التقرير الخامس الذي يقدمه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عملاً بقرار المجلس رقم 1593(2005)

 مقدمة
يُقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية هذا التقرير عملاً بالفقرة (8) من القرار رقم 1593 (2005) الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ويُلخص المدعي العام في هذا التقرير الأنشطة التي تم القيام بها في إطار تطبيق القرار رقم 1593 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وذلك في فترة ما بعد تقديم التقرير الأخير إلى المجلس بتاريخ 14 كانون الأول/ديسمبر 2006. وتشمل هذه الأنشطة ما يلي: بعثة جهة الادعاء التي أُوفدت إلى الخرطوم في الفترة الممتدة من 27 كانون الثاني/يناير إلى 7 شباط/فبراير 2007؛ وطلب جهة الادعاء الذي رُفع إلى الدائرة التمهيدية والقرار الذي اتخذه القضاة لاحقاً في هذا الشأن؛ والأنشطة الحالية للتحقيق والرصد؛ والجهود المبذولة لضمان التعاون.
قَدَّمَ مكتب المدعي العام طلبه إلى الدائرة التمهيدية في 27 شباط/فبراير. وأَكَّدَ المكتب في طلبه المُقدم بأن هنالك أسباب معقولة تدعو للاعتقاد بأن أحمد محمد هارون، وزير دولة سابق بوزارة الداخلية، وعلي محمد علي عبد الرحمن، المعروف أيضاً بـ “علي كوشيب” – قائد الجنجويد/المليشيا – اتحدا معاً لاضطهاد ومهاجمة مدنيين في دارفور. ووضحت دعوى جهة الادعاء كيف وضع أحمد هارون نظاماً استطاع من خلاله تجنيد وتمويل وتسليح المليشيا/الجنجويد لتعزيز القوات المسلحة السودانية. ووضحت الدعوى أيضاً كيف حرض أحمد محمد هارون المليشيا/الجنجويد على مهاجمة السكان المدنيين وارتكاب جرائم واسعة النطاق بحقهم. وقد بيّنت دعوى جهة الادعاء بأن علي كوشيب كان جزءاً أساسياً من ذلك النظام، إذ كان يقوم شخصياً بتوزيع الأسلحة وقيادة الهجمات ضد القُرى. متصرفين معاً، فقد ارتكبا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
لقد عرض مكتب المدعي العام، في طلبه، بأن يُتبع في الوهلة الأُولى خيار استصدار أمري حضور بحق الشخصين. وأضاف المكتب بأن صدور أي ردّ رسمي عن الحكومة السودانية أو عن الشخصين يفيد الاعتراض على قرار المحكمة أو عدم الرغبة في الامتثال له، سيُبرر استصدار أمري قبض. وقد أطلع المكتب لاحقاً القضاة على آخر المستجدات على صعيد ردود الفعل السودانية.
بعد النظر في الطلب والأدلة وكل المعلومات التي قدمتها جهة الادعاء، سلم القضاة قرارهم في 27 نيسان/أبريل 2007. ورأوا أن شروط استصدار أمر حضور لم تُستوفى، كما اعتبروا أن إلقاء القبض على الشخصين ضرورياً. وعليه، أصدروا أمري قبض بحق كل من أحمد هارون وعلي كوشيب. ووفقاً لقرار المحكمة، فإن قلم المحكمة بصدد إرسال طلبات لالتماس التعاون في تنفيذ أمرَي القبض.
ويكمن الهدف الآن في ضمان مثول هذين الشخصين أمام المحكمة. ويتطلب هذا التحدي الكبير من الجميع تعاوناً غير مشروط. ويجب على مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية الاضطلاع بدور رائد في مناشدة السودان، بوصفه دولة السيادة الوطنية، إلقاء القبض على الشخصين وضمان مثولهما أمام المحكمة.
 ولا يزال الوضع الراهن في دارفور منذراً بالخطر. إذ يوجد في الإقليم حالياً 4 ملايين شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية، أي ثلثا سكان دارفور. كما يوجد مليونان من الأشخاص المشردين داخلياً الذين لا يزالون عُرضة للغاية للخطر، إذ يتواصل شن الهجمات عليهم وعلى العاملين الدوليين، فضلاً عن العراقيل المتكررة التي تضعها السلطات أمام توزيع المساعدات. ويتحكم حالياً بهذا الوضع الفظيع نفس الشخص المطلوب لدى المحكمة، وهو أحمد هارون (وزير الدولة الحالي بوزارة الشؤون الإنسانية).
 ويُتابع المكتب بقلق الادعاءات الأخيرة بوقوع جرائم في دارفور تندرج في نطاق اختصاص المحكمة. وثمة مستندات تُوثّق الهجمات التي تُشن على موظفي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمات الإغاثة الإنسانية توثيقاً جيداً. وتزعم تقارير بأن الغارات الجوية التي تشنها الحكومة السودانية بشكل اعتباطي وغير متناسب أدت إلى الدمار، وإلى خسائر في الأرواح، وإلى مزيد من التشريد للمدنيين. وبالمثل، هنالك ادعاءات تتعلق بالجرائم التي ارتكبها قوات التمرد.
يتطلب الوضع في دارفور حلاً شاملاً. وتضطلع المحكمة الجنائية الدولية بالمهام الموكلة إليها. وسيكمل المكتب الجزء الأول من التحقيق، كما سيواصل تقييم المعلومات المتعلقة بالجرائم الراهنة.
وحسب ما يؤكده نظام روما الأساسي، فإن إقامة العدل في الجرائم الماضية والحالية ستُعزز الأمن وسترسل تحذيراً هاماً إلى الأشخاص الذين قد يلجئون بخلاف ذلك إلى الجريمة كوسيلة لتحقيق مآربهم.

