أشباح القاعدة ومن يحركونهم خلف الكواليس

 


 

محمد فضل علي
30 December, 2012

 



الخرطوم ليست كابول ولن تكون سيناء او صومال اخر
www.sudandailypress.net
محمد فضل علي محرر شبكة الصحافة السودانية ادمنتون كندا
بالامس القريب شهدت شبكة الانترنت السودانية والعربية حركة نشر وتسريبات مشبوهة وتسليط الضوء بصورة مكثفة علي طريقة فلاش باك متعمد لحدث قديم وقع في العاصمة السودانية مطلع العام 2008 اليوم الذي شهد مقتل دبلوماس امريكي صغير السن برصاصات غادرة لقي بعدها مصرعة مع سائقة الخاص السوداني ويومها تعددت الروايات حول اسباب ودوافع الحادث وبما ان القتيل شخصية غير عادية ومع التغطية الاعلامية الواسعة للحادث وتدفق فرق التحقق التابعة للمباحث الفيدرالية الامريكية المعروفة والواسعة الانتشار ال اف بي اي, وبعد مضي ايام قليلة اعلنت السلطات السودانية القاء القبض علي المجموعة المتسببة في الحادث الذين تمت محاكمتهم لاحقا وادانتهم وصدور حكم بالاعدام عليهم جميعا خرجو بعده من قاعة المحاكمة مهللين فرحين رافعين قيودهم مستخفين بالحكم الذي صدر ضدهم وكان للحكم ايضا ردود افعال مختلفة ثم اتي التطور الدرامي الكبير بالاعلان رسميا عن خبر هروبهم من سجن كوبر التاريخي العريق في قلب العاصمة الخرطوم وقالت السلطات ان الجناة قاموا بحفر نفق تحت الارض استخدموه في الهروب وتحدثت لاحقا عن وقوع مطاردة بينهم وبين الشرطة انتهت بمقتل شرطي وهروب الجناة مجددا ولكن معظم الناس وخاصة المعارضين للحكومة السودانية في الخارج والداخل شككوا في الرواية خاصة ان الاعلان عن خبر الهروب قد تزامن مع تصعيد دولي ضد السودان حول عدد من القضايا السودانية التي عبرت حدود السودان وتم تدويلها في اول سابقة من نوعها منذ استقلال البلاد مثل مشكلة دارفور ولكن القضية اصبحت لاحقا شبه منسية مع مرور الزمن ومع صمت اولياء الدم المفترضين اذا جاز التعبير ممثلين في الحكومة الامريكية واسرة الدبلوماسي القتيل ولكن تلك القضية اطلت بالامس كما اسلفنا من خلال التركيز والبث الاعلامي الغريب والمريب لبعض الوقائع ذات الصلة بالقضية وعملية الهروب, كانت البداية بتقرير اخباري مصور بثته قناة العربية ضمن لقاء مع شخصيات قانونية معروفة من المحامين الذين تولوا الدفاع عن المتهمين الاستاذة طه ابراهيم وعادل عبد الغني وقد تحدثوا حديثا مهنيا وحرفيا عن القضية ولكن المتحدث الاخير عادل عبد الغني اضاف من عنده وبعد تاكيده احترامه لراي القضاء مشككا في رواية الهروب التي يحيط بها الغموض ولايقبلها العقل ملمحا الي وجود من قام بتدبير عملية الهروب المشار اليها, كان هذا في برنامج باسم صناعة الموت واجري اللقاء معهم من الخرطوم مراسل ظهر مرة واحدة وفي اقل من ثانية وفي برنامج اخر من قناة الجزيرة تحدث جهادي سوداني وسجين سابق بمعتقل غواتناموا السيئ السمعة عن تجاربه في الترحال بين باكستان وافغانستان وسجون الامريكان وبالتزامن معه ايضا بثت شبكة جهادية تتبع منظمة القاعدة علي خلفية انشاد مؤثر كلمات الدكتور العبيد عبد الوهاب الذي نعته الشبكة الجهادية واتهمت جهاز الامن السوداني بقتله وتم ايضا في اطار هذا العرض الجماعي الموجه والمرتب بث العملية الكاملة لهروب المتهمين من سجن كوبر بكل اطوارها وسرعان ماشككت الكثير من دوائر المعارضة والمتابعين لاوضاع السودان في الرواية كلها واعادوا اتهامات قديمة عن فبركة وصناعة عملية الهروب ومع ذلك الامر يختلف كثيرا هذه المرة كونه تزامن مع احاديث عن انقسامات داخل المجموعة الاخوانية التي تحكم السودان وداخل الحركة الاسلامية وقصة الانقلاب الفاشل الذي اعتقل بعده مدير المخابرات السابق مع اخرين وكثرت وتعددت التكهنات ايضا بين اغلبية تشكك في كل الروايات الرسمية واقلية تقول بحقيقة الصراع علي السلطة و السيناريوهات الجارية في السودان اليوم وتربط بينها وبين حركة النشر الاعلامي لما تعرف باسم الجماعة الاسلامية السودانية او منظمة القاعدة فرع النيلين ولكل مايجري الان من احداث رغم الغموض الذي يحيط بها وللقضية والتطورات الجارية جذور قديمة تعود الي بداية التسعينات وانقلاب الجبهة القومية الاسلامية وقيام الاب الروحي للانقلاب حينها الدكتور حسن الترابي واخرين باستضافة اسامة