عدنان زاهر
elsadati2008@gmail.com
1
تعبير الدول المأزومة أو الهشة يطلق في العادة على الدول التي تعجز عن أداء وظائفها الحيوية المناط القيام بها ، هذا التعبير أو المصطلح له مترادفات عدة تجدها في الكتابات السياسية، الاقتصادية أو الكتابة المتعلقة بالعلاقات الدولية.
تلك الاوصاف و المترادفات يحدد استخدامها أيضا أداء الدولة المعنية، بمعنى آخر قدرة الدولة على أداء واجباتها المفترض تقديمها لمواطنيها، اضافة الى قدرتها على ” حللة ” مشاكلها وإمكانياتها على الصمود في وجه المشاكل المتراكمة او المشاكل المتوقعة الحدوث، قبل انهيارها الكامل أي سقوطها العمودي الى القاع.
هنالك الدول الضعيفة ، الفاشلة ، المنهارة ، ضعيفة الارادة، المأزومة ، المفلسة و الهشة.
كل هذه التعريفات و الأوصاف تعني ان الدول التي توصف بواحدة منها، معرضة للانهيار الكامل والسقوط المدوي الذي تعقبه الفوضى و زوال الدولة و السلطة.
2
هنالك عدة عوامل تعتبر مؤشر نحو ذلك السقوط المدوي يمكن حصر منها في الآتي :
1- عجز السلطة الحاكمة أي الدولة على الحفاظ على الأمن في آراضها، كما تنتشر فيها المليشيات المسلحة التي لا تحترم القانون و تستولى على ما تريد وفقا لقانونها الخاص.
2 – انتشار الفساد في كل مرافق الدولة و كذلك المجتمع ، مع غياب تام للشفافية.
3 – عدم قدرة مؤسسات الدولة على القيام بعملها أو فشلها في تحقيق أهدافها.
4- تدهور حقوق الإنسان في المجتمع، يشمل ذلك التعدي على المواطنين من قبل أجهزة الدول الأمنية مع الاعتقالات العشوائية لفترات طويلة و التعذيب حتى الموت.
5- السيطرة والتأثير المباشر من قبل أجهزة الأمن على مؤسسات السياسة و متخذي القرار.
6- التدهور الاقتصادي ، البطالة و انهيار العملة الوطنية.
7- التحيز العرقي، ارتفاع خطاب الكراهية في المجتمع.
8 – التحلل القيمي و الأخلاقي داخل المجتمع.
9- عدم القدرة على حماية حدودها و أرضها.
10 – فرض عقوبات من المجتمع الدولي على نخبها و حكامها الفاسدين.
3
أورد هنا بعض العينات و نماذج عشوائية لما يجرى في سودان اليوم للقياس والمقارنة و مدى تطابقها مع مؤشرات الدولة الهشة و المأزومه، كما أن معظم الأمثلة و العينات وردت في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي :
- معلم تربية اسلامية في مدرسة خاصة بمدينة الأبيض بولاية شمال كردفان يغتصب طفلة عمرها سته سنوات، ذلك سلوك تفشى في المجتمع و هو مواصلة و استمرار لما كان يتم إبان حكم الكيزان الذى استمر لفترة ثلاثين عاما، كما تسببت الحرب في انتشاره و انتشار العنف ضد الأطفال مع انعدام الرقابة على المدارس الخاصة في ظل الفساد الضارب بأطنابه في التصديق بفتح تلك المدارس . هذا السلوك ” المقرف ” صار أشبه بالظاهرة في المجتمع مما يستوجب التعامل معه بحزم و جدية.
- شخص يقوم ببيع الطابية التاريخية المرتبطة بالحكم الوطني لشخص آخر ، ليقوم الشخص بتحويلها إلى ” كمينة ” طوب ! تم ذلك في محلية كررى بأمدرمان في غياب السلطة و المسئولين و لو لا أن فردا من السكان أبلغ الشرطة لتم القضاء على هذا الأثر التاريخي الهام و الذى يؤرخ لأهم فترة في تاريخنا الحديث. الطوابى التي أقيمت على امتداد نهر النيل في زمن المهدية، كان الغرض من تصميمها حماية امدرمان من الغزاة الإنجليز.
