اتفاق سلام جوبا الموقع بالأحرف الأولى مع الحركات المسلحة، تلك إذا قسمة ضيزى!!

 


 

 

 

كان ينبغي على الحركات المسلحة ومباشرة بعد سقوط الحكومة السابقة التي كانت قد اشتركت هي نفسها فيها وتولى قادتها المناصب الدستورية فيها ان تنضم لركب السلام وترجئ النظر في أي مطالب لها بعد انتهاء الفترة الانتقالية حتى تساهم هذه الحركات المسلحة في نجاح الديمقراطية في الفترة الانتقالية ثم تطرح ما عندها من مطالب بعد انتخاب الشعب لحكومة يرتضيها بعد نهاية الفترة الانتقالية لتصل الى اتفاق سلام يعبر عن إرادة كل شعب السودان واقاليمه المختلفة التي تعيش أوضاعا أسوأ من الأوضاع في مناطق الحروب.

هذه الحركات المسلحة عجزت عن إزاحة الحكومة السابقة التي ظلت تارةً تقاتلها بالسلاح ولم تسقطها وتارةً أخرى تقسم معها السلطة والثروة عندما عجزت عن اسقاطها، فكان ينبغي لها، تكريماً لأرواح ودماء شباب اسقطوها وارتقت ارواحهم الى العلا ولم يطالب من بقي على قيد الحياة منهم لا بسلطة ولا بثروة، أن تؤجل المطالبات وحب السلطة والثروة الى وقت معلوم
ينتخب فيه الشعب من يرتضيهم ممثلين لكل أقاليم السودان.
هذه الاتفاقية من الخطأ وصفها باتفاق سلام فهي ان كانت اتفاقية سلام على دارفور والحركات المسلحة فهي اتفاقية حرب وقسمة غنائم تعود ملكيتها لأقاليم أخرى لم تكن طرفاً في الحرب على الاطلاق بل هي أفقر من إقليم دارفور بل وأفقر من مناطق الحروب والنزاعات وصبرت على مرارات مظالم وشظف عيش أسوأ مما حملت عليه الحركات المسلحة في دارفور وغيرها السلاح.
فمن يمر عبر شمال السودان من الجيلي وشندي والى حلفا وعبر شرق السودان من القضارف الى بورتسودان لم يجد غير البؤس وتردي الخدمات والفقر وعدم وجود أثر لاي خدمات حكومية بل ولا سلطات عامة.
أهل شرق السودان ظلوا يرفدون الخزينة العامة بالعملات الصعبة من دخل الموانئ من قبل الاستقلال وسوق المحصول بالقضارف وصادراته الزراعية ظل يرفد الخزينة العامة بالعملات الحرة والمحلية فماذا عاد لهم من كل ذلك غير الضرائب والجبايات وانعدام الخدمات وبؤس الحال ونفس الشيء ينطبق على بقية أقاليم السودان.
ان الاتفاقات التي تؤسس على الترضيات والمحاصصات أثبتت فشلها، فكلما تم استرضاء مجموعة شهرت مجموعة أخرى السلاح، حتى تشظت الحركات المسلحة، الى متى الترضيات.
التمييز الإيجابي affirmative action مطلوب ولكنه في الحالة السودانية يفترض فيه الشمول والا أصبح انصاف لفئة وغبن واجحاف لفئات أخرى. وكما قال الأستاذ محمود محمد طه (ساووا السودانيين في الفقر حتى يتساووا في الغنى).
الاتفاق موقع بالأحرف الأولى فاذا لم يخضع لتعديل منصف لبقية أقاليم السودان فلن يعود حتى لدارفور بالخير لان في استمراره حيف وظلم وتحميل نفقات فوق طاقة أقاليم أخرى هي أفقر من دارفور مما تضطر معه بقية أقاليم السودان لتوجيه دعوات هنا وهناك بحق تقرير المصير وقد بدأت فعلاً تظهر أصوات في شرق وشمال السودان تشير الى ذلك.
إذا كان لا بد من التمييز الإيجابي في هذه المرحلة، التي يتردى فيها السودان كله بلا استثناء، فليخضع ذلك لدراسة اجتماعية واقتصادية شاملة منصفة لكل أقاليم السودان.
لا بد من الأخذ بحكمة الأستاذ محمود المشار اليها في هذا المقال (ساووا السودانيين في الفقر حتى يتساووا في الغنى).
الشعب السوداني عانى من تعويضات دفعتها حكومة غير منتخبة للأمريكان، عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، ثم تعيد الحكومة الكرة ثانيةً وتنهكه وهو المنهك أصلاً بتحميله لدفع غنائم حرب تؤخذ منه دون رضاه ودون تفويض منه بذلك.

الله المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله.

حسين إبراهيم علي جادين


Hussainj@diwan.gov.qa
///////////////////////

 

آراء