«الجبهة الثورية» تعتزم التوقيع على الإعلان الدستوري لنقابة المحامين

 


 

 

ميعاد مبارك: الخرطوم ـ «القدس العربي»: يعتزم المجلس القيادي للجبهة الثورية برئاسة الهادي إدريس، التوقيع على الإعلان الدستوري المطروح من قبل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، بعد مراجعة بعض الملاحظات بالخصوص.
وعقد المجلس اجتماعاً، وصفه في بيان أمس الثلاثاء، بـ «الاستثنائي»، مشيراً إلى أنه «استمر لمدة يومين»، ناقشت «خلاله مكونات الجبهة التي تضم حركات مسلحة وتنظيمات سياسية، الراهن السياسي في البلاد ومسودة الإعلان الدستوري».
وأكد البيان على «ضرورة خلق تحالف عريض»، يضم من أسماها «قوى الثورة وقوى الانتقال من أجل إنجاح العملية السياسية»، مشيرا إلى أن «الجبهة الثورية قامت خلال الاجتماع بدراسة مسودة الإعلان وملاحظات العسكر والأطراف المعنية باعتبارها تشكل أساساً مقبولاً يمكن البناء عليه، كما أجرت مواءمة بينها (المسودة) وبين مبادرتها التي طرحتها في مارس/ آذار الماضي».
وفيما خلصت الجبهة إلى «بعض الملاحظات»، كلفت «لجنة للجلوس مع الأطراف المعنية، لتضمينها في الإعلان الدستوري، تمهيداً لتوقيعها عليه».
وأكدت «دعمها للعملية السياسية التي ينتظر أن تفضي إلى التحول المدني الديمقراطي وتحقيق شعارات الثورة السودانية»، حسب البيان.

ما هي الملاحظات؟

ووفق البيان، ملاحظات الجبهة «تتعلق بهياكل الفترة الانتقالية واتفاق السلام»، مشيراً إلى أن «أبرز الأطراف التي سيناقش معها تلك الملاحظات الحرية والتغيير والاتحادي الأصل والمؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة المحمدية من أجل التوصل الى تفاهمات حولها».
وفي 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وقعت الحكومة الانتقالية اتفاق سلام مع الجبهة، المكونة من حركات مسلحة وتنظيمات معارضة، يتكون من خمسة مسارات تمثل أقاليم البلاد.
وعلى الرغم من إعلان عدد من مكونات الجبهة، رفض الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلا أنها ما تزال متمسكة بمقاعدها في السلطة، في وقت تدعم مكونات أخرى داخل التنظيم الانقلاب بشكل معلن.
وبعد أشهر من الانقلاب، أطلقت الجبهة مبادرة في مارس/ آذار الماضي في مدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق، جنوب شرق البلاد، قالت إنها تهدف لحل الأزمة الراهنة في البلاد، وتمسكت فيها بالوثيقة الدستورية للعام 2019، وتعديلات 2020 بعد مواءمتها مع اتفاق السلام، باعتبارها أساساً للانتقال الديمقراطي في البلاد.

رؤية مستحدثة

وبعدها طرحت في يوليو/ تموز، رؤية مستحدثة، دعت خلالها إلى «إعادة تشكيل الأجهزة والمؤسسات الانتقالية، على أن تشمل مجلسا سياديا مدنيا، بالإضافة إلى مجالس الأمن والدفاع ومجلس الوزراء والتشريعي، وأن تكون مدة الفترة الانتقالية 39 شهراً تبدأ من من تاريخ اكتمال تكوين مجالس السلطة الانتقالية».
ووفق الرؤية، يكون مجلس السيادة، رمز السيادة الوطنية والسلطة العليا في الدولة وتتم إعادة هيكلته، على أن يتكون من 9 أعضاء، 3 من أعضاء الجبهة و6 من المدنيين، يتم اختيارهم، بحيث يمثلوا أقاليم السودان المختلفة، مع تمثيل المرأة بنسبة 40٪. وتكون مهام المجلس، كما وردت في الوثيقة الدستورية المعدلة 2020، مع فصل الاختصاصات والصلاحيات بين مجلس السيادة والوزراء.
أما مجلس الوزراء «فيمثّل السلطة العليا في البلاد ويتولى مهام وصلاحيات وسلطات مجلس الوزراء المحددة في الوثيقة الدستورية، ويتكون من رئيس وزراء وعدد من الوزراء ويتم التوافق على اختيار رئيس وزراء مدني من ضمن الكفاءات الوطنية عبر تشاور واسع بمشاركة قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية وأطراف العملية السياسية الأخرى ولجان المقاومة وبقية قوى الثورة الحية».
ويقود رئيس الوزراء «تشاوراً مع القوى المدنية والسياسية، ما عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول، يتولى بموجبه وبحرية كاملة اختيار مجلس الوزراء الانتقالي من كفاءات وطنية على أن يتكون من عدد لا يقل عن 26 وزيرا ويكون من بينهم نسبة 25 ٪ لأطراف اتفاق السلام بالإضافة إلى مشاركة المرأة بنسبة 40٪».

