الشلانقي (2)

 


 

 

الحمد لله الذي سخر لنا الشلانقي, ليذهب عنا ظلمات العمى ويأخذنا الى نور الإبصار؛ ونسأله أن يهدينا البصيرة لنرى ما وراء البصر، وأن يرزقنا والشجاعة في على أتباع سبيل الهدى والرشاد ويجنبنا الغى والفجور في الخصومة والشطط.
وردت عبارة "الشلانقي ماخلا زول عميان" موضوع مكتوبنا هذا الذي لا نزال نتلمس أصله وفصله وجذور متنه وحواشيه منشئً وغاية وما المنتهى والمآل فيه ،والى ما تشير ،وقد جاءت من أمثال دارفور تدق وعلى يديها الدف والغربال وهي متوشحة بكل قرائح الحكمة وعصارات التجريب الهاطلة من زمانِ قديم ،ليعرض الجميع امام نص هذه الجملة ويبشر تارةً وينبر مرةً أخرى وهي التي وردت ضمن خطاب للفريق محمد حمدان دقلو، بفاشر السلطان وبالتحديد في بيت "فراش"بلغة اهل هذه المدينة أي بيت عزاءٍ للذين لا يعرفون هذه المفردة وفي جلسة "مؤاجرة" وقد اطلق البعض على هذه المناسبة حفل تأبين، والتي اقيمت لأحد ابناء الإقليم العسكريين من التابعين لفصيل حركة تحرير السودان جناح مني أركوري مناوي الشهيد مقدم مبارك أحمد نميري وهذا هو نعته وصفته العسكرية ضمن هذه الحركة، مبارك قد تم إغتياله من مجهولين عند عودته بالطريق ما بين مزبد والفاشر،ومزبد هي منطقة تقع في الجزء الشمالي من ولاية شمال دارفور،وتتبع لمحلية ام برو، الغنية بالثروة الحيوانية والمعدنية وتتبع تاريخياً لادارة قبيلة الزغاوة،وهى تعد في نظري من مناطق الامتدادت والتداخل القبلي ونموذجاً للتعايش والتصاهر السلمي بين عرقيات مختلفة ومنهم العربية وغيرها وجعل بينهم هذها التداخل والتزاوجات أرضية من الإلفة الممتدة لقرون طويلة ,حتى أوجدت أجيالاً كثيرة نشئت عليه فكانت سمتهم التعايش السلمي والتفاعل الاجتماعي الايجابي، فكانت الآعراف مرعية ، والتقاليد المحلية محفوظة، والسلطة الادارية الرسمية والأهلية قائمة بالقسط، ما اختلفت في هذه التنوع والتعايش السلمي عن سائر مناطق السودان ودارفور عموماً،إلا أن تجاهل الحكومات المتعاقبة على السودان من الاقدام في عمل المشاريع الكبيرة ذات الصبغة الجامعة للناس على اساس التوحد الوطني والذي يسعى لترسيخ الوحدة الوطنية القائمة مشاركة التنمية والتي من خلالها توزع الثروة وتصهر الجميع في بوتقة الوطن القائم على عدالة توزيع الخدمات والمشاريع التنموية الرسمية منها والشعبية، ولغياب كل ذلك ،قد تنادى ابناء هذه المنطقة بالداخل والخارج ،وتداعوا لعمل مهرجان لتسليط الضوء عن الامكانيات الاستثمارية لهذه المنطقة، وتحريك الجهد الشعبي والرسمي وحشده لتطوير هذه المنطقة بهدف الاستفادة الاقتصادية من هذه الموارد المتاحة، فجعل الامر في شكل مهرجان ،واسموه مهرجان مزبد والذي قد حددوا تاريخ افتتاحه في تاريخ يوم الأثنين الموافق :14/6/2021 .ذكرت هذه المعلومات هنا لعلها تعيننا في فهم الأشارات التي وردت في خطاب الفريق محمد حمدان دقلو ويدخلنا في اجواء الظروف المحيطة بهذا الخطاب المرثية التي تحمل العديد من الاوجه والاشارات والتلميحات أو هذا ما نظنه على كل حال، اذن المقدم الشهيد من ابناء مزبد ذات التداخلات القبلية المتنوعة والمتعايشة سلماً ولفتراتِ طويلة ،والزمان في مزبد ومان استعداد لحدث اقتصادي كبير هو مهرجان مزبد التنموي وكل ابناء مزبد يبذلون جهودهم ويسعون بمختلف مواقعهم لحشد الإستعدادات لترتيب هذا الحدث وانجاحه ،ووسط هذه الظروف تم الإغتيال والمغتال عائد من ذات المنطقة متوجهاً للفاشر. ولا شك في أن حدث كهذا وبمثل هذه الظروف يفتح اكثر من مجال للشك والريبة وعدم الارتياح واثارة البلبلة وبفتح باباً للاتهام والتشكك على مستوىً واسع وقد تطال اطرافٍ كثيرة وعديدة ،فهذه الواقعة وبمثل هذه الظروف فلا يمكن أن يظن احد أو يتخيل أنها حدثت بالصدفة ،لان الظروف التي حدثت فيها هي غير عادية ..