ابوهاجه (عامل ما عارف حاجة)!!

 


 

 

abdullahaliabdullah1424@gmail.com

بسم الله الرحمن الرحيم
ما خطه ابوهاجه لتبرير حل حكومة حمدوك كما يرغب البرهان، يقدم نموذج لرجالات القوات المسلحة المؤدلجين، ولمهزلة الاسترزاق عندما يتلبس لبوس الاستشارة او غيرها من المسميات البراقة.
فابوهاجه مثله مثل البشير والبرهان والكباشي الي آخر القائمة من جنرالات الجيش الذين يحتلون مراكز القيادة، فهم مصابون بشكل او آخر بتلازمة جنون العظمة، وما يستتبعها من تضخيم الشخصية وقدراتها، مع احتقار الآخر بما يناسب مقدراته ومواهبه، ومشاعر حقودة في تجريده من كافة حقوقه. وذلك مع استفحال حالة من الانكار يشوبها غرور وعصبية وارهاب، وكل هذا للوصول للمطلوب، غض النظر عن قلب الحقائق وتزييف الوقائع.
وبما ان هذه الحالة متفشية في الجيش عندما يصاب بوصمة الأدلجة، فلابد ان لها ارتباط بطريقة وآلية الترقي، اي هنالك رابط بين الرتبة او المكانة غير المستحقة، وبين نقص القدرات وانحراف في السلوك. والحال كذلك، جنون العظمة تعبير عن مركب نقص، لا يمكن اكماله إلا بالاستحواذ علي كل شئ وبكافة الوسائل. وهذا قد يفسر الهوس بالانقلابات التي تزيل العوائق وتبيح ارضاء الرغبات، لكافة الانقلابيين وداعميهم من المدنيين. وهذا النموذج المريض من السلطة، مؤكد يعيد انتاج القيم المريضة داخل الدولة، وعلي الاخص داخل المؤسسة العسكرية نفسها، وهذا بدوره ما يصعب اقتلاع الانقلابات واعادة البناء علي اسس جديدة.
ولكن ما يؤسف له تردي مؤسسة الجيش الي ان اصبحت العوبة في يد البشير يوجهها انَّ اراد، بعد ان مكن اشباهه في الطباع من قيادت وحداتها، وكأن البشير طبع المؤسسة العسكرية بطباعه، وساعد علي ذلك مرحلة تاريخية طويلة انحرفت فيها هذه المؤسسة عن دورها ووظيفتها الاحترافية. وعندما يضاف الي غباء وقلة كفاءة البشير مكر الاسلاميين، ليس بمستغرب ان تنحدر هذه المؤسسة الي مشاركة لصوص الاسلامويين الثروات والسيطرة علي الفضاء العام، خارج نطاق اختصاصها. لتتيح المجال لتضخم جهاز الامن ليقضم جزء معتبر من هذه الاختصاصات، وليأتي من بعده المهرج حميدتي بجنجويده ليجهز علي ما تبقي من اختصاصات فرطت فيها هذه المؤسسة، بتواطؤ مريب من قادتها. ومؤكد مع امثال هؤلاء القادة، ان يصعد ابوهاجه الي رتبة فريق، ويصير مستشار للبرهان، مع ان كل حاصل معرفته لا يتعدي مقولة رمتني بداءها وانسلت، والاجتهاد لتحسين مزاج البرهان بكل السبل!
ومن سوء حظ الثورة انها واجهت هكذا مؤسسة عسكرية مستلبة، تقف علي راسها نخبة عسكرية شاركت البشير جرائمه وفساده. لتبدأ سلسلة من المؤامرات علي الثورة وقواها الحية منذ ازاحة البشير. وهي ازحة تمت استجابة لضغط الثوار وصغار الضباط الذين اظهروا بسالة نادرة، ردت لتلك للمؤسسة جزء من اعتبارها، مما يدل ان التقدير والاحترام مرتبط بالافعال والتزام جانب الشعب. ليتصاعد خط المؤامرة، بالغدر بالثوار السلميين الابرياء في حرم المؤسسة العسكرية وتحت بصر قادتها وعسكرها، في واحدة من اعظم خيبات المؤسسة العسكرية التي لا يمكن جبرها، إلا برد الظلم وارجاع حق الضحايا ممن تسبب في هذه الجريمة الجبانة، وهم معلومون بالصوت والصورة والمسؤولية التراتبية، بل والاعتراف العلني. ثم بدأ مسلسل المراوغة والتملص والابتزاز والمن علي الثورة، ومع استمرار ضغط الشارع والمجتمع الدولي، وجدوا المخرج في وثيقة دستورية اتخذوها مطية لتنفيذ مخططاتهم في الاستيلاء علي السلطة لخدمة اطماعهم الخاصة، واطماع داعميهم في الداخل والخارج.
