السلمية التي انتصاراتها تلاقيط: “ثورة بدون عمود نص”

 


 

 

 


عندما سألت صديقي التاريخي الصدوق والذي حال توقف حركة الطيران بينه وبين العودة لمقر عمله فاضطر للبقاء بالخرطوم. أقول عندما تواصلت معه عبر الواتساب أسأله عن قراءته للأوضاع وقد ظللت وعلى مدى طويل من علاقتنا المشتركة ائتمن تفكيره وأثق في قوة وصحة ملاحظاته، أجاب بالآتي وبطريقته في التعبير بالعامية :
(( أعداء الثورة دي، ليست لكلكة الأحزاب فقط، واللي قصتها معروفة لمن تابع السياسة من أجيالنا ومن من قبلنا. مثلا الجيش، ولا أعني الجنرالات، بل أي عسكري نفر ضد الثورة بقوة وعنف، أبسط رجل شرطة، بتاع مرور يعني، يلعن الثورة والشباب القام بيها بغضب وغيظ. القضاء أغلبه ضد الثورة. جماعات الكفاح المسلح جميعهم حتي الآن لا يصدقون أن ثورة الشباب السوداني أسقطت نظام الإسلاميين، واعتقادي منذ انتصار الثورة، أنهم لن يوقعوا اتفاقية سلام ولو تم التوقيع ح ينتهي بكثرة اللكلكة. جميع أصحاب الصناعات وأكثر من ٧٩% من التجار، من أصحاب البقالات وصولا لبتاعن الدكاكين في الحلة ومعهم كل منتجي الخدمات مثل الأفران، أقول: جميعهم غاضبون علي الثورة، ويكذبون ويسرقون. الرجرجة والدهماء، وهم بشكلو غالبية السودانيين، متعلمين وغير متعلمين، جميعهم ضد الثورة والتغيير ويلعنون الشباب عضم الثورة. دة طبعا غير الإسلاميين وحلفائهم من شتي المشارب. علي أي حال لو واصلت أعدد لن يبقي إلا الشباب أهل الثورة وبعض الطلائع وهم يشكلون أقل من ربع السودانيين، لكن قوتهم تساوي أضعاف قوة بقية السودانيين. ومن هنا، في تقديري يعني، جايا قدرة الثورة علي تجاوز العقبات. الثورة السلمية من طبيعتها أن انتصاراتها "تلاقيط". والخراب الـ في البلد، والممتد من قبل الاسلاميين، يحتاج عباقرة لحصره، دعك من العلاج. من الأشياء الـ أنا بفكر فيها كتير، كيف استمر التحالف الواسع ده بعد انتصار الثورة؟. المهم أنا متفائل بأنو التقدم رغم أنه بطئ لكنه لن يتوقف )). انتهت رسالة صديقي وبقى أننا وإذا اعتمدنا ما ذكره وسماه بأعداء الثورة فإن القوة الشبابية فيما يبدو تقف لوحدها الآن للدفاع عن ثورتها أمام إصلاحات ممحوقة و مقسطة تقوم بها الحكومة الانتقالية. كما تصبح الملاحظة القديمة التي ذكرناها بأن الجسر الواصل بين الحكومة والقاعدة (عمود النص) لا يزال غير مفعل بالدرجة المثالية القصوى، هذا إن لم يكن غير موجود أصلا، وهو ما يخصم من فعالية التغيير وتصفية الإنقاذ ويوكد على الاغتراب النسبي للثورة و قابلية الصحة في وصف أن ذروة أزمات الثورة لم تات بعد في ظل اجتماع عوامل شتى لتكلس وتقلص الإصلاح في بناء دولة ما بعد الثورة ومنها عدم توفر القاعدة الثورية الوسيطة بين الحرية والتغيير والقوة الشبابية التحتية ذات الدور الفعال في إحداث الثورة . أيًا كانت القراءات فإن التجربة كفيلة بعلاج نفسها من نفسها باستبعاد تام لأي خسارة يمكن أن تقضي على التغيير كمكسب تاريخي تمت صناعته بالدم والدموع والنار.

wagdik@icloud.com

 

آراء