توجد العديد من التعريفات لمفهوم الثورة في قواميس السياسة، وكل تعريف منها يستند إلى منطلقات فكرية (أيديولوجية)، تميزه عن الآخر؛ لكن جميعها تعني الإطاحة المفاجئة بالنظام السياسي للحكم في أي دولة ما، وذلك بعد ثورة قطاعٍ واسعٍ من المواطنين ضد السُّلطات الحاكمة، بهدف التغيير السياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، الذي يهدف إلى إحداث قطيعة مع الوضع السياسي الظالم. لكن الظلم وحده ليس شرطاً حتمياً لقيام الثورة، بل المحفِّز الرئيس هو الوعي بالظلم، الذي يشعل جذوة الثورة تجاه البحث عن طروحات تنشد التحرر منه. وينتج عن ذلك صدام مباشر بين الثوريين وسدنة النظام الحاكم. وبعد مرحلة القضاء على الحاكمين والسدنة، يأخذ الصراع منحىً آخر بين الذين ينشدون التغيير الجذري في أنماط التفكير والعمل والسلوك، وأولئك المحافظين الذين يعارضون التغيير والتحديث، اللذين يؤثران في مصالحهم السياسيَّة والقطاعية. وعند هذا المنعطف تبرز أهمية الرؤية الاستراتيجية للثورة، التي تقوم على التخطيط السليم لمطالب الثوار وغاياتهم المنشودة، والاستيعاب المدرك لطبيعة مكونات القُوى القطاعية المستهدفة بالتغيير، ثم التحقق من فاعلية أدوات التغيير ونجاعتها، وقدرة الفاعلين الأساسيين على انجاز التغيير نفسه. فإذا كانت استجابة دعاة التحديث أكثر متانةً من حجم التحدي الذي يواجههم فإنَّ التغيير يكون حتمياً، وإذا كان التحدي أكثر منهم صلابة فالانتكاس يكون مصير الثورات الناجحة في مراحلها الأولى. يحاول هذا المقال أن يحلل ثورة 21 أكتوبر 1964م السُّودانية في مناخها السياسي المأزوم، الذي شكَّلت مشكلة جنوب السُّودان أفقه الأدنى، وتبلورت الدعوة إلى إعادة النظام البرلماني السليب في أفقه الأقصى. نبحث في هذا المقال إلى أي مدى أسهم الوعي السياسي بأفقي الأزمة الأدنى والأقصى في اتساع قاعدة الجماهير المناهضة لنظام الفريق إبراهيم عبود؟ وإلى مدى كان النجاح حليف تحقيق شعارات الثورة التي كانت تنشد التغيير الجذري الذي يهدف إلى خلق قطيعة مع الوضع القائم؟ وما المشاهد الرئيسة لثورة 21 أكتوبر 1964م في هذا الإطار النظري؟ وما المواقف السياسيَّة الملهمة التي أفلحت في نجاحها المرحلي؟ وكيف أسهمت التحديات التي أفرزتها تناقضات الثورة في نكستها الباكرة؟ وما العِبَر والدروس المستفادة منها، وكيف يمكن توظيفها في مواجهة الواقع السياسي الراهن في السُّودان؟
الاندلاع المفاجئ وغياب الرؤية الاستراتيجية تشير الأدبيات التي تناولت "ثورة" أكتوبر 1964م بالتشريح والتحليل إلى أن الثورة كانت فَلْتَةً من فلتات الدهر، لم يسبقها إعداد محكم أو رؤية استراتيجية لإسقاط الحكم العسكري. فغياب مثل هذا الإعداد أو الرؤية الاستراتيجية دفع الدكتور حسن عابدين إلى وصف أحداث 21 أكتوبر 1964م بأنها "لم تكن ثورة، وإنما انتفاضة؛ لأن الصحيح أن تُحدث الثورة تغييراً في نظام الحكم، وفي حركة المجتمع والدولة والثقافة والاقتصاد، وتغييراً في كل شيء، وهذا لم يحدث في أكتوبر." واضح من هذا الاستنتاج أنَّ حسن عابدين قد نظر إلى أحداث أكتوبر من البُعد الثاني الخاص بمخرجات التغيير، دون اعتبارٍ للبُعد الأول المتجسد في استجابة الجماهير لإسقاط النظام الحاكم؛ والتي دفعت الدكتور حيدر إبراهيم إلى وصف أكتوبر بأنها "حركةً شعبيةً قوميةً، بمعنى مشاركة جميع السُّودانيين في انتصارها، ولكن هناك اختلاف في درجة المبادرة والتضحيات بين فئات المجتمع السُّوداني المختلفة. فقد لحقت القُوى التقليدية بالثورة، وكانت مترددة في البداية." ويقودنا النظر من خلال هذين البُعدين (أو المرحلتين من عمر الثورة) إلى نتيجة مفادها أن أكتوبر كانت ثورة شعبية عفوية، وجدت استجابة واسعة في أواسط قطاعات المجتمع في الخرطوم؛ إلا أنها افتقرت للتخطيط المسبق، والوعاء السياسي الجامع لتطلعات الثوار، والمدرك لفاعلية آليات تحقيقها على أرض الواقع.
