستقبلة . و ذلك بسيطرة الإسلامويين على حكم البلاد و بفك الارتباط بين امريكا و الغرب مع حركات الاسلام السياسى بعد انتهاء الحرب الافغانية و انهيار الاتحاد السوفيتى . و ما عادت هناك حاجة اليهم بل على العكس تم إيقاف الدعم لهم والتضييق عليهم ، بل محاصرتهم و الحد من حركتهم . اما اقليميا فقد رفضت بعض الدول التى حشدتهم و هيآتهم ايدولوجيا مثل السعودية و دول الخليج و بعض الدول العربية السماح لهم بالعودة خوفاً من اثارة القلاقل ، الامر الذى اثار حنقهم و كراهيتهم على امريكا و حلفائها من دول المنطقة
لم يكن تنظيم الاخوان المسلمين الذى اختطف السلطة فى السودان بعيدا عن تلك الجماعات الاسلامية تنظيميا و ايديولوجيا, لذلك فما كان منه الا أن يركب موجة العداء ضد امريكا و الغرب و حلفائها فى المنطقة كالسعودية و مصر .و لن ننسى فى بدايات الإنقاذ كيل النبذ اليومى لتلك الدول و لقادتها، ونكايتا بهم انحيازت سلطة الاسلاميين الى حلف صدام ايام احتلال الكويت.
و من جراء مواقف النظام العدائية تجاه امريكا و الغرب و اسلمة الحرب بين الجنوب و الشمال و اتاحة مقرات للتيارات الاسلامية المطاردة من بلدانها و تمكينها من ثروات السودان لإيجاد مصادرتمويل لعملياتها الارهابية ، تيقن الغرب بخطورة النظام على الاستقرار الاقليمى . لذلك عمل على تركيع النظام بوضعه فى قائمة الدول الراعية للارهاب و العقوبات الإقتصادية التجارية أوامر القبض على رئيس الدولة عبراجهزة الامم المتحدة ,و حتى بالتدخل العسكري كما حدث فى مصنع الشفاء. و نتيجة لاتساع عزلة النظام الدولية و الاقليمية وتكالبت عليه الأزمات و شُل أقتصاد الدولة , فقد دفعه ذلك الى الانبطاح باى ثمن من اجل التخفيف من العزلة و العقوبات السياسية و الاقتصادية و القانونية. و فى سبيل ذلك قام نظام الإسلامويين الذى لاتحده اى سقوف وطنية او اخلاقية بالأضرار بمصالح الدولة العليا والأجيال القادمة بالتفريط فى السيادة الوطنية و بتبديد و رهن ثروات البلاد و بيعها للبلدان الاخرى تحت دعاوى الاستثمار.
و تأكد المجتمع الاقليمى و الدولى من لهث النظام وراء فك عٌزلته الدولية والتخفيف من العقوبات الاقتصادية و المحافظة على راس رئيسه ,فما كان له الا ان بدأ فى ابتزازه و بصوره سافر و مخزية فى اَناً واحد. و تمحور الابتزاز الدولى حول حاجة النظام للتدقفات و المعاملات المالية والقروض و مقابل ذلك كان أجبارة على شروط مجحفة و مضره بالبلد مثال رهن ثروات البلاد الزراعية و البترولية و قطاعات التعدين وتمكينهم من الاراضى الخصبة كما تم لدولة الصين و روسيا, و كذلك من محاورابتزاز النظام الحاحه فى اعادة علاقاته الاقتصادية والعودة للمؤسسات الدولية مقابل مطالب كثيرة منها السرية وأخرها تنصيبة شرطيا لحراسة اوربا من الهجرة الغير شرعية ,غير أن اخطر محاور الايتزاز كانت خشية رئيس النظام من سيف المحكمة الجنائية الدولية و بسببها تتم تحويل السودان لمركز لمخابرات العالم و فصل جزء عزيز من الوطن .
و استغل الابتزاز الاقليمى سياسات الاسلامويين المدمرة وهشاشة وضعهم الداخلى و الدولى ,و ذلك بسبب تحالفات النظام مع حركات الاسلام السياسى الاقليمية , اضافة الى استعداد الاسلامويين للتنازل عن أى شى من اجل بقاء نظامهم و ضمان عدم ايوا دول الجوار للمعارضة بشفيها و ضمان المساعدات المالية من دول السعودية و الخليج . ومن النتائج الكارثية لخضوع الاسلاميين للابتزاز الاقليمي نتيجة لسياساتهم المدمرة, التغاضى عن احتلال اجزاء عزيزة من الوطن مثل مثلث حلايب كثمن لجريمة اغتيال حسنى مبارك, و احتلال اثيوبيا للفشقة و تعديها على ارضى السودان و التجاوز عن أضرار قيام سد النهضة ,والسكوت على احتلال مناطق متاخمة لحدود السودان الغربية و تهريب محصول الصمغ العربى مقابل شراء ولاء الحكومة التشادية و عدم مساعدة الحركات الدارفورية و أخيرا بيع الاراضى الخصبة و أثار السودان لدول الخليج و السعودية.
ومؤكد أن بقاء و استمرار هذا النظام يعد خطراً ماحقاً على الدولة السودانية و الاجيال القادمة، و ذلك اذا بقى الوطن على شكله الحالى و لم بتفكك .والمسؤلية الوطنية تتطلب ان يهب ابناؤة لانقاذه , و الواجب الأنى على القوى الوطنية هو التنادى بعيدا عن المصالح الحزبية و الجهوية و الطموحات الشخصية فى جبهة عريضة لانقاذ الوطن و المحافظة علية اليوم قبل الغد .
حسين محى الدين عثمان hmohieldin@yahoo.com ///////////////