الانسان الأفريقى وتدمير الذات: من الرق القسرى الى الرق الطوعى

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

 

بمناسبة الضجة التي إفتعلها الاعلام الغربي بمناسبة مسرحية بيع بعض المهاجرين الافارقة في معسكرات الاتجار بالبشر في ليبيا و إدانة مجلس الامن لتلك الظاهرة أعيد نشر هذا المقال المنشور في 10 ديسمبر 2014 لتوضيح الصورة حيث أن تاجر الرقيق الأكبر هو نفس التاجر القديم و أن حرب المصطلح و تزوير الحقائق غدت وسائل ناجحة لتبرئة الحضارة الغربية من سياساتها المريبة و أفعالها القذرة و القائها جزافاً على الغير فإلى المقال القديم

فى القرن الثامن عشر هجم تجار الرقيق من أوربا و أمريكا على أفريقيا و بمساعدة المستنيرين من الأفارقة سيق الملاين مكبلين بالسلاسل و القيود قسراً إلى أوربا و الدنيا الجديدة للعمل من أجل بناء قواعد الحضارة الغربية المهيمنة اليوم و بقى أحفاد هؤلاء شامة سوداء فى وجه هذه الحضارة الغالبة.كما تم اغتصاب كل القارة الإفريقية حينها و تم توزيعها بين الدول الأوربية حتى يتسنى لهم سرقة مواردها و ثرواتها الطبيعية على مهل و من دون تنافس يشغلهم عن هذه المهمة السامية!!!.

في معيتهم جاءت كنيسة الرجل الأبيض إلى أفريقيا لتبرر صنيعة هؤلاء و لتعلمنا من صفعك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر.لم تستنكف مخازي هؤلاء قط بل انتهت أداةً من أدواتهم تنشر الفتنة بين شعوب القارة و تنشىْ الأجيال القادمة التي اليها يوكل الامر من بعد في مدارس بعثاتها التبشيرية. ليس هذا اتهاماً للمسيحية فالمسيحية كانت في أفريقيا قبل وصول الرجل الابيض و لكنها كانت مسيحيةً صادقة, بل ان الاسلام نشأ في حضنها حيث كانت الهجرة الاولى الى الحبشة لان بها ملكا لايظلم عنده أحد.

هذه المقدمة العريانة كانت ضرورية لأن المسلسل مسلسل العبودية ما زال مستمرأ و ان الثنائي (الإستعمار و الكنيسة) ما زال يمارس نفس الدور و لكنهم هذه المرة تدثروا بدثار الدعوة للقيم النبيلة ( و كذلك يفعلون) كالحرية و حقوق الانسان و الديمقراطية و النزاهة للفصيل الاول ( الإستعمار) أما الثانى ( الكنيسة) فقد جاء في لبوس المنظمات الانسانية و التبشيرية و منهم صادقين.

قبل أقل من نصف قرن من الزمان كان الإنسان الأسود في أوربا و أمريكا بل في جنوب أفريقيا وروديسيا يعامل معاملة الحيوان بل دون الحيوان و ذلك بموجب القانون و ظلت قوانين التفرقة العنصرية سائدة في الولايات المتحدة و جنوب أفريقيا و روديسيا الى وقت قريب وهذه حقائق ليست منكورة بل مازالت أجيال حيه شاهدةٌ عليها.

نسبةً للتقدم التكنولوجي الكبير فلم تعد حركة المصانع و الحروب تحتاج إلى عضلات الرجل الأسود فتخلت الحضارة الغربية تدريجياً عن الطريقة غير الانسانيه فى معاملة الإنسان الأسود بل رفعت شعارات مثل المساواة و حقوق الإنسان و غيرها من الشعارات الأخلاقية و ذلك لتبيض وجه حضارة الرجل الأبيض و طريقته المثالية فى الحياة!! بل اعتذرت عن تلك الممارسات في نسختها القديمة الفجة...و من على منابر الارقاء الجدد ولكن في الحقيقة هي لم تتعافى من دائها القديم ... استعباد الشعوب... وسرقة الموارد بل غدت أكثر شرهاً بسبب أن التطور الديمقرافي السالب في الغرب و التكلفة العالية للعمالة الوطنية جعلت جلب الرقيق مرة أخري ضرورة مصيرية للإقتصاد الغربي.

لتحقيق ذلك اتبعت الدول الغربية أساليب جديدة فى جلب الرقيق تمثلت فى خلق الفتن و النزاعات و نشر الامراض الفتاكة ( الأيدز و الإيبولا) و دعم التخلف بإرسال الإغاثة وإنشاء المعسكرات لتكون بؤر للعمالة ..... منها تبث ثقافة التبعية و الدونية و الكسل و الهجرة الموسومة بغير الشرعية.

