الانقلاب يتخبطه الشيطان من المس

 


 

طه مدثر
27 October, 2022

 

ماوراء الكلمات –
(1) في تاريخنا القديم أو الحديث ، نجد كثير من الأقوال ، تحسبها أقوال حق ، ولكن كثير من أصحابها يريدون بها باطل.. ومنذ أربعة عشر قرنا من الزمان قرأناً عن قصة الخوارج حين شقوا عصا الطاعة و خرجوا على سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجه وذهبوا حاملين المصاحف صائحين لا حكم الا الله ، فقال سيدنا على قولته المشهورة كلمة حق أريد بها باطل..!!
(2) ومنذ عام مضى من عمر انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي ، رأينا فيها من الاتراح والأحزان الكثير ، ورأينا فيه من الفقد الجلل الكثير ، ورأينا فيه من المصائب والكوارث والمحن والاحن مالا تكفى دفاتر احزاننا من تدوينه وتسجيله ، كل ذلك بسبب ذلك الانقلاب الأسود الذى قام به الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ، وآخرين ، مدعوين من قبل بعض المدنيين الذي ولدوا ليعيشوا تحت (بوت العسكر) فهذا الانقلاب هو أيضاً كلمة حق أريد بها باطل ، وإن جاء تحت إسم تصحيح مسار الثورة ، فالانقلاب كان مجرد خدعة لتمكينهم من السلطة وأبعاد المدنيين عن سدة الحكم تحت زرائع شتى منها أن المدنيين متشاكسون متفرقون لا يتفقون على كلمة سواء..برغم أن الاختلاف بين المدنيين امر طبيعي ومتعارف عليه ويمكن حله بمزيد من التحاور والنقاش وتقديم التنازلات من الجميع ، وزعم الانقلابيون أن هولاء المدنيون يريدون أن يغيروا تقاليد وعادات واعراف السودانيين ، ويريدون أن يبدلوا لكم دينكم ، وكثير من الخداع والغش والتدليس ، وهو ماكان يمارسه النظام البائد.
(3) معلوم بالضرورة أن العسكر كانوا يبيتون النية لأمر آخر ، وهو ابعاد المدنيين من المشهد السياسي..ويريدون أن يخلو لهم الجو (خلا لك الجو فبيضي وإصفري) فدبروا ونفذوا انقلابهم الخمير الذي هو( كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا ابقى) و وعدوا الشعب باحلام وردية وامنيات مخملية وامال عراض ، طال الزمن ولم يتحقق منها شيئا ، وماعلم هولاء الانقلابيون (ع.م)عسكر ومدنيون ان الزمن جزء من العلاج ،ولكن الزمن تسرب سريعا من بين أيديهم فالقلوب التى عليها اقفالها ، والاخرى التى ران عليها الصدأ ،واشربت بحب العهد البائد ، والعقول التى استراحت من عنت التفكير ومن مشقة الاستعانة بالمنطق والفكر السليم ، وطوال عام كامل لم يفتح الله عليها بنور البصر أو البصيرة (و من لم يشك لم ينظر.ومن لم ينظر لم يبصر.ومن لم يبصر تاه فى العمى والضلال) وهو تقريبا ما حدث للانقلابيين(ع.م) فهم مازالوا فى صحراء التيه ، وكل مبادرة سراب..يحسبونها ماء ، وكل يوم جديد.ينتظرون المدعو جودو الذي لن يأتي ابدا ينتظرون أن يحصدوا العنب من الشوك الذي زرعوه طوال عام كامل..أرأيتم بشر مغلوب على امره ، فاقد لرشده ، ضاعت منه بوصلته فاصبح كالذي يتخبطه الشيطان من المس مثل هولاء الانقلابيون؟ وألا تكفى هذه الحشود التي تهدر فى الشوارع كالسيول ان لا حل الا اكتمال ساعة النصر ولا اكتمال لساعة النصر الا بالاستجابة لمطالب الشارع الثوري وتبت يد أعداء الثورة ومن ساعدهم..
الجريدة

 

آراء