السرقة العقاب والتحلل!
كباشي النور الصافي
14 July, 2014
14 July, 2014
لا تستغرب قارئي العزيز لو وجدتني أؤيد فكرة التحلل التي إبتدعها النظام. تبدو الفكرة خطأ وعملية تستر واضحة وغتغتة واضحة لمفسدين باسترداد بعض المال منهم بصورة تبدو قانونية وغير قانونية في آن واحد. لا أتحدث عن القانون لأن فهمي فيه لا يتعدى فهم الكثيرين في النظرية النسبية. لكن الإحتيال على القانون سهل. يقول المحامون والقانونيون عموماً أنّ أيّ قانون قبل وضعه تُوضع الثغرات التي يمكن إستغلالها لينفذ المجرم بجلده في حالة توكيله لمحام شاطر يعرف من أين تؤكل كتف القوانين باستغلال الثغرات آنفة الذكر.
حدثني من له دراية كاملة بتفاصيل موضوع جماعة مكتب والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر. محدثي لا علاقة له بالحكومة ولا منسوبيها ويعيش خارج البلاد ولكن له أعمال تربطه بالسفر إلى الوطن للإشراف على أعماله ومتابعتها. فماذا قال لي؟
قال: يأتيك هؤلاء الجماعة عن طريق وسيط يعرفك. يعرضون عليك قطعة أرض في مكان استراتيجي لا يمكن لأي شخص عادي الحصول عليها مهما كانت ظروفه. سعرها يكون في حدود 4 ملايين جنيه. تُعرض عليك القطعة ب2 مليون جنيه. تدفع المبلغ بصورة رسمية بأورنيك 15 ويتم توريد المبلغ في خزينة الدولة. لا يوجد إختلاس ولا سرقة. تعطيهم من تحت التربيزة مليون واحد. هذا يعني أنك وفرت مليون على نفسك. كسب الجماعة إياهم مليون لجيوبهم. وخسرت الحكومة مليوني جنيه. يعني مليونين بسووا للحكومة شنو. الكل يطلع مستفيد والحكومة الما عندها والي ولا تالي غير الوالي الخضر هي التي تخسر.
الطريقة الثانية هي أن تستخرج للقطعة شهاد بحث حديثة بغرض البيع باسم شخصية كبيرة. وذلك بعلمه لأنه مُنح هذه القطعة ليقيم عليها مشروعاً إستثمارياً وقد مُنح القطعة بحكم وضعه الدستوري والحزبي. أصدر المسؤول توكيلاً للسماسرة بعرض القطعة للبيع للراغبين. يقومون ببيعها لمن يريد ويدفع الثمن المطلوب وهو في هذه الحالة يكون أضعاف سعرها الأصلي لأنها خرجت من دائرة أسعار الإستثمار إلى حيِّز أسعار سوق الله أكبر. ينال كل المساهمين في العملية حقّه كاملاً ويضيع على الحكومة فرق السعر الذي يكون بالملايين والذي ذهب لجيوب الدستوري وسماسرته.
الطريقة الثالثة هي أن تُمنح قطعة أرض زراعية كبيرة أو تُنزع أرض زراعية كبيرة من جهة حكومية ضعيفة كالجامعة مثلاً. تُمنح هذه القطعة لشخصية كبيرة من السمك الهامور. بعد ذلك يتم تغيير الغرض من قطعة زراعية إلى قطعة سكنية. يتم إعادة تخطيط القطعة وتقسيمها إلى عدة قطع سكنية. سعرها الذي إشتراها به الهامور لا يساوي نسبة 10% من سعر بيعه لها كقطع سكنية لمن يريد بسوق الله أكبر.. عرض وطلب. يذهب الفرق لذلك الكبير وزبانيته وتخسر الحكومة ذلك الفرق. مزرعة جامعة الخرطوم بشمبات خير دليل وأفضل مثال لهذه الفوضى المقننة.
هؤلاء الناس يعرفون ماذا يفعلون وأعتقد أن تحللهم أفضل للحكومة لأنهم أرجعوا بعضاً مما أكتسبوه من مال الحكومة بطريقة قانونية ظاهرياً. ولو سارت القضية بصورتها الطبيعية لربما حكم عليهم القاضي بالسجن أو الغرامة أو العقوبتين معاً على سوء إستخدام السلطة والتزوير وهلم جرا. لكن لن يستطيع رد أي مبلغ منهم لأنهم لم يختلسوا أو يسرقوا من مال الحكومة حسب التعريف القانوني والشرعي للسرقة والإختلاس.
ليس المهم الإختلاس والسرقات المالية ولكن الأهم هو ذهاب الأخلاق والكرامة في إجازة مفتوحة وربما تكون طويلة الأمد! كيف يمكننا إسترداد الخلق السوداني النبيل الذي يرفض السرقة وأكل مال الغير بغير حق، بل يتنازل عن حقه السوداني كرماً واريحيه في حالات كثيرة؟ هل من الممكن الرجوع للمربع الأول حيث محمد مقنع الكاشفات .. وساتر عرض العمّات والخالات؟ إنني أرى في الأمر صعوبة تقرب من الإستحالة. واليوم كُّ في همة وشأنه إلا من رحم ربي، حيث ينظر لشؤون غيره بعين العطف والرحمة والمساعدة. الله يهوِّن على الجميع. (العوج راي والعديل راي).
كباشي النور الصافي
قناتي في اليوتيوب:
http://www.youtube.com/user/KabbashiSudan
//////////