السودان فى خطر .. والتاريخ لن يرحم وذاكرته حاضره! … بقلم: تاج السر حسين

 


 

تاج السر حسين
23 September, 2010

 


 royalprince33@yahoo.com
فى اول خطاب للعميد – وقتها – عمر حسن البشير وبعد اغتصاب السلطه عن طريق انقلاب عسكرى فى 30 يونيو 1989 قال البشير: " استعجلنا الأنقلاب لكى نوقف تنفيذ اتفاقية الذل والعار" وهو يعنى ايقاف تنفيذ اتفاقية (الميرغنى/ قرنق) التى رحب بها شعب السودان كله وعبر عن فرحته بخروج جماهير غفيره مثل التى خرجت لأستقبال الراحل/ قرنق عند عودته للخرطوم، تلك الأتفاقيه التى كان من المفترض توقيعها فى تاريخ 4/7/ 1989 اى بعد 4 ايام فقط من انقلاب الأنقاذ، وتلك الأتفاقيه لمن كانوا صغار سن أو يجهلون، كانت تنص على منح الجنوبيين حقهم كاملا وعلى قيام (دوله مدنيه) اساسها المواطنه دون تمييز بسبب الدين أو الجهه أو الثقاقه، ولذلك ما كانوا فى حاجة الى المطالبه بحق تقرير المصير أو بالأنفصال حتى لو نصت عليه اتفاقات سابقه فى القاهرة أو اسمرا مع التجمع أو غيره من الفعاليات السياسيه!
وبالفعل وبعد أن ابطلت الأنقاذ اتفاقية (الميرغنى/ قرنق) التى وصفها قائد الأنقلاب (باتفاقية الذل والعار) على الفور اعلنت الحرب الجهاديه الضاريه ضد الجنوبيين التى راح ضحيتها 2 مليون و500 الف مواطن سودانى، والغرض من تلك الحرب هو ارغامهم على الأستسلام والقبول (بالدوله الجهاديه الأسلامويه) صاغرين، ولهذا فعلى من يدعون بالباطل حتى من قادة الحركه الشعبيه بأن البشير أو الأنقاذ اتت بالسلام ان يراجعوا مواقفهم وأن يذاكروا التاريخ جيدا، فالأنقاذ لجأت للسلام مضطره و(مقهوره) وصاغره بعد أن عجزت من تحقيق الأنتصار فى تلك الحرب الجهاديه وبعد أن فقدت عدد غير قليل من القوات الحكوميه والمليشيات المغرر بها، وبعد أن امتلأت المستشفيات بالجرحى والمصابين ووصل الأمر درجة منع فيها الصحفيون من زيارة السلاح الطبى فى ذلك الوقت!
ونحن نأسف لهذا الفقد الكبير ونترحم عليهم من الطرفين لأنهم فى الأول وألاخر سودانيين!
ذاكرة التاريخ لا تنسى ولا تصدأ  ولا ترحم يا هؤلاء .. خاصة ونحن فى عصر التوثيق والأنترنت، ومن يظن بأن الأنقاذ حققت رخاء ووفرة  للسودان ولمواطنيه فعليه أن يرجع ويراجع ليعرف بأن الدين الخارجى وصل الى أكثر من 35 مليار دولار وعليه أن يعرف بأن كيلو اللحم فى السودان أغلى من مصر وعليه أن يعرف بأن كيلو الطماطم وصل 20 جنيها وعليه أن يعرف بأن الدولار تخطى حاجز ال 3000 جنيه (بالقديم) ، ومن يظن بأن (الأنقاذ) طبقت (الأسلام) فى السودان عليه أن يعلم بأنه يسئ (للأسلام) فالفساد الأخلاقى جعلنا نحجل من انفسنا فى الدول التى نعيش فيها ومما نراه ونسمعه ، وبين كل يوم وآخر يقتل سودانى فى محاوله لعبور الحدود مع اسرائيل، ومن يظن بأن (الأنقاذ) اعادت للسودان هيبته وعزته وكرامته وحررت قراره واهمين ومخدوعين ومضللين وعليهم مراجعة انفسهم فالأمر كان مجرد خطب حماسيه كذابه و(مراهقه) سياسيه