في مساء الاثنين الماضي ، تابعنا مجريات مباراة هلال مريخ من على شاشة تلفزيون السودان القومي والتي انتهت بفوز الهلال على المريخ 2/1 وإحرازه لكأس السودان منهياً بذلك هيمنة مريخية على كأس السودان امتدت لأربع سنوات متتالية! الجدير بالملاحظة هو أن جميع أهداف المباراة قد أحرزها لاعبان أجنبيان هما سادومبا الزيمبابوي وكليتشي النيجيري ، أي أن العامل الرياضي الأجنبي وليس الوطني السوداني قد صار له القدح المعلى في تحقيق انجازات كرة القدم على المستوى المحلي السوداني، ونحن لسنا ضد الإحتراف الأجنبي في السودان فهو قد صار من قبيل الضروريات الرياضية في كل دولة ولكننا نطمح لأن يكون لدينا هدافون سودانيون بمستوى سادومبا وكليتشي ليقوموا بتمثيل الفريق القومي السوداني في المنافسات الإقليمية والقارية والدولية فلا يُعقل أن ينهزم الفريق القومي السوداني العريق من تشاد أو ومالي ثم نسمع في الأخبار أن الهلال أو المريخ قد انتصر على أحد فرق الضهاري بأربعة أهداف نظيفة أحرزها سادومبا أو كليتشي لأن تحقيق بعض الانتصارات الداخلية الهزيلة على مستوى الأندية المحلية ضعيفة المستوى والعجز التام والمتوالي عن تحقيق الانتصارات الأقليمية والقارية والدولية الكبرى على مستوى المنتخبات القومية القوية هو بمثابة فشل رياضي قومي يحتاج إلى معالجات عاجلة!
بعد انتهاء المباراة تجولنا في شاشات بعض الفضائيات السياسية العربية والدولية والتي أفسحت الصدارة لأخبار سياسية سودانية غير طيبة ، فقد قامت قوات الأمن السودانية بقمع مسيرة سلمية للمعارضة السودانية للمرة الثانية على التوالي خلال أسبوع واحد واعتقلت العشرات من رموز المعارضة السودانية المعروفة محلياً ودولياً ، لقد تباينت ردود الأفعال المحلية ما بين مؤيد ومعارض لتلك الإجراءات القمعية بينما تم شجبها من قبل كل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، وعلى أي حال ، فيبدو أن نتيجة المباراة السياسية بين الحكومة والمعارضة قد انتهت بالتعادل لكن تعادل المعارضة لن يتحول إلى فوز في الانتخابات القادمة طالما لم تجز قوانين التحول الديمقراطي وطالما ظلت حكومة المؤتمر الوطني تهيمن وحدها هيمنة مطلقة على الشرطة والجيش والأمن والإعلام وميزانية الدولة، أما الحكومة فرغم اتهامها للمعارضة السودانية بالعمالة الأجنبية وتهديداتها بالعودة إلى مربع الحرب فإنها لم تستطع كسر شوكة المعارضة السودانية المدعومة بالحركة الشعبية بل أن مسيرات المعارضة هي التي أجبرت الحكومة على التوصل لاتفاق سياسي عاجل مع الحركة الشعبية بغرض تحقيق هدف تكتيكي هو الالتفاف على المعارضة السودانية وسحب بساط الحركة الشعبية من تحت قدميها، أما حديث رموز الحكومة حول العامل السياسي الأجنبي فهو بمثابة ذر الرماد في العيون لأن العامل السياسي الأجنبي وليس الوطني السوداني قد أصبحت له اليد العليا في تحريك اللاعبين في الساحة السياسية السودانية منذ عدة سنوات وكل من هبّ ودبّ داخل السودان وخارجه يعرف أن الأمريكان يتوافدون إلى الخرطوم من أجل تنفيذ اتفاقية نيفاشا المضمونة من قبل الدول الغربية كما أن وفود الحكومة السودانية تتوالى على العاصمة الفرنسية باريس بغرض حثها على إقناع أحد الفصائل الدارفورية بالإنضمام إلى مفاوضات الدوحة ومن المؤكد أن الأمريكان أو الفرنسيين ليسو شوايقة ولا مساليت!
وغني عن القول إن احتكام الحكومة والمعارضة السودانية إلى قواعد اللعبة الديمقراطية يقتضي التحرك العاجل لإجازة قوانين التحول الديمقراطي فلا يُعقل أن تتدخل قوات الأمن السودانية في كل مرة وتقمع المسيرات الديمقراطية السلمية بينما يتحدث زعماء المؤتمر الوطني ليل نهار عن الترتيب لإجراء انتخابات ديمقراطية في السودان الذي لم يشهد أي انتخابات حرة منذ ثلاثة وعشرون عاماً بالتمام والكمال!
فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
fsuliman1@gmail.com
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم