13 July, 2023
عَوَالم مُوازية: صُورٌ جانبيَّة لوجوهٍ سودانيَّة
(1) في عالمٍ مُوازٍ للحرب الفعليَّة _متمثّلةً في القتل والسحل والقصف والاغتصاب- تحدث أشياءٌ أخرى.
(1) في عالمٍ مُوازٍ للحرب الفعليَّة _متمثّلةً في القتل والسحل والقصف والاغتصاب- تحدث أشياءٌ أخرى.
تنقيب الظلام (1) أصبح كل شيءٍ عنه -لأول مرةٍ- موادَّ مُجرَّدةً ومجازيّة؛ خليطاً من صور وأصوات محادثات وتعليقات وتفسيرات، إضافةً إلى الأحلام والكوابيس (حيثُ تجري وقائع السودان يوميّاً، فإما نحن في منفىً التقينا أصدقاء المدينة القدماء، مدينة الخرطوم الماضية، وإمّا نحن في طريق النزوح، أو، وهو الأسوأ، لا نزال في الخرطوم وسط القصف والأسلحة الكيميائيّة!
مامون التلب نجلاء عثمان التوم محمود المعتصم أصرَّت الدولة السودانية الحديثة على التبرُّج أمام شعبها، تُلِوِّنُ شفائها حمراء بدمائهم، وبلا خجل، حتى والناس على مشارف عيدٍ مُقدَّس.
5 مايو 2023م [ولن تَكونَ مبالغةً إذا قلت أن الحرب قد حَوَّلت الناس إلى مثقَّفين، لكنها جَعَلَت منهم عَدميين لفترةٍ من الزمن.
قضيتُ سحابة اليوم أشاهدُ من خلالها أصدقائي يُصفّقون في قاعة القصر الجمهوري، ولا أجدُ تفسيراً لذلك، لكل جالس بجانبي، لكلّ من التقيتُ، لكل روحٍ غائبةٍ عن المشهد، وكانت تُحلّق في ذهني الخالي خلوّاً يائساً من هذا العالم الذي يُصفّقُ معهم، بينما يقف القَتَلة، بسهولة مُذهلة، ويتحدّثون عن العدالة.
هنالك وهمان، يُطلقان على عواهنهما، للجم لجان المقاومة من التحوّل لحركة سياسيّة، رغم تحوّلها أصلاً، بميثاقها الثوري لحركة.
(1) بالأمس تذكرت محجوب شريف، اللحظات التي احتفلنا خلالها بيوم الشعر العالمي في الخرطوم لأول مرة في تاريخ الخرطوم، كان العام 2006م ولم يكن السودان على ما يُرام، ولكننا -كشاعرات وشعراء- كُنّا كذلك؛ مقاومة الشعر مندلعة في عروقنا، وأملنا في حياةٍ جديدة لم يَنَل منه يأس.
استفادَ السودانيّون ولجان مقاومتهم من استراتيجيَّات وأدوات وعمايل الثورة المُضادَّة؛ فكما قفل العسكريّون -بمساعدة السيّد تِرِك- شارع الشرق على الشعب، ردَّت قوّة الشعب بإغلاق جميع الشرايين والأوردة التي تُغذّي قوّات الانقلاب، كما أنها، للمفارقة غير المُتوقَّعة، أغلقت أبواب الغذاء بوجه المُتحالفين مع النظام؛ إنّها استفادة مزدوجة من تجربة “وأد الثورة” التي كانت تجري على قدمٍ وساق طوال عامين من عمر الفترة الانتقاليَّة المختطفة.
إن القصد المُباشر من مجزرة 17 يناير هو -بكل أسف- رفع سقف التفاوض لا أكثر، إنّه الأسلوب المُتّبع في “حرب العصابات” عندما تكون على وشك دخول مفاوضات مع السلطات الحاكمة على أرض الواقع، وهي الآن لجان المقاومة في “حالة الحرب” التي نعيشها في العاصمة منذ انقلاب 25 أكتوبر العام الماضي.
صباح اليوم، 12 يناير 2022م، تُقرِّر حكومة لجان المقاومة الانتقاليَّة*، مرةً أخرى، أن تُغلق الكباري، وتوقف مؤسسات، وتُجلس موظّفي البعثات الدبلوماسيّة والمنظّمات في مكاتب منازلهم؛ وتأتي القرارات مرحةً، إذ تبدو وكأنها: تزجيةً للوقت وإسهاراً للعساكر، لا أكثر.