ومحاولات لجذب المؤيدين (السذج) الذين يمكن ان ينفعلوا بمثل هذه العبارات الرنانه فى بلد كممت فيه الأفواه واحتكر فيه الأعلام واستخدم من اجل تضليل الجماهير وتغبيش وعيها، فالأنبطاح للدول الأقليميه المجاوره واضح للعيان حتى اننا وصلنا حدا نذهب ونشتكى فيه دوله صغيره مثل تشاد لا تملك سلاح طيران فى مجلس الأمن لأنها توغلت داخل العمق السودانى مسافة 30 كيلو متر، هذا قبل المصالحه المدفوعة الثمن من أجل حرمان د.خليل ابراهيم من أن يلتحق بقواته فى دارفور، يعنى الأنقاذ التى كانت تعاير المعارضين بأنهم معارضه فنادق 5 نجوم ، تريد من خليل ان يصبح معارضا من الفنادق لا الميدان!
ولا داعى ان نتحدث عن موقف الأنقاذ وانبطاحها لباقى دول الجوار التى احتلت اراض سودانيه أو على الأقل متنازع عليها ولم تحسم بعد ولم يسمح للمواطنين القاطنين فيها بالمشاركه فى الأنتخابات (المزوره)!
وقبل هذا وذاك علينا ان نسترجع شهادة المخابرات الأمريكيه التى افصحت عنها قبل شهور قلائل ولم ينفها قادة الأنقاذ بل اكدوها وبرروها والتى قالت فيها بأنها تتعاون مع الأجهزة الأمنيه الأنقاذيه وتتدرب لها كوادرها، وفى ذلك الوقت كان البشير يهاجم الأمريكان ويتحداهم وسط التهليل والتكبير والرقيص والغناء,!
فاذا كان الأمر عادى ومبرر لماذا صمتوا عنه ولم يعلنوه حتى اعلنته المخابرات الأمريكيه، بنفسها ؟
أن ينخدع البسطاء والأميون لأكاذيب (بنى أميه) فهذا امر طبيعى ومقبول لكن أن ينخدع متعلمون ومثقفون فهذا أمر يثير الدهشة والأستغراب فى بلد عرف اهله بالثقافة وبالوعى السياسى.
للأسف البعض يقول لك انه لا يجوز الخروج على الحاكم المسلم، طيب لماذا خرج الأنقاذيون فى 30/6/1989 على حكومة الصادق المهدى هل كان مشركا؟ وهل اوصل البلاد ما هى فيه الآن؟
مواقف الأنقاذ المتناقضه كثيره ولا يمكن حصرها وما يهم الآن هو أن نقرر بأن الوطن فى خطر كبير وحقيقى انفصل الجنوب أم لم ينفصل، فالأنقاذ لا زالت سادره فى غيها وفى تضليل الجماهير السودانيه وخداعهم، ولو كان بينهم رجل رشيد لطلب منهم أن يتنحوا وأن يتنازلوا عن السلطه التى سوف يطردوا منها طال الزمن أم قصر، وعليهم الا ينخدعوا بالزخم الأمنى وبالصرف والميزانيه التى يجنب أكثر من 75 % منها لتلك المجالات الأمنيه والعسكريه لقمع الشعب لا لمحاربة عدو خارجى، فمن قبل عرفنا التاريخ بانظمه كممت الأفواه وقمعت الشعوب حتى اصبح الأنسان فى تلك الأنظمه يخشى أن يهمس لنفسه بموقف معارض داخل وطنه أو خارجه وقتلت تلك الأنظمه الديكتاتوريه الآلاف وحشرتهم داخل الأفران وعذبت الملايين، وفى نهاية المطاف وبعد سنوات قلائل أو بعد عدد من السنين تغير الأمر وتبدل وذهب الطغاة الى مزبلة التاريخ  يطاردهم خزيهم وعارهم وتلاحقهم اللعنات، فأين هتلر وأين موسلينى واين شاوسكو الذى بدأ انهيار نظامه (برجفه)، والأمثله المشابهة فى منطقتنا التى نعيش فيها افريقيا وعربيا كثيره.