لماذا النجاح في المرحلة الأولى؟ كان النجاح حاضراً بكثافة في المرحلة الأولى لثورة أكتوبر؛ لأنها استندت إلى وعيٍ سياسيٍ نسبيٍ، مناهضٍ للنظام الحاكم ونهجه الدكتاتوري، ونوثق لذلك بالمنشورات التي أصدرها الحزب الشيوعي السُّوداني، وبالمذكرة التي رفعها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في العام 1959م، مطالباً بعودة الجيش إلى ثكناته، وإعادة الحرية والديمقراطية للحياة السياسيَّة في السُّودان. وبسبب هذه المذكرة حلَّت الحكومة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، وصنفته في دائرة المنظمات الطلابية غير الشرعيَّة، ومن هنا بدأ الصراع بين الاتحاد والحكومة. وبعد أشهر من هذه المذكرة بعث الإمام الصديق المهدي، وكذلك الزعيم إسماعيل الأزهري مذكرتين منفصلتين إلى الحكومة، تنادي كل منهما بعودة العسكر إلى ثكناتهم وإعادة النظام البرلماني السليب. ثم ارتفعت وتيرة هذا الوعي النسبي التي أفلحت في توظيف مشكلة الصراع المسلح في جنوب السُّودان رافعةً لتصعيد المواجهة مع العسكر، إذ صدرت العديد من المذكرات السياسيَّة، المناهضة لسلوك النظام العسكري في التعاطي مع قضيَّة الجنوب. ونتج عن ذلك عقد سلسلة من الندوات التي رهنت حل مشكلة الجنوب بزوال النظام الحاكم. بهذه الكيفية أضحت قضيَّة الجنوب تشكل مدخلاً للمواجهة مع النظام الحاكم في الخرطوم، الذي حظر تناولها في المحافل العامَّة، باعتبارها قضيَّة تمس الأمن القومي للبلاد. وبناءً على ذلك، تصاعدت حدة المواجهة بين طلاب جامعة الخرطوم والسُّلطة الحاكمة، التي تصدت لهم بقوة السلاح في الندوة، التي نظمها الاتحاد بداخليات الطلاب (البركس) في مساء 21 أكتوبر 1964م، متحدياً موقف الحكومة المعارض لانعقادها. وكان رد فعل قوات الشرطة افشال الندوة بقوة السلاح، العنف الذي أفضى إلى استشهاد الطالب أحمد القرشي طه، أيقونة ثورة أكتوبر، والمحرك الفاعل في اندلاعها في تلك اللحظة التاريخية من عمر الصراع السياسي ضد حكومة الفريق إبراهيم عبود. بالرغم من غياب الرؤية الاستراتيجية للثورة آنذاك إلا أن الحس الأخلاقي-الوطني كان عالياً في أوساط الكوادر الطلابية والمهنية، ومتسقاً مع الفعل السياسي الذي أسهم في انجاح الثورة المرحلي، بدليل أن اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الذي بادر بمناهضة الحكم العسكري كان اتحاد تمثيل نسبي، مشكل من القُوى السياسيَّة الفاعلة في الوسط الطلابي آنذاك (الجبهة الديمقراطية، والاتجاه الإسلامي، والمؤتمر الديمقراطي الاشتراكي)، دون أدنى تخاذل في صفوفها، يصب في مصلحة النظام الحاكم، أو يعطِّل مسار الثورة تجاه تحقيق هدفها المعلن، الذي كان مرهوناً بإزالة الحكم العسكري وإعادة النظام البرلماني للحكم. وظهر ذلك الحس الأخلاقي-الوطني في أكثر من موقف فردي، أو مواقف جماعية مهنية أو سياسية. ونستشهد في هذا المضمار بموقف الدكتور عبد الحليم محمد، مدير مستشفى الخرطوم آنذاك، الذي رفض تسليم جثمان الشهيد القرشى إلى الشرطة، محتجاً