التحقيق – الطلب المقدم إلى القضاة
 فتح مكتب المدعي العام التحقيق في الأول من حزيران/يونيو 2005 وفحص بدقة المزاعم المتعلقة بكل الأطراف في الصراع. وركز المكتب على بعض الجرائم الشديدة الخطورة وعلى الأشخاص الذين يتحملون، وفقاً للأدلة المجمعة، المسؤولية الكبرى عن تلك الجرائم. وقد ركزت الأدلة المجمعة على سلسلة من الأحداث التي وقعت في عامي 2003 و2004 اللذين سُجل خلالهما أكبر قدر من الجرائم.
وقد أجرى المكتب تحقيقاً مستقلاً ونزيهاً. فللتوصل إلى الحقيقة، فحص المكتب بدقة وبشكل نزيه وقائع التجريم والتبرئة على حد سواء. وكما ذُكر آنفاً، جُمعت الأدلة من مصادر عديدة ومتنوعة شملت المجني عليهم والموظفين السودانيين، ووثائق قدمتها كل من الحكومة السودانية ولجنة التحقيق الوطنية السودانية، وآلافاً من الوثائق التي قدمتها لجنة التحقيق الدولية المعنية بدارفور، ومواد صادرة عن دول أُخرى، وعن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعن منظمات دولية ومنظمات غير حكومية.

 الجرائم التي تقع في نطاق اختصاص المحكمة

 ابتداءً من آب/أغسطس 2002 تقريباً، ارتُكبت جرائم في دارفور في سياق صراع مسلح اشتركت فيه قوات الأمن السودانية مع الميليشيا/الجنجويد ضد مجموعات التمرد المنظمة التي تضم جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة. ابتداءً من 2003، دخل تسيير حملة مكافحة التمرد طوراً جديداً نتج عنه شن هجمات ضد سكان مدنيين ينتمون أساساً إلى الفور والمساليت والزغاوة. وفي إطار التنفيذ المشترك لهذه الحملة، شنت القوات المسلحة السودانية والميليشيا/الجنجويد هجمات على كُدوم وبنديسي ومُكجر وأروالا، التي تقع في غرب دارفور بالسودان، وذلك في الفترة ما بين آب/أغسطس 2003 أو ما يقارب ذلك وآذار/مارس 2004 أو ما يقارب ذلك.  
ولم تكن القوات تستهدف أي حضور للمتمردين في هذه القُرى المعينة، بل كانت تهاجمها استناداً إلى المنطق القائل بأن عشرات الآلاف من السكان المدنيين المقيمين في هذه القُرى وما جاورها لا بد أن يكونوا من مساندي قوات التمرد. وأصبحت هذه الإستراتيجية مبرراً لأعمال القتل والاغتصاب الجماعية ضد مدنيين كان من المعروف أنهم لم يكونوا مشاركين في أي نزاع مسلح. وقد أدت هذه الاستراتيجية إلى التهجير القسري لقُرى وجماعات بأكملها.