ولذلك نقول بأن الحل وبصيص الأمل يكمن فى هذه الجبهة الوطنيه المعارضه العريضه التى ابدعها فكر سودانى ووطنى خالص اى لم تأت لنا من الخارج مثل فكر الأنقاذ، والتى اسندت قيادتها لرجل جسور ومناضل نزيه يحترمه حتى خصومه وهو الأستاذ/ على محمود حسنين.
وهى معارضه صحيح اعلنت على نفسها من بلد ديمقراطى عريق لكنها سوف تعمل فى الداخل وسوف تهتم بقطاع الشباب لأنه يمثل نصف الحاضر وكل المستقبل.
واقول للذين يلتبس عليهم الأمر وينظرون للأستاذ/ على محمود  باعتباره احد قادة الأحزاب التقليديه التى عجزت أن تقدم لشعبها ما يقنعها بمساندتها والوقوف معها رغم تاريخها الناصع ودورها فى النضال الوطنى الذى لا ينسى، لكنها فى الآوانه الأخيره استسلمت واصبحت داعمه لنظام الأنقاذ ومساعده على بقائه من خلال خطاب هزيل ومعارضه ناعمه وهشه ومواقف متردده محبطه.
نقول لهم نعم الرجل هو نائب رئيس الحزب الأتحادى الديمقراطى (الأصل) وفى هذا خير كبير، لكن مواقفه واضحه تنحاز لقضايا الوطن وللمواطنين وللحق والعدل على عكس قادة الأحزاب الذين الذى ارتموا فى حضن الأنقاذ ونفذوا لها اجندتها ورضوا بالسقوط حتى لو كان مزورا.
والرجل اعلنها واضحه انه مع تحقيق العداله التى تعلو على اى هم آخر فى لاهاى أو الخرطوم .. والرجل ذهب وشارك فى مؤتمر قوى الأجماع الوطنى فى جوبا بنفسه رغم عدم ذهاب رئيس الحزب وعدم تكليفه لمن يمثله، والرجل أول من وقع فى جوبا على مسودة اتفاق بين تلك القوى بالا تشارك فى الأنتخابات اذا لم تحل مشكلة دارفور، وللأسف نكصت تلك الأحزاب بعهدها وميثاقها فلم تنل غير الذل والهوان.
والرجل أرسل لجميع قادة الأحزاب فى الصف الأول والثانى ولمن هم دونهم بان يقاطعوا الأنتخابات التى ظهر فسادها وتزويرها منذ مرحلة التعداد والتسجيل حتى لا ينتحروا سياسيا فلم يفعلوا فوقعت المهانه والذله وهمشوا مثلما همش اهل دارفور!
تلك مواقف الأستاذ/ على محمود حسنين التى نعرفها ونشهد عليها وهو الذى يقود هذه الجبهه العريضه ومن خلفه عدد كبير من الوطنيين الشرفاء المناضلين الذين لا يسعون لمناصب أو سلطة أو جاه أو ثروه وانما يسعون لخروج الوطن من نفقه المظلم ولحل مشاكله خاصة فى هذا المنعطف التاريخى والعمل بكل اخلاص من أجل لملمة اطرافه اذا كان ذلك ممكنا قبل انفصال الجنوب أو بعد انفصاله.
الا يشعر الأذكياء من اهل السودان حتى المنتمين للمؤتمر الوطنى بالمهانة والذل ورئيسهم اضحى من ضمن (المهمشين) يستجدى الدول العظمى أن تجتمع معه داخل بلده؟
وليته كان من ضمن (المهمشين) الحقيقيين بمعنى أن يقف الى جانبهم وينحاز لمطالبهم وقضاياهم فيعلن مجانية التعليم ومجانية العلاج للذين يحتاجونه فى مستشفيات السودان ، لا أن تدفع لهم تكاليفه وثمن تذكرة الطائرات فى الدول الصديقه والشقيقه وغيرها من دول العالم، لأنهم عرفوا من أين تؤكل الكتف وأجادوا قرع الطبول وحرق المباخر ونجر الحروف!
نقولها مرة أخرى والف مره .. السودان فى خطر حقيقى والتاريخ لن يرحم وذاكرته لا تنسى ولا تصدأ.
 
 

 

آراء