رغم رفض أحد مكوناته التفاهمات بين «الحرية والتغيير» والعسكر

وبخصوص المجلس التشريعي، شددت الثورية على كونه «جسما مستقلا ولا يجوز حله، على أن يراعى في تمثيله كافة القوى المشاركة في التغيير».
كما شاركت مكونات الجبهة في ورشة الإعلان الدستوري التي انعقدت في مقر اللجنة التسييرية لنقابة المحامين في أغسطس/ آب الماضي، بمشاركة الحرية والتغيير وأطراف أخرى من المعارضة والجبهة الثورية، بالإضافة إلى أحزاب وتنظيمات شاركت النظام السابق حتى سقوطه عبر الانتفاضة الشعبية في 11 أبريل/ نيسان 2019.
ولاحقاً، طرحت اللجنة، في سبتمبر/ أيلول الماضي، مشروع إعلان دستوري جديد، يلغي الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019، تعديل 2020، وكل القرارات التي صدرت بعد انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بما في ذلك كل الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي أبرمت في ذلك الوقت.
ونص الإعلان الذي طرحته اللجنة للتداول على أن تتكون هياكل الحكم من مجالس للسيادة والوزراء والتشريع والأمن والدفاع، ويكون مجلس السيادة، مدنيا، ورأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ويراعى فيه التمثيل الإقليمي.
والأربعاء الماضي، أعلن المجلس المركزي لـ «الحرية والتغيير» عن وصوله لتفاهمات مع المجلس العسكري، للتوقيع على اتفاق إطاري ينص على إقامة سلطة مدنية وإنهاء الأزمة الراهنة في البلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وبين أن الاتفاق يستند على مسودة الدستور الانتقالي المطروحة من قبل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، منذ سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، والتي تهدف إلى إنهاء الانقلاب والسلطة المدنية في البلاد.
وقال إن توقيع الاتفاق الإطاري الهدف الأساسي منه إخراج العسكر من المواجهة مع الشعب، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، مؤكدا أن الحرية والتغيير لن توقع على اتفاق نهائي مع المكون العسكري إلا بعد تكوين جبهة عريضة للقوى المناهضة للانقلاب.
وقبل نحو شهرين قالت «الحرية والتغيير» إنها تلقت عبر اتصالات غير رسمية، ملاحظات من العسكر حول مشروع للدستور الانتقالي طرحته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، وإنها اعتبرته قاعدة جيدة للعملية السياسية في البلاد.
وعلى الرغم من التلميحات التي أطلقها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، خلال خطاباته الأخيرة، بوجود تفاهمات مع بعض قيادات «الحرية والتغيير»، إلا أنه لم يعلن، حتى الآن، شروعه في توقيع اتفاق إطاري، بينما لا تزال بعض الأحزاب والحركات المقربة من العسكر يرفض أن يكون إعلان المحامين المرجعية لأي اتفاق، وتطالب بدمجه مع إعلانات دستورية ورؤى، سبق أن طرحتها.
ومع أن الجبهة الثورية أعلنت عزمها التوقيع على الإعلان الدستوري للمحامين، إلا أن قائد الحركة الشعبية – شمال، مالك عقار، الذي يعتبر من مكونات الجبهة، رفض التفاهمات بين «الحرية والتغيير» والعسكر ووصفها بـ «الثنائية وغير المقبولة».
وقال في بيان السبت، إن هذه التفاهمات «ستزيد من تعقيدات المشهد السياسي السوداني المعقد أصلا»، مؤكداً أن «الشروع في إجراء من هذا القبيل يطعن في تعددية الدولة السودانية، ومؤشر يوضح أن الدولة مملوكة لفئة معينة توزع صكوك المواطنة لبقية السودانيين».
وقطع بأن «التسوية بشكلها الراهن ولدت وهي تحتضر»، مشيراً إلى أن «المطالبات بمراجعة وتعديل اتفاق السلام، ما هي إلا مساع مبطنة من القائمين على التسوية، تهدف إلى إلغاء اتفاق السلام».
وأكد على أن «علاقة حركته بأي تنظيم أو تسوية تحددها علاقة التسوية باتفاق السلام «، مشدداً على أن «أي تسوية لا تأخذ في الاعتبار تنفيذ اتفاق السلام مرفوضة».
واعتبر أن التمادي في عدم الاتفاق سيؤدي إلى انهيار الدولة السودانية، مطالبا «بتسوية وطنية لا ترهن إرادة الشعب لصراعات ومصالح دول أخرى»، على حد قوله.

