التعصب .. التطرف .. الارهاب: أعداء التنمية الانسانية فى المجتمعات العربية
قبل البدء- مشهد تقريبي ()
زيد هو رجل مسلم له جار مسيحى يتعامل معه تماماً كما يتعامل مع بقية الجوار من المسلمين.
زيد هنا إنسان عادي (مثالي))
زيد يتعامل مع كل الجوار عدا جاره االمسيحى، فإنه لا يتعامل معه لأنه مسيحى
زيد هنا إنسان غير مثالي)).
زيد يرمي الأوساخ أمام دار جاره المسيحى (لأنه قبطي) لدفعه إلى هجر منزله.
زيد هنا متطرف)).
زيد يرفع السلاح بوجه جاره المسيحي ليجبره على إعلان الإسلام أو الرحيل أو القتل.
زيد هنا إرهابي )
بتصرف - المرصد العربى للتطرف والارهاب))المصدر :
الفكرة والرؤية :
الدين بشكل مطلق منهج عظيم؛ لأنه يمنحنا الأمان والسكينة والطمأنينة، وهي كلمات مترادفات لمعنى واحد هو الشعور بالراحة، المفكر الاسلامى والسياسي السوداني د/حسن عبد الله الترابي رحمة الله عليه: عرف الدين ( بأنه المثال المطلق والتدين هو الكسب من المثال المطلق بقدر اجتهاد الشخص، لذلك يختلف التدين من شخص لآخر ويقل ويزيد بقدر إيمان واجتهاد المتدين)..
ويعرف المفكر الاسلامى محمد العوضى فى برنامج الشريعة والحياة بقناة الجزيرة التعصب بقوله (هذا التعصب المشحون انفعالياً تجاه إمَّا أن يكون مع، وإما أن يكون ضد، إحنا مشتهر ما عندنا إن التعصب دائماً ضد، لكن التعصب مع الفناء في الأشخاص والالتفاف حول رموز معينة لا يمكن أن تسقط، ودائماً يكون يعني صفة التعصب تسقط المعيار العقلي) ....
والتعصب منهج لا تتسق مع الدين لأنه يخالف الدعوة للتسامح (لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) والتعصب منبوذ في كل مكان وفي كل الأديان، ومن كل شخص سوى.
وبحسب ما يرى الكاتب البرازيلى كويلو هناك أشخاص متعصبون، ويقولون للآخر ابتعد من هنا فأنت مختلف والاختلاف لا يعني إلغاء الآخر وإنما الاندماج والتواصل دون أن تلغى نفسك أو الآخر، قمة التعصب أن لا تحترم الثقافات أو الديانات الأخرى، يجب أن نحترم ثقافتنا، ولكن لا نعزل الذي يختلف معنا.
الاسلام دين الحب والحرية
الآن هناك أصوات تدعو لعدم الاعتراف بالتباين الثقافي الذي يذخر به السودان، ومحاربة تعدد وتباين الثقافات والفنون اما من منظور عقدى او منظور عرقى او ممارسة ما يسمى بالارهاب الثقافى و التعصب الفكرى وهذه دعوة لها مآلات خطيرة إذا لم يتصد لها المجتمع والمؤمنين باهمية التنوع الثقافي وإبراز محاسنه وأهميته.
أذكر الراحل البروفيسور أحمد الطيب زين العابدين صاحب منظور سودانوي كان يؤمن بأهمية التعريب منطلقا من إيمانه بأهمية اللغة العربية ودورها في تطوير العلوم، ولكنه لم يؤمن بدعوة الحكومة في بدايتها بأسلمه الفنون في بلد متعدد الثقافات ويدين بالدين الإسلامي ورؤيته تقوم على أن هناك فنون مسلمين تختلف من بلد لآخر، فالفنون في اليمن تختلف عن الفنون في السودان وعنها في الصومال والبحرين وعن فنون المسلمين في الأندلس واندونيسيا وهكذا .
الاديان دعوتها قامت على الحب والتسامح وحرية المعتقد- (هَدَيْنَاهُ النَّجْدَين اى بينا له طريق الخير والشر )- واحترام حقوق الاخرين دون وصاية مؤشر على الوعى بحقوق الانسان والايمان التام بان الحب والتسامح سيقودان إلى التفاهم وللحوار ومن ثم يقودان للتعايش و وممارسة العدالة .
وأرى أن الدين جاء ليزرع في النفس الانسانية قيمة أساسية هي الحب والتي تؤدي السلام النفسي والاجتماعي. يقول المخرج السينمائي السنغالي عثمان سمبين (إنني مسلم رغم اننى لا أنتمي للثقافة العربية, فالإسلام في حد ذاته شيء رائع، الاسلام يعطينا الرؤية الكاملة للماضي والحاضر والمستقبل، ولكن في الوقت نفسه لم أفهم كيف استمرت الحرب بين إيران والعراق وكيف تقوم المجازر المرعبة في الجزائر باسم الإسلام؟)
ويظل السؤال قائم كيف نفسر كل الذى يحدث الان فى العراق؟ والدواعش وحركة بوكو حرام وممارسة قتل المسلمين وسبىء النساء باسم الاسلام ؟ كيف نقنع الأخر ان الاسلام يدعو للتسامح ونبذ الغلو والتطرف ونبذ الاخر والارهاب يمارس جهارا نهارا فى ديار الاسلام ؟
الحل فى التعليم واشاعة ثقافة التسامح
يجب أن نفكر كما قال الدكتور غازي القصيبي (التحدي هو أن ننحاز إلى الحل لا إلى الأزمة، وأن نكون مع التنمية ضد التخلف ومع التعليم ضد الجهل ومع التسامح ضد التعصب ومع الحرية ضد التسلط)؛ لأن أزمتنا في نظره هي (تخلف، جهل، تعصب، في مناخ مرتبط بانعدام الحرية)
والحل هو( الاستمرار فى ممارسة التنمية،وتشجيع التعليم وإشاعة ثقافة التسامح، وبناء مجتمعات حرة و معافاة وتسامحا )
د- خالد البلولة
كاتب صحفي وأكاديمي
..
khalidoof2010@yahoo.com