هذا الوضع المزرى المصنوع سوف يؤدى أيضاً الى هجرة المهنين و أصحاب الطموح و حينها سوف يجلس تجار النخاسة على شواطىء اوربا يصنعون الزرائب كما كان يفعل اسلافهم في ساحل الرقيق (غرب أفريقيا هكذا كان يسمونه) و آثارهم باقية هنالك لم تندثربعد... يتخيرون الأصحاء من المتعلمين و المهنين من الرقيق و يمنحونهم اجازات الدخول و يغضون الطرف عن من هم دونهم ليدخلوا البلاد هجرة غير شرعية !! ليوفروا العمالة الرخيصة التى ليس لها حقوق و لا تخضع لقانون فتقل التكلفة حتى يمكن لمصانعهم و مزارعهم ان تنافس الصين و اليابان فى عالم التجارة الحرة!!! .

هذا هو الرق الطوعي و هذه هي مآلاته ..أعداد مهولة من الشباب يعملون في قطف العنب و المزارع و المهن المتواضعة و المواخير و الرق الاسود!!! وأعداد هؤلاء بالملايين في أوربا و أمريكا و استراليا رق طوعي يبلغة الرجال و النساء بالمهج و بمراكب الموت حتى غدى البحر الابيض مقبرة للمهمشين. أما النابغيين من أبناء هذه القارة المنكوبة فيمنحون صكوك الاقامة و يستفاد منهم بالكيد الى أوطانهم و تسعير الفتن داخلها من خلال أجهزة الاعلام و مراكز البحوث أو توظيفهم في ما يعرف بالجمعيات الطوعية أو الانسانية رقٌ مقبوض الثمن. هذا النوع من الرقيق يمثل خطراً عظيماً على أوطانهم فعدم الاستقرار و الحروب و الفقر و المرض ضرورات لتأمين تدفق الرقيق و تمويل المانحين عبر منظمات الشرعية الدولية.

ما يجري في السودان مثال لا تخطئه عين و لا ينكره إلا مكابر فكل الحركات و الجبهات التي تسافر بين أديس أبابا و حواضر الرجل الابيض في أمريكا و أوربا مُسعرةً للقتال و الفتنة في السودان هي من النوع الثاني تُبذل لها الاموال و توفر لها الإقامة و المتعة الحرام لزعزعة استقرار البلاد فإذا إستقر السودان و طور موارده فسوف يقل تدفق الرقيق ليس من السودان فحسب ولكن من أرض الحبشة و غرب أفريقيا و بلاد العرب.

من زار معسكرات النزوح في دارفور و رأى ما تُنفقه الشرعية الد ولية و مايعرف زورا بالمنظمات الانسانية من أجل إستبقاء هذه المعسكرات حتى تكون مراكز لإستمرار الفتنة و التوتر بل زادت على ذلك بالتحريض على حرق قرى العودة الطوعية و قتل العائدين و حرق المشافي و المدارس لإستبقاء الناس في المعسكرات لضمان إستمرار الفتنة و من ثم تدفق الرقيق طوعاً تتضح له الصورة ومن رأى أرتال العربات تحمل الدوشكات و الموت الزؤام تسيرها جبهات العمالة في نضال مزعوم ضد التهميش و تقاسم السلطة... يعرف أن هذه المليارات من الدولارات التي ينفقها من لايملك بسخاء لا تُمنحها الجهات الظلامية حباً في سواد بشرتنا إنما لشر مُضمر ولايمكن لهؤلاء المناضلين أن يدعو أنهم قد إكتسبوا هذه المراكب و العتاد بعرق جبينهم.... فهي جباهٌ لم تعرق قط !!!!

أرجو أن لا يُفهم هذا المقال بأنه تعريض و إتهام لكل من اتيحت لهم فرصة الهجرة عن طريق ركوب البحر أواللوتري أو اللجوء أو التميز و التفوق ولكن أريد للجميع أن ينظر لها ( الهجرة) من منظور تدمير الذات و مركب من مراكب الرق يُركب طوعاً لا قسراً كما أرجو أن ينظر الى هذا المقال بأنه تنبيه وتحذير من الوقوع في العمالة و الإرتزاق بدعاوى كاذبة تروج لها و تدعمها جهات مشبوهة و هو تنبيه عن معرفة و تجربة....و أحسب أن الكثيرين تغيب عنهم حقيقة المشهد فكان هذا المقال شمعة في ليل داج.


م.تاج السر حسن عبد العاطي
ود مدني - 10 ديسمبر 2014
,tagelsir2003@yahoo.com

 

آراء