البِغالُ الكرنفاليَّة- مقتطف من كتابي ريحة الموج والنوارس- الجزء الأوّل، عن دار عزة.
ــــــــــــــــــــــــ
و كمظهرٍ لهذا الفساد و تلك المحسوبيّة، فقد تم تكريمُ فصيلٍ مؤثرٍ من فصائل الخيول، والتي كانت لوقتٍ قريب في عِدَّاد الأشراف، و تبدو، حتَّى للعيون الخبيرة، و كأنها خيول أصيلة، وقد جاء ذلك التكريم في اطار الاستمالة انتخابية و الدعاية السافرة للعرين، وللإيهام بسماحة عهد اللبوة، و تميزه.
ووُسمت، بأوسمة بخسة، تلك الأحصنة المُتهافِتة التي وفدت، فعلاً، للكرنفال...
و أسرفت الخيول الموسَّمة في عبِّ المرايس، و شراب البغُو، تلك المشروبات الروحية البلدية التي كانت قد أحضرتها القرود لساحة الإحتفال أمام العرين، فسكرت تلك الخيول، وذهبت عقولها، وانفلت عيارها، فتكسَّرت أمامها القيود المرعيّة و حواجز الحياء و زال احترام الذات.
وضاجعت اعضاء وفد الحمير، و اختلط حابلها بنابلها، ذُكوراً و أناث، بحيثُ أنجبت إناثُ طرفي تلك المضاجعة الكرنفالية، بعد فترةٍكانت قصيرة، أنجبت أنواعاً جديدة من الحيوانات ما كانت الغابة تعرفها من قبل، ووقف المواليد عند منتصف المسافة الواقعة بين الحمير و الحصين، و وأطلق كبيرُ الثعالب على تلك الكائنات إسم: (البِغَالُ الكرنفاليّة!).
و قد أوكلت لتلك البغال، فيما بعد وما أن شبّت عن الطوق، مهام تشوين العرين و نقل الأمتعة وإيصال التموينات المُخصَّصة لإعاشة الحاشية والأقربين من حراس العرين من كلاب على الأرض، و صقورٍ ثاقبة الرؤية كانت تبيت، طوال ليالي الغابة الدامسة، في الكَركُونات، لم تكن جموع الضفادع استثناءً من تلك الإعاشة، والتي زادت كمّاً ونوعاً بعدما يتمتها اللبوة المستأسدة حين قذفت بكبيرها في وعاء حساء القواقع...
وكانت الضفادع تترأس لجان وهيئات العرين الطبيّة كلها، و تدير حيوانات فرق الطبيخ، والنظافة، و الصيانة، و ترميم المباني من غُربانٍ و سنابِر و ما ماثلها.
و عندما علم الأسد المهزول من لبوَته، ذات جلسة من جلسات التداعي والحُبُور العريني، بأمر ميلاد البغال الكرنفالية، استنكر، وعلى الفور، العبث والفوضى التي انتجت ذلك الفصيل المشوه المسخ، ولكنه سمح ولكن على مضض ببقاء البغال ضمن أسراب وقطايع حيوانات الغابة، ولكنه ربط موافته تلك بشرطٍ وحيدٍ، كان هُو:
- (ألَّا يتكاثر ذلك الفصيل... وبالتالي ألا يُنجب من أصلاب ذكوره، أو أرحام إناثه).
و أكملت الضفادعُ، من مواقعها في رئاسات لجان العرين الطبيّة، أكملت بتفاني منقطع النظير مهمة تنفيذ الأمر العريني بحظر بغال الكرنفال عن التناسل ،وأنجزتها على أكمل وجه.
ورفعت التمام في مساء نفس اليوم الذي صدر فيه أمر الأسد، وأرسلت تقريراً مفصلاً يفيد بعجز البغال، نهائياً وأبداً، عن التكاثر، سواء كان ذلك التكاثر بشراكةٍ مع فصائل الوالدين من حميرٍ و حصين، أو بغل لبغل، على انفرادٍ بمنسوبي فصيلتها المسخ وحدها.
amsidahmed@outlook.com
////////////////