الشخصان المُعلن عن اسميهما
كان أحمد هارون وزيراً للدولة بوزارة الداخلية من نحو نيسان/أبريل 2003 إلى نحو أيلول/سبتمبر 2005. وهو يعمل حالياً وزيراً للدولة بوزارة الشؤون الإنسانية. وبعد وقت قصير من هجوم المتمردين على مطار الفاشر في نيسان/أبريل 2003، عُين أحمد هارون رئيساً لـ “مكتب دارفور الأمني”. لقد اكتسب أحمد هارون خبرة في تعبئة وتجنيد الميليشيا المعروفة بـ “المُراحلين” لدعم الجهود المبذولة في مكافحة التمرد، وذلك عندما كان يعمل في كُردُفان – جنوب السودان – في التسعينات. بعد تعيينه، شرع هارون في إستراتيجية لتجنيد وتمويل المليشيا/الجنجويد، التي بلغ تعدادها الأخير عشرات الآلاف، لتعزيز القوات المسلحة السودانية. وقد وقعت معظم أعمال القتل التي نفذتها القوات المسلحة أو المليشيا/الجنجويد في الفترة من نيسان/أبريل 2003 إلى نيسان/أبريل 2004.
وفي غضون هذه الفترة، كانت اللجان الأمنية الولائية والمحلية في دارفور – المؤلفة من ممثلين عن الجيش السوداني والشرطة السودانية والأجهزة الأمنية السودانية – ترفع تقاريرها إلى أحمد هارون، لا سيما في المسائل المتعلقة بتجنيد وتمويل وتسليح الميليشيا/الجنجويد، وذلك في سياق حملة مكافحة التمرد. وكانت أبرز المهام التنسيقية التي أُوكلت إلى أحمد هارون بصفته رئيس “مكتب دارفور الأمني” تكمن في إدارته لتجنيد الميليشيا/الجنجويد ومشاركته الشخصية فيه. بتجنيده وتمويله وتسليحه وتحريضه للمليشيا/للجنجويد، مع العلم بالفظائع التي سترتكبها هذه المجموعات المسلحة، ومع النية بتكثيف هذه الفظائع، يكون أحمد هارون بذلك قد شارك عن علم في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وكان علي كوشيب “عقيد العُقداء” بمحلية وادي صالح في غرب دارفور. وقد قاد شخصياً الميليشيا/ الجنجويد أثناء الهجمات على كُدوم وبنديسي ومُكجر وأروالا، كما تورط في أحداث شهيرة في أروالا قام خلالها رجال كانوا تحت إمرته باغتصاب نساء، وشارك شخصياً في إعدام ما لا يقل عن 32 رجلاً من مُكجر.

الإجراءات القضائية
وضحت الدائرة التمهيدية في قرارها بتاريخ 27 نيسان/أبريل أن هنالك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن الجرائم التي وصفتها جهة الادعاء قد ارتُكبت، وأن أحمد هارون وعلي كوشيب يتحملان المسؤولية الجنائية عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتُكبت في دارفور أثناء الهجمات على كل من كُدوم وبنديسي ومُكجر وأروالا.
وقد قرر القضاة استصدار أمري قبض بحق الشخصين لمسؤوليتهما المزعومة عن التُهم الـ 51 المتعلقة بجرائم ضد الإنسانية (مثل: الاضطهاد، والقتل، والاغتصاب والأشكال الأُخرى للعنف الجنسي، والتعذيب، والأعمال اللاإنسانية، والمعاملة القاسية، والاعتداء على كرامة الأشخاص، والحبس غير القانوني، والنهب، والنقل القسري للمدنيين) وجرائم حرب (مثل: الاغتصاب، والهجوم المُتعمد على المدنيين، والنهب).

