احتفال البشرية برأس السنة الميلادية!

 


 

 

يقول التاريخ أن مدينة روما القديمة هي أول مدينة سنت الاحتفال برأس السنة الجديدة حسب التقويم الجريجوري ومن ثم درج أتباع بعض الكنائس الارثوذكسية الشرقية على الاحتفال برأس السنة الجديدة باعتباره أحد الأعياد المسيحية المجيدة، وعلى الرغم من أن الاحتفال برأس السنة الميلادية هو تقليد مسيحي صرف إلا أن كثير من المسلمين ومن غير المسلمين صاروا يحتفلون بحلول رأس السنة بوصفه عادة اجتماعية عالمية حديثة ، ولهذا تحتفل طوكيو وبكين ونيودلهي وأنقره والقاهرة ولندن ونيويورك وكراكاس وكانبيرا بذات المناسبة رغم اختلاف الديانات والملل!
اليوم وفي الثانية الأولى بعد الساعة الثانية عشر ليلاً سينتهي عام 2012 وتبدأ أول لحظة في عام 2013 ، وعندها سيقوم الكثيرون من البشر في مختلف المدن العالمية الكبرى باستقبال تلك اللحظة التاريخية بصيحات الابتهاج وسط أجواء من الاحتفالات الصاخبة، وتتفجر في الأرض الضحكات المرحة وسط أجواء ملونة بالموسيقى والرقص والغناء ومفعمة بما لذ وطاب من الطعام والشراب بينما تتفجر في السماء تشكيلات رائعة من الألعاب النارية ، ويهني الناس بعضهم بعضا بحلول رأس السنة الميلادية الجديدة ثم يقضون يوم رأس السنة ، والذي يُعتبر عطلة رسمية في معظم دول العالم، في تبادل الزيارات والهدايا أو الاستمتاع بالنوم وتخيل تحقق أحلام سعيدة في العام الميلادي الجديد!
بعض البلاد الاسلامية الليبرالية تحتفل برأس السنة الميلادية وتعتبره يوم عطلة رسمية للمسيحيين والمسلمين على حد سواء ، أما بعض الدول الاسلامية المتشددة فتحرم الاحتفال به وتعتبره يوم عمل عادي بل يعمد رجال الدين فيها إلى الترويج لتحريم قيام المسلمين بتهنئة المسيحيين بحلول رأس السنة الميلادية!
يستعد الكثير من السكرجية لاستقبال اللحظة التاريخية الحاسمة لرأس السنة بأقوى سكرة ، لكن بعضهم يتهاوى ويغط في نوم عميق قبل حلول الثانية الأولى من عام 2013!

اللصوص ينتظرون لحظة رأس السنة بفارغ الصبر ، فتلك اللحظة التي تنشغل فيها الحشود الضخمة بحلول أول ثانية في السنة الجديدة تعتبر فرصة تاريخية لارتكاب أكبر عدد من جرائم النشل والسرقة والسطو ، أما رجال الأمن فينزعجون أشد الانزعاج من حلول لحظة رأس السنة لأنهم وبخلاف جميع المحتفلين يكونون على رأس عملهم الذي يزداد خطورةً في لحظة رأس السنة بالذات!

في هذا المساء ، تلقيت عدة إيملات من عدد من المحتالين تهنئني برأس السنة وتخطرني بفوزي بجائزة مالية كبرى وتطلب إرسال مبلغ مالي لدفعه كرسوم قبل الافراج عن مبلغ الجائزة، وكان ردي هو حذف هذه الإيملات والاستمتاع بتعليق الرد إلى الأبد!

الرئيس الأمريكي باراك أوباما لن يستمتع بعيد رأس السنة إلا إذا نجح في إقناع  الجمهوريين بزيادة الضرائب على الأغنياء وزيادة الانفاق العام بغرض منع أمريكا والدول المرتبطة بها من السقوط في الهاوية المالية في السنة الجديدة!

مقاتلو الجيش السوري الحر المنهمكون في عمليات عسكرية ضد جيش الأسد لن يشعروا بلحظة حلول رأس السنة ، فالأرض والسماء في سوريا مليئة بالتفجيرات والانفجارات النارية القاتلة التي لن تُفسح المجال لأي ألعاب نارية سلمية!

كثير من السودانيين الذين ضربتهم الأزمة الاقتصادية داخل الوطن وخارجه لن يحتفلوا برأس سنة 2013 وسينامون باكراً ولسان حالهم يقول بسخط بالغ: احتفال بتاع شنو ، ياخي السنة دي ما عندها راس ولا عندها قعر! وفي الختام لا يملك المرء إلا أن يهنيء الجميع بعيد رأس السنة الميلادية ويتمنى لكل البشرية عاماً جديداً خالياً من الكوارث والحروب والازمات الاقتصادية ما ظهر منها وما بطن!


sara abdulla [fsuliman1@gmail.com]

 

آراء