بأن هناك إجراءات طبِّية يجب تأخذ مسارها الطبيعي، وأن الجثمان يجب أن يُسلم إلى أهل المتوفى دون غيرهم. وينعكس الموقف الأخلاقي الثاني في الاجتماع الذي نظمه أعضاء هيئة التدريس بجامعة الخرطوم في اليوم الثاني لاستشهاد القرشي (22 أكتوبر 1964م)، حيث انتقدوا الحادث، واعتبره تعدي على حُرمة الجامعة، كما اقترحوا تقديم استقالاتهم الجماعية إلى إدارة الجامعة في ظل نظام لا يحترم حرمها ولا رسالتها التعليمية، فثمَّن البروفيسور محمد عبد الله نور، نائب مدير الجامعة- الذي كان حاضراً في ذلك الاجتماع-اقتراح الاستقالات الجماعية. وبعد ذلك اتفق الحضور على أن يتولى الأساتذة زمام مبادرة تشييع الشهيد القرشي، وهم يرتدون عباءاتهم الخضراء (الزي الرسمي لأساتذة الجامعة في محافل التخرج)، ثم أرجأوا موضوع الاستقالات الجماعية للتفاكر والدراسة. حضر موكب تشييع القرشي بميدان عبد المنعم (حديقة القرشي لاحقاً) عدد من القيادات السياسيَّة البارزة، أمثال السيد الصادق المهدي (حزب الأمَّة)، والأستاذ عبد الخالق محجوب (السكرتير العام للحزب الشيوعي السُّوداني)، الدكتور حسن الترابي (عميد كلية القانون، جامعة الخرطوم، وعضو جماعة الإخوان المسلمون)، والأستاذ بشير الطيب (الوطني الاتحادي). وبعد انتهاء مراسم التشييع، نُقل الجثمان إلى قرية القَرَّاصَة، موطن القرشي، حيث وري الثرى. وفي عشية يوم الخميس 22 أكتوبر عقد أساتذة جامعة الخرطوم اجتماعاً موسعاً، وأصدروا فيه مذكرة استنكارية ناقدة لسلوك قوات الشرطة داخل الحرم الجامعي، وتوضح الفقرات أدناه طرفاً من روح المذكرة ونصها:
إنَّ الجامعة قد "فقدت مقوماتها، وأصبحت صورةً بلا معنى، وبناءً بلا كيان، فإذا كانت الجامعة موطناً لحرية الفكر، ومناراً للعلم المتجرد، فقد خُنِقت في هذه الجامعة حرية الفكر، ودُنِّست فيها قداسة العلم، وحُكِّمت فيها سياسة رعناء هوجاء، قوامها القهر والبطش والإرهاب. وإذا كانت الجامعة من صميم هذا الشعب تخدمه وتقوم على شؤونه، فقد أصبحت جامعتنا اليوم عاجزة عن أدنى مشاركة في حل المسائل القومية في هذا البلد، الذي تستصرخنا حاجاته الضائعة، وقضاياه التي افلست فيها سياسة الحكام. وإذا كان للجامعة حرم جدير بالتقديس، وإذا كان لطلبة العلم وحملته حقُّ في التوقير والاكرام، فقد انتُهكت اليوم حُرمة الجامعة، وأصبحت مسرحاً لإراقة الدماء، وديست قداسة العلم في أهله، وأصبحوا عرضة للتقتيل والتنكيل. وبما أنَّ الجامعة من جراء ذلك لم تعد موطناً للعلم، ولا مجالاً لبحث قضايا الأمَّة السُّودانية، ولم يبق لها حرم مُكرم، ولا أهل يُوقرون. وبما أننا أيقنا أنه لن تقوم لاستقلال الجامعة قائمة في ظل الأوضاع الحاضرة، فقد قررنا نحن أساتذة جامعة الخرطوم السُّودانيين الموقعين أدناه أن نُطهِّر أيدينا منها، بالتوقف عن العمل فوراً، والاستقالة عن وظائفنا فيها، استقالة غير مشروطةٍ، ولا موقوتةٍ؛ إلا بزوال هذا الوضع المظلم، وقيام نظام دستوري، يعرف للجامعة استقلالها، ويقدر أهلها حق قدرهم."