- في غمرة الظروف الصحية المتدنية في العاصمة التي تسببت بها الحرب الدائرة بين الحليفين السابقين الجيش و الجنجويد، و إصابة و موت العشرات جراءها من حمى الضنك ، الملاريا و الكوليرا مع عدم إعلان حالة الطوارئ الصحية من قبل السلطات تماديا في الاستهانة بأرواح المواطنين !!…..فى هذه الظروف القاتمة يتم القبض على صيدلانية تبيع الداء في السوق الأسود متخلية عن كل أخلاقيات المهنة للحصول على ربح رخيص مخالفا للدين و الأعراف السودانية.
- جنود المليشيات المشتركة يعتدون على المواطنين و طاقم الأطباء في مستشفى ( بشائر ) بالخرطوم ،بسبب وفاة جندي احضر الى المستشفى بدعوى أن الجندي لم يجد العناية الكافية به، و يقوم جندي برمي قنبلة يدوية داخل المستشفى يموت على اثرها اثنين من المواطنين. جدير بذكره أن صحيفة الشرق الأوسط العربية ذكرت أن هنالك أكثر من مائة مليشيا مسلحة في السودان !!
- السلطة تقوم بضرب الجنجويد بالسلاح الكيميائي ( غاز الكلور ) في منطقة المصفاة بالجيلي مما يجعل السكان في خطر و عدم صلاحية المنطقة للسكن كما تأكد ذلك في الحديث الذى قامت بنشره منصة ( المراقبون ) التابعة لقناة فرانس 24 الفرنسية.
- اعتقال مهندس وإيداعه في مكان مجهول ، عندما تحدث عن الفساد الذي شاب تخطيط إعادة اصلاح الكباري بالعاصمة الخرطوم، و ان ذك التخطيط تم في غياب المهندسين السودانيين كما ان القيام بالإصلاح ستقوم به شركة مصرية بثلاث أضعاف التكلفة الحقيقية.
- الجنجويد قرب مدينة ( الفاشر ) المحاصرة، يقومون باصطياد طائر كبير يحمل جهاز لتتبع مسيرة هجرته من جهة علمية ما، بدعوى أنه يقوم بالتجسس للجيش السودان !!!!
- في الشمالية يُسن قانون يسمى ( قانون الوجوه الغريبة ) ، يستهدف القانون المجموعات العرقية غير المنتمية للمنطقة و تحديدا القادمين من غرب السودان.
4
النماذج المتعددة التي قمنا بإيرادها أعلاه تجسد مدى الانهيار الأخلاقي و التدهور الذى وصل اليه المجتمع. التحلل الأخلاقي و القيمي في حالة اغتصاب الطفل ، انعدام الوعى مع الامية و الجهل في حادثة اصطياد الطائر ، الفساد الذى فات الحد في حالة إعادة تأهيل الكباري ، الفوضى و انتشار المليشيات المسلحة التي تهدد المواطن العادي في حادث مستشفى بشائر، الانهيار الأخلاقي، و الاستهانة بالمواطن من قبل أجهزة الدولة و ذلك باستخدامها السلاح الكيميائي.
كل تلك الأشياء تعني شيئا واحدا فقط، ان سلطة الامر الواقع في بورتسودان قد عجزت عن حكم البلاد، و انا المسألة مرتبطة فقط بالمدى الزمنى لانهيار الدولة.
لكى نمنع ذلك الانهيار العفوي يجب ان تقوم الجماهير بالتحكم في ذلك الانهيار، بتحويل الغضب الكامن لديها، الى عمل جماهيري منظم يهدف إلى اسقاط هذه السلطة التي هي امتداد لحكم الكيزان في السودان.
عدنان زاهر
15 أكتوبر 2025
1- Fragile
2- Failed
3- Collapsed
4- Week
5- Powerless
6- Bankrupt
7- Soft
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم