أخي الرئيس: ما مر في تاريخ البلاد والعباد وزير مثله، فأنقذ الرعية والبلاد؟!
د. ابوبكر يوسف
30 January, 2012
30 January, 2012
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) .. الآية
هذا بلاغ للناس
توطـئة:
كتب الأستاذ اسحق أحمد فضل الله في عموده الراتب بالأمس وتحت عنوان( في الصقيعة) ما يؤكد ما كتبته في عمودي الراتب بهذه الصحيفة الأسفيرية بتاريخ لسبت, 31 كانون1/ديسمبر 2011 تحت عنوان(يا وزير المالية لنا ملاحظات حول موازنة 2012!!)، والثلاثاء, 20 كانون1/ديسمبر 2011 بعنوان (يا وزير المالية لقد ولّى عهد ضرب "الطناش"... فخاطب الشعب بما يفهم!!) ، وبتاريخ الخميس, 16 حزيران/يونيو 2011 تحت عنوان (والله العظيم كثرة الحزن علمتنا البكاء!!)، وبتاريخ الأربعاء, 15 حزيران/يونيو 2011 تحت عنوان(القندران بشيل كتير.!!)، وبتاريخ الخميس, 19 أيار/مايو 2011 بعنوان(هل يحق لوزير المالية انتهاك حرمة القانون وامتهان الصحافة؟!!). ، وبتاريخ الثلاثاء, 19 نيسان/أبريل 2011 بعنوان:( هل سددت (750) شركة حكومية ضرائب الأرباح والجمارك؟!!)، وبتاريخ السبت, 02 نيسان/أبريل 2011 بعنوان:( شركات الحيكومة : حيكومة والناس أهالي) ، الخميس, 17 شباط/فبراير 2011 تحت عنوان:( لقد بلغت الروح الحلقوم: فالغلاء طحن الغلابة فصاروا كالفراش المبثوث فترفقوا!!).. وبتاريخ السبت, 15 كانون2/يناير 2011 تحت عنوان:( أحذروا ثورة الجياع فالجوع كافر .. والعاقل من اتعظ بغيره!!)).. إلخ .. إلخ
المتـن:
أقتطف من عمود الأستاذ إسحق ما من شأنه أن يفقد السودان مصداقيته وسمعته مع المؤسسات المالية العربية والإقليمية وهي الرئة الوحيدة المتبقية لنا في التمويل والاقتراض:
مقتطف (أ):
- [ لكن الصحف ـ وفي يوم واحد مثل يوم أمس تحمل اتهام والي القضارف لوزير المالية ـ واتهام كاشا الوالي الآخر لوزير المالية ـ واتهام أيلا لوزير المالية ـ واتهام مسؤول الثقافة لوزير المالية.
وقبلها اتهام مطار الخرطوم لوزير المالية واتهام ولاية الخرطوم لوزير المالية.. و.. و...
مقتطف (ب)-
- [ ووزير آخر؟؟ آخر؟ { والعاشرة أمس دكتور أحمد محمد علي «سوداني يدير البنك السعودي» في جدة يدخل عليه الوزير السوداني الشهير الآن.. ليجدد طلبه/ شفوياً بعد الخطابات/ يطلب إيقاف قرض مطار الخرطوم.
- وغرابة المشهد تجعل الحوار في كل مكان ينطلق. ومدير الصندوق السعودي يقول في ألم ضاحك. : عرفنا من يغلقون علينا الأبواب والنوافذ.. يلحون علينا حتى نوافق على قروض يطلبونها.. لكننا لأول مرة نجد من يلحون علينا ويغلقون علينا النوافذ حتى «نرفض» طلبات قروضهم!!
- وهاتف من جدة يحدث الخرطوم في دهشة ليقول: ماذا تفلعون؟! القرض هذا «150» مليون يوقعه المصرف مع رئيس الجمهورية ـ والوزير لا يحق له إلغاء شيء يصدر تحت التوقيع الرئاسي ـ لكن البنك السعودي يجد نفسه الآن في وضع غريب.
- الهاتف يقول: احذروا فإن القرض هذا كان مخصصاً للصالة الرئيسة في مطار الخرطوم.
- والصالة هذه حصلت شركات أجنبية على عطاءات لتشييدها و.. وإلغاء العقد من طرفكم يجعلكم تدفعون ملايين الدولارات للشركات الخمس هذه.. دون سبب}]!!!