وبهذه الخطوة الجريئة مهَّد أساتذة جامعة الخرطوم الطريق إلى فكرة الأضراب السياسي العام، التي اقترحها الأستاذ فاروق أبو عيسى، عندما رفضت السُّلطات الحاكمة السماح للمتظاهرين بمواصلة مسيرتهم الاحتجاجية إلى القصر الجمهوري في 24 أكتوبر 1964م. أما الموقف الأخلاقي الثالث فتمثل في الاجتماع الذي عقده عدد من المحامين في 22 أكتوبر 1964م بمكتب نقيبهم الأستاذ عابدين إسماعيل، وتفاكروا في تقديم مذكرة إلى الرئيس إبراهيم عبود، يعبِّرون فيها عن استنكارهم لتصرف الشرطة تجاه طلبة جامعة الخرطوم في ليلة الأربعاء 21 أكتوبر 1964م، وأثناء ذلك الحوار اتصل عليهم هاتفياً الأستاذ بابكر عوض الله، نائب رئيس القضاء آنذاك، واقترح عليهم إشراك القضاة في إعداد المذكرة. فوجد الاقتراح ترحيباً من الحضور، ثم أُوكل أمر إعداد المذكرة إلى الأستاذين عابدين إسماعيل وبابكر عوض الله، والتي قدمت للحكومة في 24 أكتوبر 1924م. وجاء نص تلك المذكرة كالآتي:
"إلى صاحب المعالى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس مجلس الوزراء: نحن رجال القضاء والمحامين نشعر أن مسؤوليتنا نحو العدالة وسيادة القانون في هذا البلد تفرض علينا أن نقرر أن حادث الاعتداء الذي وقع على طلبة جامعة الخرطوم أمر يهتز له ضمير العدالة، ويتنافى والقواعد القانونية الواجب احترامها من قِبَل الحكومة قَبْل الافراد، وذلك لأن حرم الجامعة محراب مقدس، وداخليات الطلبة التي وقع الاعتداء عليهم في داخلها وسالت دماؤهم في أرضها هي مكان خاص لا يمكن، القول بأن ما دار فيه أمر فيه إخلال بالأمن العام أو الطمأنينة؛ لأن هذا الوصف لا ينطبق إلا على عمل يتم في مكان عام. وفوق ذلك فإنَّ تصرف البوليس لم يصدر بناءً على أمر من قاضٍ، كما يقضي بذلك القانون. وعليه فإننا نطالب بإجراء تحقيق فوراً بواسطة قاضٍ في الحوادث المؤسفة التي راح ضحيتها طالب بريء، وأصيب آخرون فيها بجراحٍ خطيرةٍ في ظروف قد ترقي إلى الاتهام بجريمة القتل العمد. كما نطالب بتقديم مَنْ تثبت عليه المسؤولية إلى المحاكمة الجنائية، سواء كان عضواً في المجلس الأعلى، أو وزيراً، كبيراً أو صغيراً، وسواء أكانت المسؤولية نتيجة عمل إيجابي أم سلبي. وبغير ذلك فلن يهدأ لنا بال، ولن نستطيع أن ندوس على ضمائرنا، ونسكت على هذا الامر الخطير. رجال القضاء والمحامون."