لذا قد ذهب أغلب الناس على أن هذا الإغتيال قد دبر باليل واستناداً على هذا المنظور، ووفق هذه المعطيات وظروفها، لا يستبعد بأنه عمل مخطط ومقصود ونفذته جهة ما مجهولة الملامح والهوية، وغير معروفة حتى الان.،إن هذا التصوير للواقع والوقائع مهمٌ لكي يعيننا على أن تكوين صورة وتصور لنفهم من خلالها طبيعة الموقف، ونتعرف من عليها على السياق الذي قيل فيه هذه الكلمات وقائلها، قائد الدعم السريع ،اذن هي مناسبة غير عادية وكذلك هي الحادثة وفي تقديري هي تعد بصمة جديدة وغريبة على المجتمع الشعبي في درافور فلم تكن تعرف عمليات الإغتيالات المخططة بقصد وترصد لتفجير الصراع وتسعيره بين اطرافها ولعمرك أن هذا الاسلوب لشئٌ عجيب غريب، فلم يكن معروف في كل اباطح السودان قبل سنوات الإنقاذ الى أن جاءت كبومة عطشى للدماء وللقتل والسحل ،فجأتنا بكل قميئٍ في الأخلاق فاجر، فعرفناها ،واغتيالات الطائرات، والاطارات المتفجرة، والسيارات المفخخة، والكمائن القاطعت للأرحام والطريق واغتيالات من اصحاب الاعيرة النارية في وضح النهار وعلى ملأ من القوم وفد سكنت جوانحهم من الخوف وطارت قلوبهم الى الحناجر من الرعب والجزع ومشلولة اياديهم من الخوف والوهن فللقوم وطرقهم واساليبهم وتفانينهم في تصفية الخصوم، وقتلهم فعلاً ومعنى ً،وتلك بصماتهم شاهداً عليهم،هم ،جيهات معلومة بعينها قد برعت فيه والكل يعرفها القاصي منا والداني،إلا أن مسرح تحركاتها قد تغير الآن إذ تمدد للمناطق القصية والاطراف البعيدة ، بدلاً عن المدن الكبيرة والشخصيات الشهيرة ،فها انت ترى لها بصمات بثنايا هذا الخطاب،وقد تلوح تارةً بين الاشارات والعبارات وكأنها تقول اللبيب بالاشارة يفهم، ولكن المشكلة في فهم الاشارات أنها معقودة على تصورات متلقي الاشارة ومفككها، وهم على أبوانٍ شتى ،بعضهم أهل الحيدة والموضوعية، وبعض بعضهم هوىً وأغراض ولهم في لوي الحقائق وتشويشها براعة ،ولهم من ورائها سوء الغاية ،واولئك هم اصحاب الغواية ،المترصدين لكل حقيقة لطمسها وتشويهها ،تعميةً وتغبشاً وتزيفاً وتزويراً ،فهذه صنعتهم وصناعتهم الذي برعوا فيها، ففيها مهنتهم وكسب عيشهم ومن الاسف أنهم كانوا جزءً من ادوات الدولة طيلت السنوات الغابرة سنوات الانقاذ وتجذرة في سلوكها واخلاقياتها، وجذورها عميقة الغور وجذورها ضاربة في أعماق الابنية التنظيمية للدولة الرسمية منها والشعبية ،حتى غدى لها في كل ناحيةٍ وتدد ،اغتيال الشهيد نميري ،تم بكمين على الطريق وبمجموعة مسلحة تمتطي الدرجات النارية،وبلغتنا المباشرة (المواتر)،وهذا وفق ما نشر،وقيل أن المقتول قد استطاع أن يتجاوز الكمين ،ولكنهم تعقبوه فأردو قتيلاً من الخلف وبعد مطاردته،هذا الوصف يفتح العديد من الاسئلة ،منها من هي الجهة التي فعلت هذه الفعلة؟ ماهي أمكانياتها وقدراتها؟ ما هو الهدف والغاية من هذا الاغتيال؟! ،ولماذا هذا التوقيت وهذا الشخص بالذات ؟! ،وما الذي يمكن أن يحدثه هذا الاغتيال من اسبابٍ ونتائج محسوبة أو غير محسوبة ؟!.كل هذه الاسئلة وغيرها قد تجد لها ملامح واجابات بعضها صريح وبعضها اشارةً وتلميح في خطاب حميدتي "الشلانقي ما خلا عميان"
عبد الماجد عباس محمد نور عالم

magidas2002magidas@gmail.com

 

آراء