الأنشطة الحالية لمكتب المدعي العام
ستتمثل الخطوة التالية في إلقاء القبض على أحمد هارون وعلي كوشيب وتسليمهما، وتأتي بعد ذلك الإجراءات المتعلقة باعتماد التُهم. ويتواصل التحقيق في هذه الدعوى استعداداً للمضي قُدماً في الإجراءات التمهيدية وفي إجراءات المحاكمة.
وفي موازاة ذلك، يُواصل المكتب مراقبة أمن المجني عليهم والشهود وتطبيق تدابير حمايتهم التزاماً بواجباته المنصوص عليها في المادة 68(1) التي تتناول حماية المجني عليهم والشهود. وقد أحلنا إلى وحدة الشهود والمجني عليهم في قلم المحكمة بعض الحالات لشهود عُرضة للخطر. واتخذت الوحدة، بالتنسيق مع المكتب وبمساعدة الشركاء الدوليين، التدابير الملائمة لتوفير الحماية للشهود. ويودُّ المكتب، في هذا السياق، التأكيد على أهمية المساعدة التي تقدمها الدول الأطراف خصوصاً من خلال اتفاقيات إعادة توطين الشهود.
فضلاً عن ذلك، وكما ورد في تقرير المدعي العام بتاريخ كانون الأول/ديسمبر 2006، فإن المكتب مستمر في جمع المعلومات عن الجرائم الراهنة التي يرتكبها كل أطراف الصراع في دارفور. ويواصل المكتب كذلك مراقبة امتداد العنف إلى كل من تشاد (بما في ذلك داخل مخيمات اللاجئين، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وكلتاهما من الدول الأطراف في نظام روما الأساسي.
وفي دارفور، يُتابع المكتب بقلق الادعاءات التي تُشير إلى أن الحكومة السودانية تشن غارات جوية بشكل اعتباطي وغير مناسب. وطوال كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير وآذار/مارس ونيسان/أبريل، أدى القصف بالقنابل على مدى عشرة أيام لبعض القُرى إلى الدمار وإلى خسائر في الأرواح وإلى المزيد من التشريد للمدنيين. ويتم كذلك تدوين وتحليل الادعاءات المتعلقة بالجرائم التي ترتكبها قوات التمرد، بما فيها الجرائم المرتكبة ضد الموظفين الدوليين.
 ويرصد المكتب تقارير الاعتداءات على الأشخاص المشردين داخلياً، ولا سيما المتعلقة باغتصاب النساء. ويُتابع كذلك الاشتباكات المحلية التي يُدّعى بأن سبب بعضها يرجع إلى مساعٍ لمكافأة الذين تآزروا مع المليشيا بمنحهم أراضي ومناصب. وأخيراً، يواصل المكتب بقلق كبير رصد الهجمات التي تُشن على بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان (أميس)، بالإضافة إلى الاعتداءات على موظفي الأمم المتحدة والعاملين الدوليين، مثل تلك الاعتداءات التي وقعت في 19 كانون الثاني/يناير في نيالا. ففي خلال ثلاثة أشهر ونَيف، في الفترة ما بين مطلع شباط/فبراير ومطلع أيار/مايو، فَقد أحد عشر شخصاً من قوات حفظ السلام أو من الشرطة التابعين للاتحاد الأفريقي أرواحهم بينما أُصيب خمسة آخرين بجروح خطيرة. فضلاً عن ذلك، تعرض عدد كبير من العاملين في الإغاثة للاعتداء والضرب مع اختطاف مركباتهم ونهب مقرات إقامتهم وتعرض بعضهم للعنف الجنسي والإعدامات الوهمية. إن الاعتداء على موظفي المساعدة الإنسانية ممنوع بموجب القانون الإنساني الدولي ويُشكل جريمة حرب تقع في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. ويبدو أن أطراف الصراع يواصلون خرق القانون الإنساني الدولي. ويُكرر المكتب بأن الذين يتحملون القسط الأكبر من المسؤولية عن مثل هذه الجرائم، يجب تقديمهم للعدالة.   
وفي تشاد، يوجد 232 ألف لاجئ سوداني و120 ألف من الأشخاص المشردين داخلياً. وقد جمع المكتب معلومات عن الهجمات المُبلغ عن وقوعها في قريتي تيرو ومارينا الواقعتين في شرقي تشاد، وذلك في أواخر آذار/مارس 2007. ورصد المكتب كذلك جرائم أُخرى يُدّعى بأنها وقعت في عام 2007، ومن بينها هجمات جنائية على مخيمات اللاجئين أو ما جاورها. وقد تم الإبلاغ عن توغل عناصر الميليشيا/الجنجويد القادمين من السودان في الأراضي التشادية، بالإضافة إلى وجود متمردين سودانيين في شرقي تشاد ووجود متمردين تشاديين في دارفور. ومنذ دخول تصديق تشاد على النظام الأساسي حيز النفاذ، أصبحت كل الجرائم المُدعى بها التي تقع خلال عام 2007 تخضع للولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية.  
وفي 22 أيار/مايو، أعلن مكتبي عن فتح تحقيق في جمهورية أفريقيا الوسطى. ويُركز هذا التحقيق على جرائم يُدّعى بأنها ارتُكبت في عامي 2002 و2003، حيث تم، في سياق نزاع مسلح، ارتكاب جرائم على نطاق واسع ضد المدنيين، شملت أعمال قتل، وأعمال نهب، ووقوع العديد من حالات الاغتصاب والعنف الجنسي. ويواصل مكتبي كذلك رصد الوضع في كل أنحاء جمهورية أفريقيا الوسطى، بما في ذلك التقارير المتعلقة بالعنف في الجزء الشمالي من الدولة منذ أواخر عام 2005. وفي شمال شرق الدولة، على الحدود مع دارفور، كانت هنالك حوادث عنف وسط بعض الادعاءات بمساندة مجموعات المتمردين القادمين من السودان.