البرهان: القوات المسلحة ستعمل على حماية الفترة الانتقالية

قال القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إن القوات المسلحة ستعمل على حماية الفترة الانتقالية وصون وحماية الوطن، مشيرا إلى أن البلاد تستشرف مرحلة جديدة، يتطلع فيها الشعب إلى توافق وطني، تشارك فيه كل القوى السياسية والمجتمعية والشبابية.
وجدد تأكيده على خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية للوصول إلى اتفاق يفضي إلى حكومة مدنية انتقالية تتشكل من الكفاءات الوطنية المستقلة، لتقود البلاد إلى انتخابات حرة ونزيهة، لافتاً إلى بروز عدد من المبادرات للتوصل إلى حل للوضع الراهن.
وأكد خلال مخاطبته الاجتماع السابع عشر للجنة التنسيق الإقليمية لمديري ورؤساء الأجهزة الأمنية والمخابراتية في إقليم البحيرات العظمى، أمس أن «الأمن الأفريقي، في ظل المتغيرات الدولية الراهنة، يستوجب من دول القارة، خاصة دول إقليم البحيرات، تقوية التعاون وإحكام التنسيق لسد الثغرات الأمنية».
وأشار إلى أن «لجنة التنسيق الإقليمية وآلياتها مؤهلة للتغلب على كافة التحديات الأمنية في الإقليم، خاصة مكافحة الظواهر السالبة المتمثلة في الحركات السالبة وقضايا الإرهاب والتطرف».
يشار إلى أن البرهان نفذ في 25 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي انقلاباً أطاح فيه بالحكومة الانتقالية التي تشاركها المدنيون والعسكريون لأكثر من عامين، وذلك قبل أيام قليلة من موعد تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين المحدد حسب اتفاق أبرم في أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته.
وبينما تصاعدت المقاومة الشعبية، الرافضة للانقلاب العسكري، ظلت القوات النظامية تقمع المعارضين، حيث قتل خلال التظاهرات 119 سودانيا بينما تجاوز عدد المصابين 6000.
وفي يوليو/ تموز الماضي أعلن البرهان خروج العسكر من العمل السياسي، مطالبا المدنيين بالتوافق على حكومة انتقالية.
بينما شهدت البلاد تحركات واسعة للوساطة الرباعية التي تقودها واشنطن والرياض والآلية السياسية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيغاد، لدفع الأطراف السودانية للتوافق.
وأعلنت «الحرية والتغيير»، الأربعاء الماضي، عن وصولها إلى تفاهمات مع العسكر تفضي إلى تكوين حكومة مدنية وإنهاء الأزمة في البلاد، مؤكدة أن التفاهمات ستخرج العسكر من العملية السياسية.
في المقابل، لم يصدر البرهان موقفا واضحا بالخصوص حتى الآن، في وقت ظل يؤكد خلال خطاباته الأخيرة على وصاية العسكر على الحكومة المرتقبة، مع إشارته إلى تفاهمات مع بعض مكونات الحرية والتغيير.
//////////////////////////

 

آراء