وتوِّجت هذه المذكرة أيضاً بموقف أخلاقي فريد للقاضي عبد المجيد إمام، رئيس الجهاز القضائي بمديرية الخرطوم، الذي تصدى لرجال الشرطة الذين كانوا يتأهبون لإطلاق الرصاص على المتظاهرين المحتشدين أمام دار القضاء (لاحقاً الهيئة القضائية) في نهار 24 أكتوبر 1964م، وأمرهم بالانصراف إلى ثكناتهم، فانصرفوا، احتراماً لتراتبية الوضع الوظيفي في السُّودان آنذاك. وفي تلك الأثناء كانت المفاوضات تسير على قدم وساق بين ممثلي جبهة الهيئات ومحمد أحمد أبورنات، رئيس القضاء، بهدف توسط الأخير لإقناع المجلس العسكري الحاكم بالسماح للمتظاهرين بتسيير موكبهم إلى القصر الجمهوري، لتسليم مذكرتي أساتذة جامعة الخرطوم والمحامين والقضاة إلى السُّلطات الحاكمة. بَيْدَ أنَّ المجلس العسكري رفض هذا الطلب، واقترح أن تُسلم المذكرتان بوساطة وفد مصغر من أعضاء الجبهة الوطنية للهيئات. وشمل وفد الجبهة عابدين إسماعيل عن المحامين، وطه بعشر عن الأطباء، وعبد المجيد إمام عن القضاة، وعلي محمد خير عن أساتذة جامعة الخرطوم. وإلى تلك اللحظة كانت الجبهة الوطنية للهيئات رافضة مشاركة الأحزاب السياسية في حضور الاجتماعات التنظيمية للثورة أو المفاوضات السياسية مع الحكومة. ونتيجة لرفض السُّلطة الحاكمة بالسماح للمتظاهرين بتسيير موكب إلى القصر الجمهوري، كما ذكرنا من قبل، دعا الأستاذ عابدين إسماعيل إلى إعلان الأضراب السياسي العام في 24 أكتوبر 1964م، وبموجب ذلك الإعلان والاستجابة الواسعة له تعطَّلت الحياة العامَّة في الخرطوم وبعض المدن الرئيسة في السُّودان. الأمر الذي دفع بعض ضباط القوات المسلحة والشرطة للتعاطف مع مطالب المتظاهرين، ثم أجبر الرئيس إبراهيم عبود على حل المجلس العسكري ومجلس الوزراء في 26 أكتوبر 1964م، فاسحاً المجال إلى تشكيل حكومة انتقالية مدنية، برئاسة سر الختم الخليفة، وعضوية ثمانية وزراء من الجبهة الوطنية للهيئات، وخمسة وزراء من الأحزاب السياسيَّة (الأمَّة، والوطني الاتحادي، وحزب الشعب الديمقراطي، والحزب الشيوعي والسُّوداني، والإخوان المسلمين)، ووزيرين من جنوب السُّودان. وقد سبق الإعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية، مفاوضات مارثونية بين أرباب النظام العسكري الحاكم والجبهة الوطنية الموحدة التي شملت عضويتها ممثلين من الجبهة الوطنية للهيئات والأحزاب السياسيَّة، وأخيراً أفضت تلك المفاوضات إلى وضع ميثاق وطني لتوجيه مسار الحكم في عهد الحكومة الانتقالية، استناداً إلى المبادئ الآتية: أولاً: إدارة البلاد وإعدادها لوضع ديمقراطي في فترة لا تتجاوز آخر فبراير 1965م. ثانياً: إطلاق الحريات العامَّة كحرية الصحافة والتعبير والتجمع. ثالثاً: إلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات، وتأمين استقلال القضاء والجامعة. رابعاً: إطلاق المحبوسين السياسيين مدنيين وعسكريين. خامساً: اتخاذ سياسة خارجية ضد الاستعمار والأحلاف. سادساً: أن تحكم البلاد خلال فترة الانتقال وفقاً للدستور المؤقت السابق مع إبعاد الفصلين الخاصين بلجنة السيادة والهيئة التشريعية. سابعاً: تنتهي الفترة الانتقالية بانتخابات حرة، تشرف عليها لجنة مستقلة تعينها الحكومة الانتقالية لانتخاب جمعية تأسيسية.