الحاشية:
يبدو أن بيننا عبقري فذ يريد أن يكرر تجربة فساد حكم مبارك والتربح من المصائب التي يصنعها أمثال هؤلاء العباقرة ، وسأستشهد بمفسدة فندق سياج في مصر، عسى ولعلّ يكون بيننا رجلٌ رشيد يشعر بأن وراء أكمة إلغاء قرض المطار ما وراءه من مشروعي فساد مالي وإداري وتربح سيقصم ظهر البعير والبقية الباقية من ظهر شعبنا العجي اللطيم ، وهاكم هذا المقتطف وتذكروا إذا ما لم توقف هذه المفسدة، فمن الضروري نقل مقتطف من مقال الدكتور حسن نافعة بتاريخ 26/7/2009 بعنوان" (الفساد فى مصر المستباحة) لنوقن ماذا سينتظرنا أمام المحاكم،
- المقتطف:[الخطوة الأولى: الحكومة المصرية تقرر بيع ستمائة وخمسين ألف متر مربع فى منطقة طابا لشخص اسمه وجيه إيلاي جورج سياج ووالدته السيدة كلوريندا فيدتشى بمبلغ (١٥٠ ) قرشا للمتر المربع. لاحظ معي أن مساحة منطقة طابا المتاخمة للحدود مع إسرائيل لا تزيد على كيلو متر مربع واحد وظلت محل نزاع طوال سبع سنوات إلى أن استردتها مصر بحكم من محكمة التحكيم فى ملحمة وطنية رائعة. غير أن الحكومة المصرية الموقرة لم تكتف بأن تدفع لإسرائيل تعويضا ماليا لاسترداد فندق طابا التي رفضت تسليمه رغم حكم المحكمة لكنها فرطت فى الأرض التي استردتها مصر بدمائها ثم باعتها «ببلاش» لشخص كان واضحا تماما من اسمه أنه يحمل جنسية مزدوجة ويعيش بالخارج وليس له أي انتماء لمصر، بدليل أنه وقع اتفاقا عام ٩٤ مع شركة إسرائيلية لإقامة مشروع سياحي فيها، وهو ما حدا بها إلى إلغاء البيع ومصادرة الأرض لصالح «المنفعة العامة». ولا يمكن لأى حكومة فى العالم أن تقدم أصلا على بيع أرض على هذه الدرجة من الحساسية وبهذه الطريقة إلا إذا كانت فاقدة لكل حس وطني ولا نريد أن نزيد. لذا بدا قرار إلغاء البيع وكأنه تصحيح لخطيئة كبرى.
- الخطوة الثانية: قامت الحكومة المصرية عام ٢٠٠٥ بتخصيص هذه القطعة نفسها لشركة «غاز الشرق» التي يملكها حسين سالم وآخرون. ومن المعروف أن هذه الشركة أسست خصيصا لبيع الغاز لإسرائيل وأن لصاحبها علاقة وثيقة بأعلى مراكز صنع القرار فى مصر. ولأن الأرض التي ألغت الحكومة عقد بيعها وصادرتها لحساب المنفعة العامة، وهو أمر يدخل فى إطار صلاحيتها السيادية، عادت وباعتها لشركة خاصة، فقد فتح ذلك ثغرة نفد منها السيد سياج، المشترى الأول، لمقاضاة الحكومة المصرية أمام مركز تسوية منازعات الاستثمار، بصفته أجنبيا حاملا لجنسية أخرى!. أي أن الحكومة عالجت خطيئتها الأولى بخطيئة أكبر.
- الخطوة الثالثة: أثناء نظر الدعوى تم تشكيل لجنة خبراء رأت أغلبيتها أن المصلحة تقضى بتسوية الأمر وديا ودفع تعويض مناسب لسياج لأن موقف الحكومة المصرية ضعيف، لكن الحكومة لم تأخذ برأي اللجنة وفضلت إسناد القضية إلى مكتب محاماة أمريكي، «بيكر وماكينزى» الذى يرأس الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد فرعه المصري. غير أن الحكومة خسرت القضية وبات عليها دفع ٧٤ مليون دولار إضافة إلى مصاريف التحكيم والفوائد، مما يرفع المبلغ الإجمالي إلى( ٧٠٠ ) مليون جنيه.]انتهى
الهامش:
عادة ما يتم الاستشهاد بعدة أمور للتدليل على صدقية الدولة في محاربتها تحارب للفساد والمفسدين والمتربحين من مناصبهم الدستورية والتنفيذية.
- اعتراف رموز رسمية مهمة بوجود الفساد وبخطورته على النظام العام والمطالبة بتعقبه ومحاكمة المتورطين فيه. وهنا كثيرا ما يتم الاستشهاد بمقولة الرئيس ووصفه (بالفساد المصلح) ، ومقولة النائب الأول «العاوز يحارب الفساد بيلقانا قدامو!! ».
- ولأن الكل يدرك أن هناك مافيا متوحشة وليس مجرد مفسدين متنفذين يلتفون حول قرارات الأخ رئيس الجمهورية لإجهاضها ، ولكن أيضا الإقرار بأخطاء ممارسات بعض الوزراء والتي تدل عن أن وراء الأكمة ما وراءها ؛ إذ لم نسمع حتى يومنا هذا بتقديم أيٌ ممن أشارت إليهم أصابع الإتهام بأي إجراء قانوني حاسم يشفي الغليل ويطمئن العباد على أموال بيت المال ، فمن الطبيعي أن يرى كثيرون فى هذا الموقف دليلا على القبول الرسمي للفساد .
