الحركة النقابية تحقق انتصارا هاما

 


 

صديق الزيلعي
4 December, 2023

 

حققت الحركة النقابية السودانية انتصارا عالميا كبيرا، بانتزاع تمثيل السودان في منظمة النقابات الافريقية، وإنهاء سيطرة الفلول. تشكل مشاركة النقابات المنتخبة خطوة أولي وحاسمة، في معركة أساسية لاستعادة مكانة السودان في الحركة النقابية الإقليمية والعالمية. تم استغلال هذه المكانة العالمية من قبل نقابات الاسلامويين لنيل الاعتراف العالمي لنظامهم. ثم بعد ثورة ديسمبر المجيدة تحولت المشاركة العالمية لأداة لتشويه السلطة الانتقالية وتقديم الشكاوى "المفبركة" ضدها، بحجة انعدام الحريات النقابية.
جاء في الاخبار:
" وجه مجلس النقابات الأفريقية لطمة قوية للقيادي بالمؤتمر الوطني المحلول بروفسور إبراهيم غندور الذي ظهر في اروقة اجتماع المجلس المنعقد في نيروبي وقدم شكوى ضد النقابات السودانية المشاركة معترضا على توجيه الدعوة لها باعتبارها واجهات للحزب الشيوعي. رفض المجلس استلام شكوى غندور واعتبر الأجسام النقابية المشاركة أجسام شرعية ويحق لها المشاركة في اجتماعات المجلس. والأجسام النقابة المشاركة في الاجتماع هي نقابة الصحافيين واللجنة التمهيدية لنقابة الاطباء ولجنة تسيير نقابة المعلمين."

هذا القرار يضع حدا لسرقة اسم الحركة النقابية السودانية، واستغلال تاريخها المعروف وسط النقابات العالمية، الذي استمر لثلاثة عقود متواصلة. فقد تم الادعاء بتمثيل النقابات السودانية، بعد ان حلتها حكومة الاسلامويين، وفرضت عليها قيادات لا علاقة لها بالحركة النقابية. وشكل ما سمى بمؤتمر الحوار النقابي أكبر عملية تزوير في تاريخ السودان لإرث هذه الحركة المتميزة، التي فشل الاسلامويين السيطرة عليها في ظل التنافس الديمقراطي، فلجأوا للقمع والتنكيل والقتل والتزوير للسيطرة عليها.

كانت للحركة النقابية السودانية موقعا متميزا وسط نقابات العالم، منذ خمسينات القرن الماضي. فقد تقلد الشفيع وإبراهيم زكريا وقاسم أمين مواقع قيادية وسطها. كما ساهم هؤلاء القادة ورفاقهم في تأسيس النقابات الإقليمية (الافريقية والعربية). وتميزت النقابات السودانية بمشاركتها الفعالة في التضامن مع عمال وشعوب العالم، في كل مواقع حركات التحرر الوطني، المنتشرة في كل بقاع العالم.

قاد ممثلو النقابات الشرعية في الخارج، بعد انقلاب الاسلامويين، معارك واسعة لكشف ممارسات السلطة ضد النقابات. ولعب عبد الوهاب سنادة ومحجوب سيد أحمد أدوارا تاريخية، في كافة المواقع النقابية العالمية. الأمر الذي أدى لصدور عشرات القرارات التي تدين الحكومة السودانية. وكان في مقدمة تلك القرارات ما أصدرته منظمة العمل الدولية، في سنوات متواصلة، حول الحريات النقابية في السودان، وحول تعارض القوانين التي فرضتها الحكومة مع الاتفاقيات الدولية خاصة رقم 87 و98. لكن بعد وفاة عبد الوهاب سنادة ومحجوب سيد أحمد، تراجع النشاط الخارجي. انتهزت كوادر الاسلامويين الفراغ، فخلقوا لأنفسهم مواقع في الحركة العالمية باسم السودان. من المفارقات ان إبراهيم غندور تقلد منصب نائب رئيس اتحاد النقابات العالمي، وهو الاتحاد الذي شغل إبراهيم زكريا سكرتاريته العامة ثم رئاسته لسنوات طوال.
تفجرت ثورة ديسمبر العظيمة، وأستمر حراكها الثوري لشهور عديدة، ولم نسمع لقيادة اتحاد العمال الحكومي أي موقف، وهو نفس الصمت الذي استمر طيلة تربعهم على قيادة النقابات، وجماهير العاملين تعاني الأمرين. لكن بعد إزاحة البشير بانقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019، والصراع الذي تم بعد ذلك والمواكب الجبارة التي اندلعت في كل مدن السودان، ثم تشكيل الحكومة الانتقالية. نشطت قيادة الاتحاد المحلول، بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، في تنفيذ مخطط الاسلامويين ضد الحكومة. فقدموا عشرات الشكاوي والمذكرات للاتحادات الإقليمية والعالمية. كما خاطبوا منظمة العمل الدولية في شكوى رسمية ضد حكومة السودان. تعاملت منظمة العمل الدولية بجدية مع الشكوى. وكلفت مكتبها الإقليمي افريقيا لإرسال بعثة الى السودان. فعلا وصلت البعثة بقيادة مديرها الإقليمي اليكسو مسندو الذي حضر على رأس البعثة الي السودان في الفترة من 11 والى 15 يناير 2020، قابل خلالها وزيرة العمل لينا الشيخ. وكان لتوصيات تلك البعثة اثرها الكبير في الطريقة التي تم التعامل مع قانون النقابات المقترح. لم يقتصر نشاط قيادة اتحاد الاسلامويين بل كان رئيسه، الذي انتهت دورته في 2018، يخاطب الاجتماعات الدولية باسم عمال السودان، ويقدم صورة كاذبة لما يجري في بلادنا.
جاء تحرك النقابات السودانية الأخير ونجاحها في انتزاع تمثيل السودان من الاسلامويين، كخطوة أساسية لتصحيح العلاقات الدولية للنقابات. كما أن فشل غندور في التأثير على النقابيين الأفارقة، يشكل بداية الحملة، التي يجب ان تتواصل، لتصفية كل المواقع التي نالها الاسلامويين في الحركة النقابية العالمية ، بلا وجه حق.
الواجب العاجل امام النقابيين هو التحرك المستمر وسط النقابات والمنظمات الدولية من اجل شرح الآثار الكارثية على العاملين وعلى جماهير الشعب، وضرورة الضغط من اجل تحرك دولي فعال لإيقاف الحرب، ومحاسبة مشعليها، وتحقيق الانتقال الديمقراطي.

siddigelzailaee@gmail.com

 

آراء