بن لادن وعدد من اتباعه واسلاميين متشددين من مصر والجزائر وبلدان اخري مضاف اليهم الفنزويلي الشهير بكارلوس الشخصية المطلوبة دوليا في عدد كبير من بلدان العالم بتهم الارهاب والقتل وتفجير الطائرات واعتقال الرهائن الذي سمحوا له بالدخول الي السودان رغم علمهم بهويته عكس ما ادعوا لاحقا ثم تخلصوا منه بموجب صفقات غير كريمة مع الحكومة الفرنسية وجهات اخري بطريقة غير لائقة وفي عمل لاتقوم به الدول والكيانات المحترمة في عمل من اعمال النخاسة التي لاتليق بالسودان وتاريخه وارثه الناصع في العلاقات الدولية ليس دفاعا عن الطريقة التي كان يتصرف بها كارلوس او افعاله التي تتصادم في جانب منها مع التقاليد المفترضة والحدود التي يجب ان يلتزم بها المناضل من اجل الحرية ثم اتي عليهم حين من الدهر صرفوا فيه كل الذين استضافوهم بن لادن وانصاره ومعهم المطلوبين المصريين واخرين من جنسيات مختلفة واخرجوهم من السودان وترددت احاديث ايضا عن صفقات ابرمت بين الحكومة الاخوانية في الخرطوم وبعض الدوائر الامريكية التي تولت الاعلان بطريقة لاتخلوا من الخبث عن زيارة مدير المخابرات السودانية حينها المهندس صلاح عبد الله الشهير "بقوش" والسجين الراهن والمتهم في محاولة انقلابية حسب رواية الخرطوم, وكل ماسبق ذكره تسبب في ارباك اوضاع مرتبكة اصلا وسيقود الي المزيد من خلط الاوراق والوضع الداخلي في السودان علي درجة عالية من الخطورة رغم التطمينات المتكررة التي تصدر عن الخرطوم مصحوبة بامنيات وردية في غد مشرق وفتوحات بترولية جديدة بعد ان اطاح انفصال الجنوب الثروة الضخمة من عائدات البترول الذي وضع اساسه الرئيس الراحل جعفر نميري واستخرجته واستثمرته المجموعة الاخوانية التي تحكم السودان, والامر لايخلو في جانب من جوانبه من حرب استنزاف صامته بين جوبا والخرطوم والمجموعة الانفصالية هناك ومجموعة الخرطوم الاخوانية شريكتها في النكسة وتمزيق البلاد والبصم علي المشروع الامبريالي الهروبي و الانفصال الغير قانوني لاقليم من اقاليم الدولة السودانية بدون وجه حق,وفي ظل الحرب الصامتة الدائرة علي طريقة الضرب تحت الحزام بين الجنوب والشمال تجري محاولات لاختراق جزئي للمشهد وابرام اتفاق علي اعادة تصدير النفط الجنوبي عبر الشمال في ظل انعدام للثقة بسبب التباين الكبير في الاجندة والتوجهات بين الاثنين في الوقت الذي يسعي فيه كل طرف بكل مالديه من قدرات علي حرمان الطرف الاخر من التقاط الانفاس, وستدور الساقية ولاندري الي اين ستنتهي بنا الامور في بلد تقطعت باهله واغلبية شعبه السبل وازهقت منهم الانفاس بسبب المعاناة الطويلة والمزمنة والمستمرة لما يقارب الربع قرن من الزمان ولدينا في الطرف الاخر من المعادلة حالة تشبه الفراغ السياسي المعارض واشياء من هذا القبيل وعودة اخري الي موضوع التسريبات المذكورة واستعراض القوة المبطن من هولاء المتشددين وليس انابة عن احد لاننا نرفض اليوم وغدا حروب الوكالة والسمسرة في المواقف كما يفعل البعض خاصة فيما كل ماله صلة بمنظمة القاعدة والحرب علي الارهاب ومن موقع البلد المستقل القرار ونحن لانخاطب الغيب ولانظام الخرطوم الذي يهمه الامر ايضا ولكن نركز علي اصحاب الحق في كل اتجاهات الراي العام السوداني وندعوهم لمقاومة اي محاولة اي كان مصدرها ودوافعها لدمج قضية الشعب السوداني ومطالبة العادلة والواضحة في استراداد الحرية والديمقراطية في اجندة اخري وحروب استنزاف خارجية او محاور امريكية او جهادية ولانريد ان تتراكم قضايانا وتتوه مراكبنا وخطانا ونضل الطريق الي اهدافنا المعلنة او تحويل السودان الي مسرح لصراعات من هذا النوع وكفانا موعظة مايحدث في اليمن والصومال وليبيا ومالي الي جانب ما يجري في جارتنا الشمالية الشقيقة وظهرنا الاستراتيجي وعمقنا المفترض في ارض الكنانة التي تضاعفت الام وجراح شعبها وذادت معاناته وذهبت ثورته ادراج الرياح وتحولت اجزاء منه الي جزر معزولة يحيط الغموض بما يجري فيها باختصار نريد ان نسترد سوداننا اولا ونقيم عليه تجربة تصلح نموذجا للاخرين نريد الديمقراطية والخبز والحرية والسلام وتبادل المنافع مع الاخرين في وطن نصون المتبقي من اراضيه ولانريد نموذجا لسيناء سودانية او صومال اخر وعلي الله فليتوكل المتوكلون.


 

آراء