التعايش الثقافي في ظل اجتياح العولمة

 


 

 

كلام الناس

نورالدين مدني

كتاب الدكتور حيدر ابراهيم"مواقف فكرية" الصادر عن مرمركز الدرسات السودانية بالقاهرة يحتوي على مجموعة مقالات حول مواقفه تجاه التحديات الفكرية التي تواجه المجتمعات عملياً.
ارجوا أن تعذروني لأنني ركزت على مقالاته المتعلقة بالأصولية والحداثة لأنها في رأيي من أصعب التحديات العملية التي تواجه دعاة الأصوليات خاصة الأصولية الإسلامية في ظل احتياح العولمة والحداثة لمجالات عديدة عبرت الحواجز والأقاليم.
تناول الدكتور حيدر هذا التحدي في مقاله عن وضع الدين الإسلامي والمجتمعلات الإسلامية في ظل اجتياح العولمة واين يقف الإسلام من هذا الواقع وما هو الإسهام الحقيقي الذي يمكن أن يقدمه الإسلام والمسلمون في ظل هذا الوضع.
بين كيف أن حركات التجديد الفقهي في القرن التاسع عشر اكتفت بمحاولات حماية الدين الإسلامي والمجتمع الإسلامي فيما سعى المفكرون المعاصرون لقيام مشروع حضاري بديل يجمع بين الأصل والعصر.
طرح الدكتور حيدر السؤال الأصعب للإجابة على الفرق بين قيام نظام إسلامي حديث ومحاولة أسلمة الحداثة، وقدم نماذج نماذج تطبيقية إحداها في الإيمان الديني والثانية في التنظيم السياسي والثالثة في النشاط العلمي والتقني وسط محاولات للجمع بين الأنماط الثلاثة في نهج واحد يحقق التوفيق بين السلفية أوالأصولية والإنتقائية الوظيفية أي الإستفادة من وظائف التكنولوجيا دون استصحاب فلسفتها وقال إن النتيجة كانت مسخ فكري.
أوضح الدكتور حيدر ان النماذج الثلاثة جسدها ثلاثة مفكرين من بيئات مختلفة تتنوع رؤيتهم للواقع وللمشروع المستقبلي.
عند دراسة الشخصيات الثلاثة وفكرها نلحظ بوضوح أثر خلفية التعليم والتنشئة حيث نجد التفكير القانوني عند الدكتور حسن الترابي والفكر التأملي الفلسفي عند الشيخ راشد الغنوشي والمنحى التربوي الصوفي عند الشيخ عبدالسلام ياسين.
هكذا يختلف نهج التغيير الإسلامي بين المفكرين الثلاثة رغم المرجعية الدينية الواحدة بسبب تأثير الحداثة والعولمة إضافة للتكوين الشخصي لكل مفكر.
يخلص الدكتور حيدر ابراهيم إلى انه من الصعب في ظل تحديات الواقع حيث تتسرب الحداثة بوجهها الحقيقي أو بواسطة أقنعة تحاول تخفيف الخوف والرفض، لذلك يبقى السؤال ليس كيف نحمي أنفسنا من الحداثة والعولة إنما كيف نتعايش ونتفاعل مع الحداثة والعولمة مع الإضافة الثقافية للعالم المحيط بنا.
يستمر التحدي قائماً ويحتاج لمزيد من الاجتهاد ليس لمحاربة العولمة والحداثة إنما للتعايش معها مع الإحتفاظ بقيمنا وموروثنا الثقافي الخاص.

 

 

آراء