السفير حسن عبدالعزيز فرج – رحمك الله – إنا لفراقك لمحزونون

 


 

 

على قدرً أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
"المتنبي"

اليوم الإثنين المبارك الخامس من رمضان الكريم شهر الرحمات والمغفرة والعتق من النار ، رحل عن دنيانا الفانية وعن ربعنا المعطر بسماحة وطيبة أهل بربر الصديق الأخ الكريم ابن الأكرمين الخلوق الحبوب الجميل فى كل شيء السفير حسن عبدالعزيز فرج. لقد ذهب الي ربه نظيفاً من وسخ الدنيا وأغوائها "أفيون الشعوب قصيرة النظر". يا رب تكرمه في رحابك السمحة وفي جنات الخلود أن تجعل الفردوس الأعلى برحمتك مسكنه.

جمعتنا بربر المدينة الحانية، صغير وادعة في زماننا ، يعيش فيها سكانها كالأسرة الواحدة، يتعارفون ويتصاهرون، ويأكلون الطعام فى صحن واحد عندما تجمعهم الأفراح والأتراح . جمعتنا سوياً المدرسة المتوسطة وبعدها بربر الثانوية التي كانت وليدة أيام تفجرت فيها ثورة التعليم والانفتاح على الريف وفتحت مدارس ثانوية فى مدن عديدة من السودان. كان حسن إسم ينطبق على مسمى ، فقد كان حسنا فى سلوكه وأخلاقه وتعامله مع الناس وكان جميلا فى هيئته ومظهره ولا عجب فهو إبن سر تجار سوق بربر الذي كان فى زمانه عامراً كسوق محاصيل زراعية جيدة فكان لوالده مكتبا مرتباً ومزودا بالتيليفون وله سيارة خصوصية فى زمن كان الوجهاء من الموظفين يتفاخرون بجمال حميرهم ! كان والده تاجر جملة يستورد ويصدر . نشأ المرحوم حسن فى بيت راقي لذا كان منعماً وراقياً فى كل شيء، الإبتسامة كانت تتناثر من وجهه الصبوح كما تتناثر من الشجيرات ورود الفل والياسمين فى الصباحات الربيعية، كان حسن نعم الأخ للسودانيين عندما كان سفيراً فى ألمانيا وأخيراً بلندن . تزوج من أسرة كريمة من بورتسودان ورزق بنتاً وإبنا أسماه محمود تخليداً لشقيقه الراحل فى شبابه محمود. الإبن الجميل في شكله ونموه للأسف صار من ذوي الحاجات الخاصة متأثراً بنقص الأكسجين أثناء ولادته. تقبله والداه بكل صبر ورضاء ومحبة. والذي يشاهد الأخ حسن هاشا باشا لا يصدق مدى معاناته الحياتية. برغمه كان متواصلا مع الآخرين لا يتأخر من أداء الواجب الأسري والمجتمعي والوطني. اتصل بي فى استشارة طبية بأنه قد وجد أنه يعاني من ضيق فى شرايين القلب ورغم الدعامات التي عولج بها نصحه الطبيب بإجراء عملية قلب لزراعة الشرايين المعطوبة. إقترحت عليه أن يراجع أولاً الزملاء بمركز أحمد قاسم بالخرطوم وبإمكانهم إجراء تلك العملية بنجاح وقد تكون بالمجان، أو ربما يساعدونه فى التحويل إلي جراح قلب يتعاملون مع فى القاهرة. لكن لم أسمع منه حتى بعد فترة قد فوجئت بأنه قد فضل الهند للعلاج التي للأسف كانت نتيجتها الكارثة التي قصمت ظهر البعير. لم يفق فيها حسن من البنج وانتهى طيلة السنوات الخمس الماضية طريح الفراش وفى غيبوبة حتى لحق اليوم بربه بإذن الله نظيفاً راضيا مرضياً من رب رحيم غفور. إنا والله على فراقه لمحزونون. عزائي لشقيقه عبدالمنعم ولابنته وزوجه. جزاهم الله أحسن الجزاء على الوقوف على خدمته وممارضته كل تلك السنين الصعاب.

وفي سيرته تلك الجميلة كدبلوماسي ناجح ومخلص في عمله داخل وخارج السودان هي أيضا سيرة ناصعة البياض من الشوائب فنحمد الله علي ما ترك من أثر طيب وإننا لنشهد علي حسن خلقه واستقامته وسودانويته وبراءة لا مثيل لها في زمننا هذا "غريب الأطوار" كانت تميزه وتزيده ألقاً وجمالاً. أسفي وحزني الشديد أن تكون خاتمة هذه السيرة العطرة هكذا جداً محزنة وتراجيدية، وهنا يتجسد معنى قول المتنبي في البيت أعلاه " على قدر أهل العزم تأتي العزائم". لقد كان السفير حسن صبوراً وقوياً فهكذا أكرمه الله ليصعد إلي السماء نظيفا.
اللهم أغفر له وارحمه
إنا لله وإنا إليه راجعون
العزاء لكل الأهل ببربر والخرطوم ولكل زملائه ومعارفه بوزارة الخارجية السودانية
أعتذر عن التفصيل أعلاه لكن ما حدث لأخينا المرحوم وابنه يعتبر من الأخطاء الطبية الكبري التي لا تسامح فيها
عبدالمنعم

aa76@me.com

 

آراء