البعد السياسي والاداري لظاهرة الفساد (2)

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

ضبط الفساد والوقاية منه مسؤولية مشتركة، يشارك فيها المواطن ومؤسسات المجتمع والحكومة والبرلمان.  لذا لا بد من تنسيق تنفيذ سياسة مكافحة الفساد لتصل إلى مختلف أجهزة الدولة وقطاعها العام والخاص. وباختصار فإن البعد السياسي يقود إلى اختزال المواطنة في فقدان الثقة بالدولة، بأنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغياب الهوية الوطنية وتقويض الديمقراطية، وانتهاك حق الإنسان في المساواة وتكافؤ الفرص، وفقدان الانتماء للوطن، والبحث عن انتماءات وولاءات فرعية، والانكماش للقبيلة هرباً من الدولة... مما يقود إلى الاحتقان والتوتر والخوف... وربما إلى الهجرة الواسعة لمجتمعات أخرى جديدة في بلدان أخرى، تحترم فيها النزاهة والمصداقية وأخلاقيات العمل والديمقراطية. تبدو هذه النتيجة ماثلة الآن هجرة مخيفة الآن لكفآت في مختلف المجالات اضافة للقبيلة التي ظهرت في كل الحروب التي نعاني منها الآن والتي انتشرت في مناطق البلاد بما فيها الخرطوم نفسها وماحدث مؤخراً شاهد على ذلك والقادم اخطر.
كما أن البعد السياسي للفساد يقود إلى انتهاك الحقوق المدنية والسياسية وإقامة العدل في تقلد الوظائف والحق في التنمية والعمل والبيئة السليمة.  كما يقود إلى حالة اللامبالاة بين الشباب وخلق صراعات داخلية في المجتمع مما يهدد حالة الأمن والاستقرار. وهذا ما نعيشه الآن في الاقاليم والمدن السودانية بلا استثناء . ويقود الفساد إلى خلق جو من النفاق السياسي، واستخدام المال لشراء الولاءات السياسية.  واهتزاز المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني وتعزيز دور المؤسسات التقليدية، وبروز النزعة الأمنية في إدارة الدولة الذي قد يؤدي إلى الحكم الشمولي والقضاء على دولة المؤسسات، والفساد والرشوة والمحسوبية والواسطة ستؤدي حتماً إلى غياب سيادة القانون وسيسيء إلى سمعة النظام السياسي وعلاقاته مع الدول المانحة، التي ستفكر ملياً وعميقاً في جدوى تقديم الدعم المادي، ووضع شروط قاسية قد تمس بسيادة الدولة. وهذا ادي الى عزوف اغلب الدول من الاستثمار معنا  ، كما سيؤدي الفساد في بعده السياسي إلى غياب المشاركة السياسية وفقدان الثقة بأجهزة الرقابة والمساءلة لأجهزة الدولة. الفساد باختصار هو الآفة الحقيقية لتقويض نظام الحكم السياسي وتفكيك الدولة.
اما ظاهرة الفساد في بعدها الاجتماعي والمجتمعي علينا أن ندرك أن  الغاية الأساسية للمجتمع، تربية أبنائه على الأخلاقيات والسلوكيات الإيجابية وتنمية الاتجاهات السليمة لبناء الذات والاعتماد على الذات وتنمية المهارات المعرفية لتمكين الشباب في الابتكار والفكر الخلاق والريادة. اضافة لغايات اخري منها تربية الأبناء ليكونوا مواطنين صالحين، يتمتعون بالمواطنة... يعتزّون بهويتهم ووطنهم ومؤسساتها الدستورية... يحسنون المعاشرة والمرافقة، ينزعون إلى الخير، يتّسمون بسعة الصدر والعقل المتفتح والتفكير العلمي الناقد... يؤمنون بالتعدديّة الفكرية والسياسية، ويحترمون الاختلاف.
لذلك علينا  تعزيز المواطنة التي تمثّل التربية ركناً رئيساً في بنائها بين الأطفال واليافعين من خلال المناهج الدراسية وبيئة المدرسة وقدوة المعلم.  ومن خلال مشروعات طلابية لممارسة الديمقراطية، وبناء العمل الجماعي وبناء قيم المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وترسيخ حقوق الإنسان واحترام التباين الثقافي والتسامح بين مجتمعات الأرض. لذلك هناك محطات يجب الوقوف عندها وهي اساسية في حياة الإنسان ومنذ طفولته المبكرة، تتشكل فيها اتجاهاته ومناهجه ومهاراته، ويتشكل فيها ذكاؤه وفكره وميوله وسلوكياته وتعامله مع ذاته ومع الآخرين لبناء مجتمع يقوم على النزاهة ومكافحة الفساد . والله المستعان ,,,,,


eidris2008@gmail.com
///////

 

آراء