الحوار بمن حضر ودفتر الغياب ؟؟
كما هو معلوم فقد صدرت عن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير خلال الأيام القليلة الماضية تصريحات تتعلق بالحوار الوطني الذي قال إنه بمن حضر وهناك تصريحات أخري حول ما عرف بالصيف الحاسم وإستعداد القوات المسلحة للقضاء علي التمرد خلال هذا الشتاء الذي سيكون صيفا ساحنا علي الجبهة الثورية وحركات دارفور كما أعلن عن ذلك وزير الدفاع أيضا وجاءت تصريحات أخري حول حل المنطقتين علي أساس إتفاقية نيفاشا ونيفاشا أرست ما عرف بالموشرة الشعبية لمواطني المنطقتين ( النيل الأزرق وجبال النوبة أو جنوب كردفان ) وبالنسبة لدارفور فقد أكد الرئيس البشير علي علي منبر الدوحة كأساس لوقف الحرب وتحقيق الإستقرار في دارفور . أما الحوار الوطني فقد أكد رئيس الجمهورية أنه سينطلق في موعده الذي أكد عليه مجلس أحزاب الحوار الوطني وبمن حضر كما ذكرت آنفا .
والملاحظ أن هذه التصريحات التي إنطلقت من رئيس الجمهورية رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم قد جاءت عقب تأكيدات أخري من جانب الرئيس وحزب المؤتمر الوطني علي قيام الإنتخابات في موعدها من غير تأجيل وإجراء تعديلات دستورية حول تعيين الولاة بدلا من إنتخاب الوالي مباشرة من قبل جماهير الولاية ومنح قرارات رئيس الجمهورية حصانة دستورية في التعديلات الدستورية المنتظر القيام بها عقب إجازة الميزانية العامة للدولة علي الأرجح. والسؤال الذي يفرض نفسه هل وصل الرئيس البشير إلي قناعة بأن القوي السياسية الموقعه علي إعلان باريس وأديس أببا ونداء الوطن لن تشترك في الحوار بتاتا وبالمرة ناهيك عن حضور الحوار وبالتالي لا داعي للإنتظار وبدلا من التأني والتمهل في إنتظار غائب لا يرجي حضوره إطلاق(( صافرة
الحوار)) بمن حضر أو مستعد للحضور من الأحزاب والقوي السياسية ؟ وهل القوي السياسية بالداخل والمقصود بها مجلس أحزاب الحوار الوطني أو آلية
(7(زايد) 7 )قد حزمت أمرها علي أن تكون هي من حضر ويحضر الحوار الوطني في غياب القوي السياسية المقعة باريس ونداء الوطن ، وهناك قوي متهمة من قبل المؤتمر الوطني بأنها تسعي لتخريب الحوار وإفشاله كما جاء في تصريحات الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل القيادي بالمؤتمر الوطني بأن حركة الإصلاح الآن بقيادة الدكتور غازي صلاح الدين العتباني تسعي لإفشال الحوار الوطني ؟ وهل الحوار الوطني الذي يلتأم في موعده المقرر وبمن حضر سيكون صيغة من صيغ الحلول المفتوحة للحل وبلا نهايات مثل إتفاقية الدوحة وإتفاقية نيفاشا ؟ وهل هناك مجرد إحتمال بأن تلحق القوي السياسية المنتظر غيابها عن الحوار بالحوار في وقت لاحق اأم أنها لن تنضم غليه ولو جاء مبرأ من كل عيب كما قال الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري وهو يعبر عن رفضه لما عرف في بداية الخمسينيات بالمجلس المركزي المكون من زعماء القبائل في السودان والذي شكله الحاكم العام البريطاني ،من المتوقع بل من المؤكد أن ترفض قوي باريس ونداء الوطن الحضور وهذا الرفض متوقع بنسبة 100% من جانب القوي التي نعت الحوار وقالت أنه قد مات ودفن في مقبرة من مقابر أم درمان العتيقة وهال الناس عليه التراب ..ولكن بالنسبة لجموعة 7زايد 7 نفسها أن لحوار أن ينطلق في ظل عمليات عسكرية وصيف ساخن فهل يجد المتحاورون علي قلتهم المناخ المناسب لإجراء الحوار في ظل العمل العسكري الذي تم الإعلان عن إنتظامه للبلاد شتاءا ساخنا وصيفا اسخن بين مقاتلي الجبهة الثورية والقوات المسلحة وهل يعلن المتحاورون عن دعمهم للقوات المسلحة وهي تقاتل المتمردين ام يطالب المتحاربون بوقف إطلاق النار وإفساح المجال للحل السياسي والتفاوض خاصة وأن الحوار لا يتخلف عن المفاوضات إلا في الإسم وله متطلباته علي أرض الواقع حتي ينجح ويثمر وله مناخ لابد من توفره حتي تأخذ الكلمة موقعها وتجد الفكرة مستقرها بدلا عن الزخيرة والبندقية .
هذا من شأن تصريحات الرئيس البشير وما يتصل بها من معضلات عملية علي أرض الواقع غير أنه من الضروري أن تردك القوي السياسية جميعا بأن لديها مسئولية تجاه الحوار بإعتباره الخيار الوحيد لحل قضايا الوطن وهذه القوي المعارضة ليست معفية من العمل علي تهئية المناخ للحوار والدخول فيه فالحوار يجب أن لا يترك لحزب واحد من الأحزاب ولا تيار من التيارات بل علي الجميع أن يتنادوا إلي مائدة الحوار وتحقيق الأهداف الوطنية العليا من الحوار وأهمها وقف الحرب وحقن دماء أبناء الوطن الذين يتقاتلون صيفا وشتاءا وخريفا وربيعا من غير توقف وتحقيق السلام ووالوصول للتبادل السلمي للسلطة وإزالة القوانين المقيدة للحريات وتحقيق النظام الديمقراطي والحكم الرشيد وفي رأي أن أكبر معضلة تواجه الحوار هي عمليات الإقصاء والإقصاء المتبادل بين الطراف والقوي داخل البلاد فإذا كان المؤتمر الوطني يريد إقصاء المعارضة فالمعارضة بدورها تريد إقصاء التيار الإسلامي كله تحت مسمي الإسلامويين علي شاكلة ما حدث ويحدث في دول أخري لم تنعم بالإستقرار والطمأنينة إلي يومنا هذا لأنها مارست الإقصاء بديلا للحوار وعلي الجميع في الحكومة والمعارضة أن يتنادوا إلي حوار بناء وعادل يتساوي فيه الجميع من أجل الوصول إلي كلمة سواء عبر حوار شامل جامع يحضره الجميع وليست بمن حضر ولا دفتر لغياب في أرض الحوار وساحته.
elkbashofe@gmail.com
////////