 المقبولية
 شدد المكتب، لدى تقديم التقرير الأول إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (حزيران/يونيو 2005) بشأن دارفور على أن تقييم المقبولية ليس حكماً على النظام العدلي السوداني بكامله، بل إنه تقييم لمعرفة ما إذا كانت الحكومة السودانية قد حققت أو قاضت أو تُحقق أو تُقاضي على نحو سليم في الدعوى التي اختارتها جهة الادعاء.
وفي هذا الشأن، أفادت الدائرة التمهيدية في القرار المتعلق بطلب أمر القبض في دعوى توماس لوبانغا دييلو، المندرجة في حالة جمهورية الكونغو الديمقراطية، بما يلي: “إن الدعوى الناشئة عن التحقيق في حالة لا تعتبر غير مقبولة إلا إذا تحقق شرط لا بد منه، وهو أن تشمل الإجراءات القضائية الوطنية الشخص والسلوك اللذين يشكلان موضوع الدعوى المعروضة على المحكمة.” وقررت الدائرة أنه يُشترط في الدعوى المعروضة على المحكمة أن تشمل “أحداثاً محددة يبدو أنه قام خلالها شخص (أو أكثر من شخص) مشتبه به ومحدد الهوية بارتكاب جريمة واحدة أو أكثر من جريمة تقع في نطاق اختصاص المحكمة”.  
وتابع المكتب عن كثب كل مبادرات المساءلة التي اتخذتها السلطات السودانية بشأن دارفور. وتلقت معلومات مكتوبة من الحكومة، بالإضافة إلى معلومات واردة من عدد كبير ومتنوع من المصادر العلنية والسرية، توضح بوجه عام طبيعة النظام القضائي السوداني، وتُوثّق مسائل محددة تتعلق بتشكيل اللجان وعمليات تقصي الحقائق والتحقيقات ومساعي المصالحات القبلية، وذلك في سياق الجرائم المدّعى بها في دارفور.
وكما ورد في تقارير سابقة، كرّس المكتب موارد كبيرة لإجراء هذا التقييم، بما في ذلك ما أنفقه خلال خمس بعثات أُوفدت إلى السودان لجمع معلومات عن الإجراءات القضائية الوطنية من الدوائر الحكومية ذات الصلة، ومن الجهاز القضائي وجهاز الشرطة.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2006، رفع المكتب تقريراً إلى مجلس الأمن وضح فيه أنه طلب من الحكومة السودانية إفادته بآخر المستجدات فيما يخص الحالة الراهنة لإجراءاتها القضائية الوطنية. وفي خطاب مُرسل إلى مكتب المدعي العام بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر، ذكرت وزارة العدل السودانية بأنه ألقي القبض على أربعة عشر شخصاً جُمعت ضدهم أدلة كافية، وذلك في إطار أحداث جرت في منطقتي شطاية في جنوب دارفور ودليج في غرب دارفور. وكان اسم علي كوشيب من بين الأسماء المرتبطة بهذه الأحداث.
وفي الفترة الممتدة من 27 كانون الثاني/يناير إلى 7 شباط/فبراير 2007، أوفد المكتب بعثة إلى الخرطوم لجمع معلومات عن مثل هذه التطورات. وقابلت جهة الادعاء وزير العدل ووكيل وزارة العدل ورئيس القضاة بغرب دارفور ورئيس المحكمة الخاصة لغرب دارفور. وقد أجرت جهة الادعاء مقابلات مع المستشارين الخاصين الثلاثة للجنة التحقيق القضائية. وعقب تلك البعثة، تلقت جهة الادعاء في 15 شباط/فبراير 2007 خطاباً (مؤرخاً في 31 كانون الثاني/يناير 2007) من وزير الدولة بوزارة الشؤون الخارجية، علي أحمد كرتي، تناول فيه مسألة التكامل مع الإشارة مرة أُخرى إلى التحقيقات التي كانت تُجرى بشأن شطاية ودليج.
وأشارت السلطات السودانية إلى أن لجنة التحقيق القضائية كانت أيضاً تحقق في الجرائم المرتكبة في أروالا. ولكن، يتعلق تحقيق جهة الادعاء بأحداث وقعت في كانون الأول/ديسمبر 2003 أو ما يقارب ذلك ، ويشير إلى قتل 26 شخصاً. وقد تميزت هذه الأحداث خاصة بالعديد من عمليات الاغتصاب البالغة العنف وبأمثلة بشعة عن المعاملة اللاإنسانية. وتقوم لجنة التحقيق القضائية بالتحقيق في حادثة وقعت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2003 قُتل فيها عدد غير محدد من الأشخاص. ولا تذكر اللجنة  أي من حالات الاغتصاب أو المعاملات اللاإنسانية الأُخرى، كما أنها لا تُشير إلى أي دور لأحمد هارون.
وتستهدف الدعوى المرفوعة إلى المحكمة شخصين تم تحديد هويتيهما. ومع أن هنالك ما يُشير إلى أن علي كوشيب يخضع للتحقيق في السودان بخصوص بعض المسائل، فإن التحقيق لا يتعلق بنفس الأحداث التي يُحقق فيها مكتب المدعي العام. وفيما يخص أحمد هارون، لا يوجد ما يُفيد بأنه يخضع أو خضع لأي تحقيق جنائي يتعلق بدارفور.
وتستهدف دعوى جهة الادعاء أحمد هارون وعلي كوشيب اللذين اتحدا في إطار مبادرة منهجية ومنظمة لمهاجمة سكان مدنيين في دارفور. ولا يوجد تحقيق في السودان بشأن مثل هذا السلوك الجنائي. ولا تشمل التحقيقات السودانية نفس الأشخاص ونفس السلوك موضوعي الدعوى المعروضة أمام المحكمة. ومع أن التحقيقات تشمل أحد الشخصين المُعلن عن اسميهما في الطلب، فإنها لا تتعلق بنفس السلوك الذي يُشكل موضوع الدعوى المعروضة أمام المحكمة. ولا تتناول الإجراءات القضائية الوطنية نفس الأحداث، كما أنها تقتصر على عدد محدود جداً من أوجه السلوك. وعلى هذا الأساس، ترى جهة الادعاء أن الدعوى مقبولة.
ودرست الدائرة التمهيدية، في قرارها الصادر بتاريخ 27 نيسان/أبريل 2007، مسألة المقبولية ورأت أن الدعوى المرفوعة ضد علي كوشَيب وأحمد هارون تقع في نطاق اختصاص المحكمة وأنها تبدو مقبولة استناداً إلى الأدلة والمعلومات التي قُدمت إلى الدائرة بشأن أحمد هارون وعلي كوشَيب، دون المساس بأي طعن في مقبولية الدعوى بموجب المادة 19(2)(أ) و(ب) من النظام الأساسي، ودون المساس بأي قرار لاحق.

