إلى بحرإدريس أبوقردة بصورة إلى مأمون حميدة

 


 

 


(كلام عابر)

جاء في صحيفة "عكاظ" اليومية السعودية في عددها رقم 4211 الصادر بتاريخ 27 ديسمبر 2012م  تحت العنوان"الصحة تحقق في قضية طرد طفل مريض من مجمع للعيادات الطبية"، جاء ما يلي:
أصدر مدير عام الشؤون الصحية في منطقة المدينة المنورة الدكتور عبدالله علي الطائفي أمس تعليماته بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق والتحقيق في قضية تخلي أحد مجمعات العيادات الشهيرة بالمدينة المنورة عن إسعاف غلام كانت قد نقلته والدته إليه بحالة حرجة لعلاجه مطلع الأسبوع الجاري، حيث وجه الطائفي الجهات المختصة بالمديرية بالوقوف على مجمع العيادات والتحقيق مع المسؤولين والأطباء حول التصرف غير الإنساني تجاه الغلام والأٍباب التي دعت إلى إخراجه من المجمع وإلقائه على الرصيف دون طلب الهلال الأحمر ليتولى نقله بشكل صحي. وأفاد مدير الإعلام الصحي بصحة المدينة عبدالرازق حافظ أن لجنة زارت الطفل الذي يعاني من مرض السحايا والمنوم في مستشفى الأنصار لافتا أن حالته مطمئنة وسيجري نقله لغرفة عادية. وأوضح الدكتور الطائفي أنه ستتم محاسبة المقصرين والمتهاونين في صحة المرضى وتطبيق أقصى العقوبات على كل متساهل أو من يقترف خطأ بحق أي مريض مهما كانت جنسيته.
وكانت "عكاظ" قد نشرت في العدد 4209 تحقيقا بعنوان" مجمع طبي يلقي طفلا مريضا على الرصيف" أشارت فيه إلى قيام مجمع للعيادات الطبية الشهيرة في المدينة بحمل عمال النظافة غلاما مريضا على نقالة المرضى وإلقائه على الرصيف بعد أن تخلى المجمع عن علاجه في منظر أدهش المارة.
وفي سياق متصل بالموضوع، قال المقيم محمود حسن السوداني الجنسية عم الطفل مصطفى (13 عاما)أن ابن أخيه تعرض لمرض أدى إلى ارتفاع في درجة الحرارة مع استفراغ مستمر، ونقلته والدته ‘لى إثره إلى مجمع العيادات الطبية، وبقي فترة طويلة في المجمع دون أن ينظروا في حالته، وبعد تدهور حالته وإلحاح من والدته وضعوا له مغذيا لمدة ساعتين وبعدها فصلوا عنه المغذي وطلبوا منها نقله إلى مستشفى الأنصار.
ومن جهة أخرى قالت شرف القرافي، المشرفة على مكتب حقوق الإنسان بالمدينة المنورة، إن التحقيقات إذا أثبتت تصرف المجمع مع الطفل المريض فإن ذلك يعد انتهاكا واضحا لحقوق الطفل وعلى الأخص حقه في توفير الرعاية الصحية المناسبة.
أنتهى ما جاء في صحيفة "عكاظ".
لم توضح الصحيفة لماذا اختارت الأم هذا المجمع بالذات بدلا من الذهاب لمستشفى عام؟ هل لأنه الأقرب لمسكنها مثلا؟ هل يحمل الطفل تأمينا صحيا؟ يحتمل أن عدم وجود التأمين الصحي وعدم الدفع النقدي هو السبب الذي دفع  مجمع العيادات المذكور للتخلص من الطفل المريض بعد أن قدم له اسعافات أولية، لكن أيا كان السبب والظرف، فقد تعامل مجمع العيادات مع الطفل بطريقة مهينة كما ذكرت الصحيفة، ولم يمر هذا الفعل مرور الكرام ووجد الاهتمام على أعلى المستويات في إدارة الشؤون الصحية في المدينة المنورة.
ليس المجال هنا مجال مقارنة بين الخدمات الصحية في البلدين..السودان والمملكة العربية السعودية، فمن البديهي أن تكون الخدمات الصحية في السعودية أفضل منها في السودان بسبب الفارق الكبير بين امكانات البلدين، ولكني أتناول الموقف من رؤية أخلاقية، لأن التعامل بإنسانية، في أي مجال،لا يتطلب بالضرورة توفر الامكانات المادية.هب أن هذا الطفل كان في السودان،وتعرض لنفس الموقف الصحي، هل كانت ستستقبله جهة علاجية ما وتقدم له أي نوع من الرعاية الطبية دون أن يدفع ذووه دم قلبهم؟ هل سيسمح له مأمون حميدة وزير صحة ولاية الخرطوم مثلا بالإقتراب لأي سبب من الأسباب من أسوار أمبراطوريته أو مستشفياته الخاصة؟  ترى كيف كان  سيتصرف بحر إدريس أبوقردة وزير الصحة المركزي في مثل هذه الحالة؟ هل مثل هذه الحالات شاذة ومستهجنة بالدرجة التي يحاط بها المسؤولون علما؟ هل سيهتم الوزير بالأمر؟هل سيحقق مع أحد أو هل يملك أصلا من السلطات والصلاحيات الفعلية التي تمكنه من التحقيق مع أحد ومساءلته؟ هل كان هذا الطفل السوداني المغترب سيجد من المسؤولين في وطنه ذات الاهتمام الذي وجده من المسؤولين السعوديين الذين ظلوا تابعون يتابعون حالته الصحية في مستشفى الأنصار الذي نقل إليه لتلقي العلاج؟ 
أدري أنها تساؤلات انصرافية (لا تودي ولا تجيب) رغم أنها جزء من  حصادنا المر بعد سبعة وخمسين سنة من رفع علم الاستقلال، لكن القصد هو مجرد إحاطة الوزيرين، الفدرالي منهما والولائي، علما بالواقعة،إن كان في وقتهما وفي وقت من يهمهم الأمر متسع للوقوف عند هذه الأمور (الانصرافية).
(عبدالله علقم)
Khamma46@yahoo.com

 

آراء