الحوار الوطني.. يكون أو لا يكون

 


 

 



اكتملت الاستعدادات لعقد لقاءِ الأخ الرئيس عمر البشير مع ممثلي لجنة آلية الحوار الوطني، أو ما عُرفت بلجنة 7+7، بحيث يكون سبعة أعضاء من المؤتمر الوطني وأحزاب الموالاة، على أن يكون سبعة أعضاء آخرين من أحزاب المعارضة، على الرغم من أنه تنامى إلى أسماعنا أن ممثلي حزب الأمة القومي والإصلاح الآن قررا عدم المشاركة في لقاء اليوم (الخميس).
يُعتبر لقاء اليوم من اللقاءات المهمة في مسار الدعوة الرئاسية لكافة الأحزاب والقوى السياسية إلى الحوار الوطني، بل أحسبُ أنه تنطبق عليه مقولة "هاملت" في مسرحية وليام شكسبير "أكون أو لا أكون، هذا هو السؤال". هكذا بدأت واحدة من أشهر عبارات المناجاة في دنيا الأدب العالمي، كتبها الكاتب والشاعر الإنجليزي الشهير وليام شكسبير، منذ أكثر من 400 عامٍ مضت، وأجراها على لسان شخصية من أكثر شخصياته إبهاراً وروعة، تلكم هي شخصية هاملت، أمير الدنمارك في المسرحية التي حملت اسمه. لذلك أنه لو لم يتم الاتفاق على تسريع خُطى الحوار الوطني، ووضع آليات محددة لإنفاذه، سيكون هذا بمثابة إنهاء لأمل انعقاده في القريب العاجل، وبالتالي يكون قد ضاع على السودان مدخلاً مهماً من مداخل معالجة قضاياه المتعددة. والمأمول أن يبادر الأخ الرئيس إلى اتخاذ قرارات تستجيب لمطلوبات الحوار الوطني ومُوجهاته، لتأكيد جدية دعوته لكافة الأحزاب والقوى السياسية، خاصة المعارضة منها، وحرصه الأكيد على إشراك الجميع، بما فيهم الحركات المسلحة، لإحداث توافق وطني حول معالجات القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإيجاد حلول توافقية للوضع السياسي والاقتصادي الراهن المأزوم.
وفي رأيي الخاص أن لقاء اليوم سيحسم بعض التفسيرات التي بُسطت في الوسائط الصّحافية عن خطاب الأخ الرئيس عمر البشير، في ختام اجتماع مجلس شورى المؤتمر الوطني، الذي أحدث بلبلةً وسط كثيرٍ من الذين كانوا متحمسين لمبادرة الحوار الوطني، ولكن تفسيراتهم لذاكم الخطاب، دفعتهم إلى المقاطعة أو التجميد، إلى حين استشعارهم بجدية المؤتمر الوطني، في دعوته إلى الحوار، وخُلوص نيته وإرادته في إنفاذ مطلوبات الحوار الوطني، من حيث تهيئة مناخ الحُريات، واتخاذ قرارات جريئة دائمة؛ لإنجاح دعوة الحوار الوطني، وذلك من أجل تشجيع الحركات المسلحة للمشاركة، بإعلانِ عفوٍ رئاسي شامل في إطار ضمانات الحوار السوداني- السوداني. ومن الضروري أيضاً إطلاق حرية التعبير وحرية الصحافة، وعلى أسوأ الفروض العودة إلى مناخات الحُريات التي أفرزها الخطاب الرئاسي للأخ الرئيس عمر البشير، في لقائه مع ممثلي الأحزاب والقوى السياسية - حكومةً ومعارضةً - يوم الأحد 6 أبريل الماضي، في إطار التوجيهات الرئاسية التي كفلت تلكم الحريات قبل حدوث الانتكاسة الأخيرة التي أشعرت كثيراً من مراقبي الشأن السياسي السوداني بفتور هِمة المؤتمر الوطني، وتراخي حماسته لدعوة الأحزاب والقوى السياسية - حكومةً ومعارضةً - وحتى الحركات المسلحة إلى مائدة الحوار الوطني داخل السودان، ليكون حواراً سودانياً خالصاً، بضمانات رئاسية أكيدة، تجعل من مُخرجات ومآلات هذا الحوار الوطني مخرجاً حقيقياً من الأزمة التي نعيشها حالياً.
أخلصُ إلى أن لقاء اليوم معقودٌ على ناصيته الخير الكثير، إذا صدقت النيات، وخلصت الإرادات، واتجهنا بحقٍّ وحقيقةٍ إلى مُعالجة مشكلات البلاد والعباد، لإنفاذ المرتكزات الأربعة التي جاءت في الخطاب الرئاسي يوم الاثنين 27 يناير 2014. وأحسبُ أن السودانيين داخل السودان وخارجه سيتابعون لقاء اليوم بشغفٍ كبيرٍ، وآمال عراض، في أن يزيل بعضاً من العراقيل التي يواجهها مسار الحوار الوطني، ويحقق إمكانية تسريع خُطى الحوار من أجل مُعالجة مشكلات الوطن والمواطنين، وتحقيق مآلات الحوار الوطني في مرتكزاته الأربعة (السلام، والحرية، والاقتصاد والهوية)، لنهضة السودان وبنيه.
ولنستذكر في هذا الصدد، قولَ الله تعالى: "وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".
وقول الشاعر العربي عمرو بن أهتم السعدي:
وكلُّ كَرِيم يَتَّقِي الذَّمَّ  بـالـقِـرَى    ولِلخَيْرِ بينَ الصّالحـينَ طَـريقُ
لَعَمْرُكَ ما ضاقَتْ بِلاَدٌ بأَهْـلِـهَـا    ولكنَّ أَخلاقَ  الرِّجـالِ تَـضـيقُ
///////

 

آراء