 
مصالح العدالة ومصالح المجني عليهم
يُعزز المكتب الاتصالات المشار إليها في التقارير السابقة مع المنظمات الدولية، بما فيها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى المجموعات المحلية والمنظمات غير الحكومية وخبراء آخرون يعملون في دارفور، من أجل فهم أفضل لوجهات نظر المجتمعات المحلية وإحاطة المجني عليهم علماً بعمل مكتب المدعي العام وبتقدم سير العدالة.
 لقد قامت المحكمة بتصميم إستراتيجية توعية موجهة إلى المجتمعات المتأثرة. وفي إطار تنفيذ هذه الاستراتيجية، سافر مسجل المحكمة إلى مخيمات اللاجئين في دولة تشاد المجاورة لتوضيح إجراءات المحكمة القضائية، لا سيما حقوق المجني عليهم في المشاركة في وقائع المحكمة. أثناء المناقشات، عبر المشاركون عن رغبتهم القوية في أن يُلقى القبض على أحمد هارون وعلي كوشيب. وتم التعبير أيضاً عن القلق إزاء تدهور الوضع الأمني داخل المخيمات. وقد تُرجمت بعض وثائق المحكمة ذات الصلة إلى اللغة العربية وتم توزيعها. وسيواصل قلم المحكمة، بالتنسيق مع مكتب المدعي العام، السعي إلى إقامة الحوار مع المجني عليهم للتأكد من أن مصالحهم قد استُوعبت استيعاباً جيداً.

 التعاون
تقضي الفقرة (2) من القرار 1593 (2005) الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن تتعاون الحكومة السودانية وكل الأطراف الأُخرى في الصراع في دارفور مع المحكمة ومع المدعي العام تعاوناً تاماً وأن تقدم إليهما المساعدة اللازمة. وتم أيضاً حث الدول والمنظمات الأُخرى على التعاون التام.
وفي القرار الصادر بتاريخ 27 نيسان/أبريل، قررت المحكمة أن يرسل المسجل في أقرب وقت ممكن طلبين إلى السلطات السودانية المعنية وإلى كل من الدول الأطراف في نظام روما الأساسي وأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غير الأطراف في نظام روما الأساسي، وإلى مصر وإريتريا وإثيوبيا وليبيا لالتماس التعاون في القبض على أحمد هارون وعلي كوشَيب وتقديمهما إلى المحكمة.
قد تم وضع قرار الدائرة التمهيدية وأمرَي القبض علناً في متناول الجميع وذلك منذ الأول من أيار/مايو 2007. ويُتابع قلم المحكمة إرسال الإشعارات الرسمية إلى الدول التي حددتها الدائرة التمهيدية.

