اعتراضان على مقال القرّاي الموسوم ب: بين المحبوب والمرعوب (3)

 


 

 

بعثتُ بالرسالة التالية الى الكاتب دكتور عمر القراي مبدياً اعتراضي على تصريحين تضمنهما مقاله المنوّه به بأعلاه.

السلام عليكم دكتور
اخي، تُشْكر على المقال وما جاء فيه من توضيحات.
هذا، ولم اكتب اليك لادافع عن جماعة امين حسن عمر، بل اكتبُ معترضاً على امرين وردا في مقالك:
اولهما: زعمك انه لا جهاد في الاسلام لان الله، حسب قولك، منحَ خلقه الحق في ان يؤمنوا او يكفروا.
فإن كنت تعني جهاد الطلب فأظنُّ، والله تعالى اعلم، انك لن تُعْدم تأييداً على هذا الرأي من نصوص الشرع واقوال العلماء.
وأما إن قصدتَ الجهاد مُطلقاً، دفعاً كان او طلباً، فأنت تُخالفُ نصوصاً صريحة من القرآن والحديث النبوي الصحيح.
فكيف لا يكون الجهاد واجباً حين يهجم بلد غير مسلم على بلد مسلم فيسرق ارضه، ويهين اهله ويسلبهم حرّيتهم، ويفتنهم في دينهم، ويسرق ثرواتهم، كما حدث ويحدث في فلسطين؟! كيف نزعُمُ ذلك والقرآن يُصرِّحُ قائلاً:
"يا ايها الذين امنوا قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا..."، ويقول في موضع آخر:
"مالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من النساء والرجال والولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم اهلها....؟"

و ثاني الامرين: قولك انه لا براء ولا ولاء في الاسلام.

وأنت مخطيء في هذا لكونك تجهل، او تتجاهل، حقيقة ان البراء والولاء في الاسلام مدارُهُ على موقف الشخص المعني من الاسلام والمسلمين، أعني: هل يحادد هذا الشخص الله ورسوله ويكيد للاسلام، ويناصب اهله العداء، ام لا يفعل ذلك؟
فالقرآن يوجب بنصوص صريحة البراءةَ ممن حادّ الله، قال تعالى:
"لا تجدُ قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادّون من حاد الله ولو كانوا آباءهم او اخوانهم...."
اما غير المسلم الذي لا يعادي المسلمين، ولا يكيد لهم، فلا يُوجِبُ الاسلامُ معاداته والبراءة منه، بل يدعو إلى الرفق بِهِ، والاقساط اليه، كما جاء في قوله تعالى:
"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ان تبروهم وتقسطوا اليهم..."
وفي تعامل رسول الله مع اهل المدينة من غير المسلمين، من يهود ونصارى ومشركين، خير دليل على ان الاسلام لا يوجب البراءة ممن لا يكيد للاسلام او يناصب المسلمين العداء، فلم يعادِ رسول الله يهود المدينة الا بعد ان خانوا العهد، وتآمروا مع المشركين، واستعلنوا بالعداوة للمسلمين.
صفوة القول ان جهاد الدفع فرضٌ قائمٌ لا يزول الى قيام الساعة، لانه الى جانب كونه واجباً دينياً، فهو ضرورة كونية يختلُّ بغيابها نظامُ الكون، قال تعالى:
"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت السموات والارض"، وقال في آية اخرى:
"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدِّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً..."
وضرورةُ جهاد الدفع، للمسلمين ولغيرهم، تتجلى فيما نشهده اليوم من اهتمام كل دول العالم ومسارعتها الى إعداد وسائل القوة، وبناء الجيوش، والتفنن في صناعة الاسلحة الفتّاكة، ولا اظنّكَ، والحال كذلك، تطالبُ المسلمين اليومَ بتسريح جيوشهم، وكسر اسلحتهم، ومقابلة عدوان الاخرين بالابتسامات العِراض وبوكيهات الورود.

ولك التحية، ومعذرة على الاطالة.
اخوكم،
احمد المكاشفي دفع الله

mikashfi@outlook.com
//////////////////////////

 

آراء