ومن ضمن مخطط السيطرة علي السلطة حرصوا علي اضعاف المكون المدني، لدرجة الضغط في سبيل مشاركة قوي الهبوط الناعم من الحركات المسلحة والقوي المدنية في السلطة، كمدخل لتقوية نفوذ العسكر والدول الاقليمية، وبعد ان نالو وطرهم من القوي المدنية، اتجهوا الآن للضغط بوسائل الحصار الاقتصادي والسيولة الامنية، والصاق كل الشرور واسباب التقصير بالمكون المدني، من اجل مشاركة قوي اكثر هبوط ونعومة، بحيث تمكن العسكر من السيطرة الكاملة علي المشهد، بما يشبه الانقلاب بزي مدني، بعد ان اصبح الانقلاب العسكري المكشوف اكثر كلفة، اضافة الي ان تسليم البرهان لموقعه للمدنيين قد آنَ اوانه. في هذا السياق الاخير، يندرج مقال المستشار ابو هاجه، متجاهلا عن عمد كل التسلسل اعلاه، ومفضلا دور المسهل لهذا الانقلاب، بعد تقديم محاضرة في الالتواء وقلب الحقائق والانبطاح لسيده البرهان لدرجة تثير الغثيان. وهذا ان دل علي شئ فهو يدل، علي ان البرهان ليس في وارد ترك السلطة باي حال من الاحوال، وان رغبته في البقاء علي سدة السلطة، تبيح له استخدام كل الوسائل والاستعانة بكل ما يقع تحت يديه من امكانات، وبما فيها توظيف ابوهاجه للظهور بهذه الصورة المذلة (كصحاف جديد)!
ولكن ما يجهله ابوهاجه وقبله البرهان وصحبه طغمة اللجنة الامنية، ان الثورة قدمت لهم اكبر خدمة لدخول التاريخ من اوسع الابواب وكذلك القلوب (حتي الغاضبة والمكلومة)، بل وتغيير وجه السودان وكل المنطقة للابد، فقط اذا التقطوا قفاز اللحظة التاريخية كما يجب، والتزموا جانب الصدق مع الثورة والاخلاص للتحول الديمقراطي وبناء الدولة المدنية. ولكن هكذا دور يحتاج لدرجة من الوعي والنضوج والاستقامة الاخلاقية ومسيرة مهنية محترمة، وكل هذا ما لا يتوافر في البرهان وشلته، الذين يعبرون عن كل ما هو سئ في المؤسسة العسكرية ومنحط في الحركة الاسلامية. لذلك ليس مصادفة ان تلجأ هذه المجموعة المجرمة لتخريب الفترة الانتقالية ولو بافتعال انقلابات ودمغ المجتمع بالارهاب وتجويع الشعب وتهديد سلامة الدولة. وعليه لن ينخدع الشعب بسفح دموع التماسيح من ابوهاجه او البرهان او حميدتي، عندما يتظاهرون باهتمامهم بمعاش الناس او التحول الديمقراطي او الحفاظ علي الوطن.
واخيرا
نهمس في آذان قادة التآمر، بانه لا تورد الابل بهكذا مسرحيات عبثية خطرة، والعاب بهلوانية غبية، تلهفا لانتزاع سلطة لا تشبههم ولا يشبوهنها علي اي مستوي، بدلالة النموذج السلطوي التخريبي الذي يعرضونه علي سدة السلطة. اما امثال ابوهاجه ومن اختار دور المضلل والمزور طمعا في كسب رضا اسياده، ان عاقبتهم احتقار يرافق سيرتهم مدي الحياة. ولا حل إلا باصلاح القوات المسلحة من خارجها. ودمتم في رعاية الله.

 

آراء