 حكومة السودان

في كانون الأول/ديسمبر 2006، قدم مكتب المدعي العام تقريراً إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أفاد فيه بأن مشاركة الحكومة السودانية في العملية كانت هامة حتى ذلك التاريخ لضمان الحصول على الصورة الكاملة للأحداث في دارفور، مع مراعاة واجب المكتب القاضي بإجراء تحقيق مُنصف.
وقدم المكتب عدداً من الطلبات لالتماس مساعدة حكومة السودان للسماح له بالاطلاع على وثائق والالتقاء بأشخاص بهدف استجوابهم. وقد أبدت الحكومة قدراً من التعاون شمل ما يلي: تقديم معلومات تتعلق بوثائق محددة تابعة للجنة التحقيق الوطنية، وتسهيل إيفاد 5 بعثات إلى الخرطوم، وتسهيل مقابلات، منها مقابلة مع مسؤول رفيع.

 ولكن، ما زال هنالك عدد من الطلبات التي لم يُبَت فيها بعد، لا سيما الطلب الذي تم تقديمه في تشرين الثاني/نوفمبر 2006 لاستجواب أحمد هارون، والذي لم تُمنح أية موافقة عليه، والطلب المماثل الذي قُدم في كانون الثاني/يناير 2007 لاستجواب علي كوشيب، والذي لم تُمنح أية موافقة عليه. وعلاوة على ذلك، وضح وزير الدولة بوزارة الشؤون الخارجية (السيد كرتي)، في خطاب مؤرخ في 15 شباط/فبراير 2007، أسباب رفض السودان الاستجابة لمثل هذه الطلبات، إذ ذكر أنه لا يمكن للسلطات السودانية التي كانت تحقق في المسائل المتعلقة بدارفور أن تسمح بأن يُجرى تحقيق آخر داخل الأراضي السودانية. وادعى بأن مثل هذا العمل قد ينتهك حقوق المتهمين وقد يُفسر أيضاً كتنازل عن حق السودان في الطعن لاحقاً في مسألة المقبولية. ويشدد المكتب على أن تلك المبررات لا تُشكل دواعي لرفض السماح باستجواب الشهود عملاً بالمادة 55 (2) من النظام الأساسي.
لقد رأى المكتب في طلبه المقدم إلى القضاة أن استصدار أمر حضور قد يكون الخيار الأول المُتبع لضمان مثول الشخصين المُعلن عن اسميهما. بموجب المادة (58) من النظام الأساسي، يجوز للقضاة استصدار إما أمري قبض أو أمري حضور بحق الشخصين اللذين أعلنت جهة الادعاء عن اسميهما. وذكرت جهة الادعاء أيضاً، في ذلك الوقت، أن أي رد رسمي صادر عن حكومة السودان يفيد بعدم امتثالها لقرار الدائرة سيبرر استصدار أمري القبض. وكانت للحكومة إمكانية التعبير عن رغبتها في تسهيل المثول الطوعي أمام المحكمة للشخصين المُعلن عن اسميهما. ولكن في منتصف نيسان/أبريل، أشارت وثيقة نُشرت على الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الخارجية السودانية إلى عدم وجود النيّة في العمل مع المحكمة. وفي 17 نيسان/أبريل، أرسل المكتب خطاباً إلى الحكومة طالباً إيضاح ما يلي: (1) طبيعة الوثيقة المذكورة أعلاه، (2) رد فعل الحكومة على إيداع الدعوى. ولكن، لم يصل أي رد يوضح موقف الحكومة، بل على العكس، أُدلي علناً بعدد من التصريحات التي تُفيد بأن الحكومة لن تعمل مع المحكمة.
وفي القرار الصادر بتاريخ 27 نيسان/أبريل، قيّمت المحكمة على نحو مستقل كل العناصر ذات الصلة وقررت استصدار أمرَي القبض. وتكمن الأولوية اليوم في ضمان تنفيذ قرار المحكمة من خلال القبض على الشخصين المُعلن عن اسميهما وتقديمهما إلى المحكمة. ويقع على عاتق دولة السيادة الوطنية، أي السودان، الالتزام القانوني القاضي بتنفيذ هذا القرار، كما أن لها القدرة على القيام بذلك.

