في السودان أضحت ثلاثية القتل والأعياد ونهر النيل الأزرق ممسكة بتلابيب أرواحنا، تعذبها وتأبى الفكاك منها ما لم تتحقق العدالة وينال القاتل العقاب العادل الملائم لما اقترفته يداه من جريمة القتل خارج إطار القانون.
ما يجري الآن في السودان لا علاقة له بالمعنى المتداول والمعروف لمفهومي السياسة والصراع السياسي، بقدر ما هو أقرب لأن يكون نسخة مسيّسة لأنشطة الجريمة المنظمة والمكتملة الأركان كما ترتكبها العصابات، ولدينا شواهد عدة تثبت وتؤكد ذلك.
المسرح السياسي في سودان الثورة، يعج ويضج بالكثير من المشاهد، بعضها يُنادي الفرح إلى دواخلك ويدفعك للاستمتاع بالدهشة، وبعضها قد يُزعجك ويزيد من حدة توترك، بينما البعض الآخر قد يُحزنك إن لم يصبك بالإحباط.
لأكثر من خمسة شهور، وثورة السودان لاتزال مستمرة في الشوارع وميادين الاعتصامات، مصممة على إزالة العوائق التي لاتزال متمترسة تعيق فتح الأبواب وتعبيد الطرق أمام قطار الثورة ليمضي محققا أهداف الثورة الرئيسة في الحرية والسلام والعدالة.
القائد أو الزعيم أو الرئيس أو الراعي المسؤول عن رعيته…، هو من ناحية، بشر عادي يمكن أن تتملكه في أي لحظة من اللحظات انفعالات وردود أفعال البشر العاديين، من فرح أو غضب أو استجابة لاستفزاز أو إثارة.
بعد أربعة أشهر من الفعل الثوري المستمر، والمتصاعد والمتنوع، إنتصرت غضبة «الهبباي» في ملحمة تاريخية سُطرت وعُبدت بأرواح الشهداء، وبصمود الجماهير وإعتصامها ليل نهار في شوارع مدن السودان، وبإنحياز الجيش السوداني للشارع وخيار الإنتفاضة.