- عدم قيام الحكومة بتقديم بعض الرموز السياسية التي تدور حولها الشبهات والتردد فى تحويل ملفاتهم إلى وزير العدل عقب استجواب واستبانة المجلس الوطني للعديد من الملفات التي أزكمت روائحها الأنوف.
- عدم الاكتراث والاهتمام بأن هناك جهات إقليمية ودولية معنية بالفساد والشفافية وأن كثيراً من كتاب الرأي والصحفيون يتابعون ويرصدون قضايا الفساد ، كما أن عدم قيام مفوضية الفساد ببحث الملفات القديمة قبل الجديدة وتحويل المتورطين فيها - مهما علت مقاماتهم- للقضاء لاسترداد مقدرات الشعب المنهوبة يعني عدم الجدية ، والتفاف هذه الشريحة المتنفذة حول قرارات الأخ الرئيس كما أنه لم يصدر تقرير شهري دوري ينشر على الملأ حتى لا تفقد الحكومة مصداقيتها أمام مواطنيها.
غير أن أيا من هذه الشواهد المذكورة لا تصلح، فى تقديري، دليلا على مكافحة الدولة – أؤكد الدولة ولا أقول الحكومة- للفساد وتعقبها للمفسدين. مالم يتبع القول بالعمل وتكوين لجان قانونية محايدة تُعنى حصر الفساد فى جهة واحدة. فالفساد ينتشر بطول البلاد وعرضها ولم يصل إلى «الركب» فقط ولكنه إلى وصل إلى أعلى «الرؤوس» أيضا. فإذا أضفنا إلى ذلك حقيقة المقولتان الشهيرتان للأخ الرئيس ونائبه الأول واللتان تتردد أصداؤهما منذ أكثر من قرابة العام ، نرى أن النتائج لم تسفر عن أي تغيير يذكر فى محاربة الفساد المتوحش والمستشري في بعض جسد الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، لذا فلم يعد أحداً يأخذ شعار محاربة الفساد على محمل الجد.
أما عن تقديم بعض الرموز التنفيذية والسياسية للمحاكمة من المستويات الوسطى والدنيا فيلاحظ أن ذلك لم ربما التضحية بكباش فداء، وأن معظمهم حصلوا على البراءة من التهم الموجهة إليهم، مما يوحى بأن محاكمتهم تمت لأسباب انتقامية أو لاستخدامهم ككباش فداء لامتصاص الغضب الشعبي على تفشى الفساد. ويبدو أن معظمهم فضل الصمت حتى ولو صدرت بحقهم أحكام ، أمثال ذاك الذي اعترف بأن ضميره استيقظ وأبلغ عن نفسه!!
وأخيرا فإن تشكيل مفوضية رسمية تصدر تقارير حول «الشفافية والنزاهة» أرجو أن لا يدخل فقط في إطار الجهود الرامية لمغازلة الهيئات الدولية، وأرجو أن يكون شأنها فى ذلك شأن الأمور المتعلقة بحقوق الإنسان و التي شكلت لها أيضا مفوضية تصدر تقارير دورية، وأرجو أن تشكل مفوضية الفساد خطوة على الطريق الصحيح لمكافحة الفساد الي أزكمت رائحته الأنوف، وعلينا أن نذكر أن أهم العوامل التي ساعدت على قيام ثورات الربيع العربي وانهيار بعض الأنظمة الطاغوتية من حولنا هو فساد الطبقة السياسية التنفيذية ، وآية في ذلك فساد سي الزين والطاغية مبارك والشاويش على صالح، الجلاد معمر القذافي وأنجالهم وحاشيتهم ، فهل نعتبر ونتعظ ؟! لذا أخي الرئيس البشير الأمر يحتاج تدخلك الشخصي وحسمك الناجز له حتى نخرس ألسنة من يعتقد أن المفوضية بدأت بالجديد فقط لتغطي على القديم الذي قيل أن المتنفذين وأقاربهم وأصهارهم وحاشيتهم قد أثروا ثراءً حراماً من مال الشعب، أرجوك أخي الرئيس أعلن بالصوت جهوري أن (التطهير واجب وطني) وفرض عين لا كفاية ولكن أهم من ذلك حماية من يدل عليه ويشهد على وقائعه.!!
أقول قولي هذا وأرجو أن أرى قريباً أحد من الحيتان والتماسيح ولأناكوندا والأصلات التي تعتصر وتكسر ضلوع فريستها ثم تبتلعها لقفاً، أن أراهم قريباً في قفص الإتهام.. والله من وراء القصد، اللهم بلغت، اللهم فاشهد.!!
Abubakr Ibrahim [abubakri@mvpi.com.sa]