الاتحاد الأفريقي

إن الفقرة (3) من القرار رقم 1593 (2005) الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدعو المحكمة والاتحاد الأفريقي إلى مناقشة الترتيبات العملية لتسهيل عمل المدعي العام والمحكمة، بما في ذلك مناقشة إمكانية القيام بإجراءات قضائية في الإقليم.
وقد اجتمع المكتب بانتظام مع الدول الأفريقية، بما في ذلك مع المجموعة الأفريقية في نيويورك، ومع ممثلي الاتحاد الأفريقي. وفي الأول من آذار/مارس، أطلع رئيس المحكمة والمدعي العام ومسجل المحكمة لجنة الممثلين الدائمين للاتحاد الأفريقي على أعمالهم. وفي هذه المناسبة، أحاط المدعي العام السفراء علماً بالتحقيق الذي أجراه بشأن دارفور. ويجدر الإعراب عن الامتنان لما تقدمه رئاسة الاتحاد الأفريقي من دعم في هذا الصدد.

وبعد تقديم هذا التقرير بوقت قصير، سيلتقي رؤساء هيئات المحكمة الثلاث برئيس الاتحاد الأفريقي، الرئيس الغاني جون كوفور. وسيقوم المدعي العام بإطلاعه بآخر المستجدات في عمل المكتب بوجه عام، بما في ذلك أنشطته المتعلقة بدارفور.
ويُحرز كذلك تقدم في المناقشات المتعلقة بإبرام مذكرة تفاهم تُنظم العلاقة العامة بين المحكمة والاتحاد الأفريقي.

 الدول والمنظمات الأُخرى
ارتأى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في قراره رقم 1593 (2005)، أن الوضع في دارفور لا يزال يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين.
لقد أحال مجلس الأمن الوضع في دارفور إلى المحكمة، مُقراً بأن العدالة والمساءلة تكتسيان أهمية بالغة في تحقيق سلم وأمن دائمين. وتُعتبر إعادة إحلال الأمن في دارفور مسؤولية  تقع على عاتق الحكومة السودانية ومجلس الأمن الدولي، اللذين ينبغي أن يعملا مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والمنظمات الأُخرى المعنية. وإن الجهد التشاوري والجماعي والتنسيقي من جانب الحكومة السودانية والمجتمع الإقليمي والدولي لا يزال أساسياً للحد من ارتكاب المزيد من الجرائم وعكس الاتجاه السائد للإفلات من العقاب في دارفور.
في نيسان/أبريل 2007، تبادل المدعي العام وجهات نظر مفيدة مع كل من جان إلياسون (المبعوث الخاص للأمم المتحدة) والدكتور سالم أحمد سالم (المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي).
أقر المكتب بأهمية إحاطة الشركاء الرئيسيين الآخرين علماً بأنشطته خلال هذه الأشهر الستة الأخيرة. وبناءً على ذلك، يقوم المدعي العام على نحو منتظم باطلاع الأمين العام لجامعة الدول العربية والدول الأعضاء في الجامعة على الإجراءات التحقيقية والقضائية. وإن استيعاب هذه الدول لاستقلالية المكتب وحياده في أداء مهامه القانونية والقضائية تجاه الوضع في دارفور كان وما زال ذو أهمية بالغة.

الخلاصة

يسير الآن مكتب المدعي العام قُدماً نحو إنهاء عملية جمع الأدلة ليكون مستعداً لمثول أحمد هارون وعلي كوشيب أمام المحكمة وللجلسة التي ستعقدها الدائرة التمهيدية من أجل اعتماد التُهم الموجهة إليهما. ويتمثل العنصر الرئيسي اللازم لتحقيق هذه الخطوات التالية في اعتقال الشخصين ومثولهما اللاحق أمام المحكمة. وبمحاذاة ذلك، وكما ذُكر في وقت سابق، يواصل المكتب جمع المعلومات ورصد الادعاءات المتعلقة بالجرائم الراهنة التي يرتكبها كل الأطراف.

وتعوّل المحكمة على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وعلى الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، وعلى شركائها الرئيسيين (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية) على اتخاذ الخطوات والمبادرات اللازمة لمناشدة السودان اعتقال الشخصين وضمان مثولهما أمام المحكمة الجنائية الدولية.

شاهد أيضاً

سودانايل تنشر توصيات ورشة الحوار حول الإطار الدستوري الانتقالي

بسم الله الرحمن الرحيم نقابة المحامين السودانيين لجنة التسيير ورشة عمل: الحوار حول الإطار الدستوري …