الشرطة الاخوانية والفراغ الامني المتعمد وانهيار الامن الداخلي في السودان

 


 

 

اللواء شرطه م محمد عبد الله الصايغ ينتمي الي الجيل الذهبي من قيادات الشرطة السودانية في السودان القديم من الضباط المهنيين والمحترفين الذين ظلوا يتحملون مسؤولية الحفاظ علي الامن الداخلي داخل العاصمة السودانية وعلي كل شبر من السودان القديم خاصة ايام التحولات والازمات السياسية والاضرابات الامنية التي شهدتها البلاد بعد سقوط نظام نميري وماقبل ذلك وللامانة والتاريخ فقد شهدت البلاد حالة من الامان والاستقرار الامني طيلة فترة السبعينات وحتي بداية الثمانينات بفضل قومية ومهنية قوات الامن والجيش والشرطة علي الرغم من الانتكاسات السياسية الرهيبة داخل النظام المايوي بعد مرحلة المصالحة الوطنية المزعومة والاختراق الاخواني الرهيب لكل مؤسسات الدولة الاقتصادية والامنية والقوات المسلحة والشرطة السودانية بالطبع .
لقد قام الاسلاميين انذاك بغرس خلاياهم التخريبية النائمة في كل المؤسسات السابق ذكرها ووصل الامر الي مرحلة قيام الدولة الاخوانية الباطنية والسرية داخل نظام الرئيس الراحل جعفر نميري الذي كان يعاني من الارهاق بطريقة اثرت علي اداء الدولة وليس نظام الحكم وحدة الي الدرجة التي جعلت عشيرته الاقربين في المخابرات المصرية تدعو القيادة المصرية انذاك الي ضرورة التحرك في المساعدة لايجاد بديل للنميري من داخل الدولة والعمل مع تيار المعارضة العريض داخل مؤسسات النظام المايوي الامنية والسياسية الرافض لاستمرار التحالف مع جماعة الاخوان المسلمين والعمل علي حل الجماعة والقضاء علي نفوذها المتنامي داخل الدولة والمجتمع .
للاسف الشديد لايوجد في السودان توثيق قانوني او حتي اعلامي دقيق وغير منحاز لتاريخ السودان المعاصر والمتاح عن مجريات الامور السابقة التي تعود اليها جذور مايجري اليوم في السودان من انفلات امني مخيف وجرائم نهب وسلب واغتصاب ترتكب تحت غطاء شعوبي وعنصري من بعض عصابات الجرائم الجنائية البدائية المتخلفة التي ليست لديها هوية او عقيدة معينة من المجموعات الاجرامية التي تقوم بالتحريض علي استحلال اموال وممتلكات الناس من سكان الخرطوم في ظل فراغ امني متعمد اشار اليه اللواء الصائغ في مقاله في الوقت الذي تقوم فيه فيه العصابات الاخوانية المنتشرة في الميديا الاجتماعية باتهام قوات الدعم السريع بالنهب والسلب والاغتصاب .
من الممكن القول بقيام قوات الدعم السريع بالافراط في استخدام القوة ضد خصومها المفترضين ولديها ارث معروف في هذا الصدد من الفظائع والانتهاكات ولكنهم ابعد مايكونوا عن ارتكاب جرائم النهب والاغتصاب لاعتبارات تتعلق بتركيبتهم وتربيتهم القبلية المعروفة ومن الممكن ايضا وجود تجاوزات فردية في هذا الصدد.
كل المتاح من توثيق قانوني لمجريات الامور في الدولة السودانية اثناء سنين الحكم المدني والعسكري التي يمكن الاعتماد عليها في التعامل مع الاوضاع الراهنة عبارة عن حصاد انطباعات شخصية لا اقل ولا اكثر و كل تاريخ السودان المعاصر منفصل عن بعضه البعض .
لفت نظري مقال تحليلي غاضب كتبه اللواء معاش محمد عبد الله الصايغ علي صحيفة سودانايل الاليكترونية بعنوان :

" لماذا نستغرب ما يحدث من موت ودمار "
وجه فيه انتقادات لمعالجات السلطة الانتقالية السابقة وحكومة الدكتور عبد الله حمدوك وتجمع الحرية والتغير وطريقة التعامل مع مع التركة الامنية المثقلة لنظام الانقاذ واشار اللواء الصايغ ضمنيا في مقاله وهذا هو الموضوع الاكثر اهمية الي ان قيادة الشرطة استجابت الي تعليمات صدرت اليه من جهة ما وقامت باغلاق اقسام الشرطة بالطبل والمفاتيح في تصرف يعتبر الاول من نوعة في تاريخ السودان وقال ايضا :
" لقد وقفنا أمام حمدوك وحاضنته وعارضنا ما يجري من تسليم الشرطه للجنه الامنيه الكيزانيه وكنا نضع في اعتبارنا أن شرطه قادمه من رحم الانقاذ سوف تبذل جهدها حفاظا على انقلابات اللجنه الأمنيّه وأنها سوف تتجاوز كل الصعوبات والعوائق لإظهار خنوعها وذُلّها وانكسارها ولكن ما لم يخطر بالبال علي الاطلاق إتفاق الشُرطَه او تنفيذها للتعليمات ( قطعاً ) غير القانونيه بفتح السجون دون إطلاق رصاصةٍ واحده. لم يصل بنا التفكير إلى غلق أبواب الأقسام بالطِبَل وترك المواطن لمصيره في مواجهة النهب الى الاغتصاب الى القهر .
البلاد تعيش في هذه اللحظات مرحلة فاصلة من تاريخها واصبحت بين امرين لاثالث لهما وبين ان تكون او لاتكون والامر لايحتمل الهزل واضاعة الوقت في المشاكسة والمنافسة بغير معترك مما يستدعي تحقيق اختراق عاجل للازمة الامنية والسياسية عبر مبادرات شاملة من كل جهة او جماعة او افراد يعتقدون ان لديهم تصورات ومشاريع واقعية وعملية لوقف الحرب واعادة بناء مؤسسات الدولة القومية واعادة بناء الانسان السوداني نفسه الذي عاني من تبعات هذه الحرب الاجرامية وعاني من قبلها عندما تمت ابادة وقتل مايقارب من نصف المليون مواطن في دارفور من الذين وقعوا بين مرمي نيران الجيش والميليشيات الاخوانية الذين اتخذوا من اقليم دارفور مسرحا لتصفية حساباتهم وصراعهم علي السلطة .
التحية والتقدير لتلك النخب السودانية في الجيش القومي السابق والشرطة السودانية من العلماء والادباء والعسكر المهنيين المتعففين ونتمني ان تتدارك عناية السماء الناس والبلاد وتسخر لهم اسباب النجاة من الطاعون العقائدي المنتشر واخر القول لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم .

https://www.facebook.com/mohamed.siddig.355/

 

آراء