السوق ما غالي…لكن جنيهكم بقي رخيص وتعبان

 


 

 

==========
هذا العنوان، ليس من عندي، بل هو جزء من كلام ( الحاجة بتول الدلالية) تقوله لكل مشتكي من غلاء الأسعار والمعيشة..وتزيد بالقول: الملايا ياها ذاتها الملايا...والفردة ياها ذاتها الفردة..وحتي كريم ديانا ياهو ذاتو من زمن ستو حية..لكن جنيهكم هو التعبان.
ويسألونها: اها ..والحل؟ فتجيب بذات البساطة: اذا صاحبك فلس..فارقو...واذا كبر وشاخ، شوف غيره ..واحدا مليان شباب وحيوية .. يعني بدلوه بالصاحب الفالح..الحبيب الغالي...بالأصفر الرنان...بالذهب.
بالذهب ؟.. ومن وين نجيب الذهب ياحاجة؟! فحدجت السائل بنظرة غضب تنم عن الدهشة والاستغراب وهي تغادر المكان وعلي اطراف لسانها بقايا الكلام: نجيب الذهب من وبن؟ أجي يا أولاد أمي؟!!!
ثم عادت، وليتها لم تعد حتي تقول: خلو مظاهراتكم المليونية يوم 30 يونيو ، بدلا ما تلفوا في الشوارع...وتهتفوا ضد الحكومة الغلبانة علي امرها..أمشوا مكان الذهب..مناجم الذهب...مخازن الذهب...مليون خمشة ذهب في يد الثوار ولجان المقاومة ، ويعطوها الحكومة ، تحل بها كل مشاكل السودان..وتستعدل المعادلة: الغالي يبقي رخيص...والرخيص يبقي غالي.جنيهنا من الذهب..وريالنا وقرشنا من الفضة والزنك والنحاس ..وكله موجود في أرضنا ولكنا محرمون منه.
وتكمن خطورة ما قالته ( حاجة بتول الدلالية ) انها تطرح فكرتين اقتصاديتين قالتهما بكل بساطة ولكننا نعجز او يصعب علينا التنفيذ وهما : استبدال العملة الورقية بالذهب والفضة..والثانية تأميم مناجم الذهب واحتكار تجارته...والأخطر من كل ذلك توجيه مظاهرات الثلاثين من يونيو الي استيلاء مناجم الذهب بدلا من الاحتجاج علي المعيشة وسب الحكومة الانتفالية.
قضية استبدال العملة الورقية والتحول من الجنيه الورقي الي الجنيه الذهبي والريال الفضي...سبق طرحها كثيرا في هذه الصحيفة...وفكرة العملات المعدنية ايضا ليست بالجديدة فقد استخدمها العالم منذ أمد طويل يزيد عن السبعمائة عام قبل الميلاد...فقد عرفتها الهند القديمة وبلاد فارس واليونان...وليس بالضرورة ان يكون الجنيه او الريال خالصا في جوهره بالذهب او الفضة..بل يتم عادة خلطها بالمعادن الاخري حتي يسهل تداواها...وكذلك تجنب أن تكون قيمة المعدن داخل العملة أكبر او أقل من القيمة الاسمية...
ويبقي الوجه الاخر من المسألة...بان تستولي الجماهير الثائرة ولجان المقاومة علي مناجم الذهب والمعادن النفيسة وتسليمها للدولة ، فهي ايضا ليست بالجديدة..فقد كانت مثل هذه القطاعات الاقتصادية ومصادرتها ، ونقل ملكيتها للدولة بالتأميم الاجباري، دائما هدفا من أهداف الثوارات الشعبية في كل زمان ومكان ، بما يفضي بضرورة تملك المجتمع للثروات الوطنية لتحقيق المصلحة العامة ، بدلا من احتكارها لدي أفراد أو شركات خاصة ..
تري...الي اي مدي تصدق تنبؤات الحاجة بتول الدلالية وتفسيراتها وحلولها العفوية ، في حل المشكلة الاقتصادية في السودان ، بعد ان عجز فيها جهابذة الاقتصاد والسياسة علي مدي عقود وعقود من الزمان؟
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com

 

آراء