الصباح في دوائر النيابة والقضاء..!!

 


 

 

لكم كنا نود لو نعرف (بعين الخيال) ماذا كان يدور بين السادة المستشارين داخل مكاتب ديوان النائب العام صبيحة اليوم التالي لقتل الشباب المسالمين في 30 يونيو أول أمس...وماذا دار داخل هيئة القضاء صبيحة المذبحة..! يا ترى ماذا كانوا يقولون وما هي تعليقاتهم وهم يتنأنسون داخل المكاتب..إنهم مئات من السودانيين الذين اختاروا ان يعملوا في النيابة العامة وفي جهاز القضاء منصة العدل والانصاف وإحقاق الحقوق..فهذان االجهازن هما الذان تقع علي كاهليهما المسؤولية المباشرة عن حماية ارواح السودانيين..!!
هل يا ترى كان يومهم يوماً عادياً من (الدوام اليومي) وأن العاملين في هاتين المؤسستين من المستشارين والقضاة التقوا كالعادة داخل المكاتب كما هو حالهم في كل يوم وانهمكوا في الونسة والدردشة والابتسامات وتحيات الصباح..أو تبادل الأختام والأوراق و(الدمغات) والاستغراق في الأعمال الروتينية..ثم ذهبوا لتدبير(وجبة الفطور) وأكلوا وشربوا وحمدوا الله (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام)..؟!
العاملون في النيابة العامة بالمئات..إنهم مئات المستشارين ويستبعد الشخص ألا يكون بينهم (مستشار واحد) يرتدي ربطة عنق هزته هذه المجزرة الدموية بحق محتجين سلميين خرجوا بأيدي عارية ينادون بالحرية والعدالة فحصدهم رصاص الانقلاب ظلماً وعدواناً..ألا يمكن ان يكون واحد فقط من بين المستشارين قد هزّت ضميره المهني (ولا نقول الوطني) هذه الجريمة وأحسّ أنه مشارك فيها بالصمت أو بعدم القيام بالواجب أو بعدم المطالبة بتحكيم قوانين وأعراف النيابة المسؤولة عن ارواح الموطنين والتي يلزمها أنتأخذ مكانها في المقدمة مع القوات حاملة السلاح حتى تكف يدها عن قتل المواطنين المسالمين ..فرجال القضاء والنيابة هم من يرافقون القوات النظامية في حالات التظاهر ولا يحق لأي كتيبة نظامية أن تطلق النار على المتظاهرين إلا بصدور أوامر مرافقها من القضاء والنيابة..(الغريبة أن قوات الشرطة مهمتها حماية المتظاهرين لا قتلهم)..!
هكذا كان يفعل القضاة عندما كان بينهم القاضي (عبدالمجيد إمام)صاحب الضمير المهني والوطني اليقظ..الذي كان ينطلق من واجب المهنية وضمير القاضي..لقد وقف في قلب الميدان الذي يمور بالمواكب الهادرة والشرطة المدججة بالسلاح وفي ظل نظام قهري باطش..فأمر الشرطة بالانصراف وقال إنه يتحمّل مسؤولةما يترتب على موقفه..وأنه لا يسمح بانتهاك حُرمة دماء السودانيين..!!
لا نريدكم ان تكونوا مثل عبد المجيد امام.. فهذه ربما كانت من الأمور العسيرة..ولكن فقط (تشبّهوا إن لم تكونوا مثلهم / إن التشبّه بالكرام فلاح)..!! نحن نريدكم فقط أن لا تتنازلوا عن حقوقكم المهنية ولا نطالبكم بأن تكونوا مواطنين صالحين يهمهم أن يكون السودان دولة مدنية ديمقراطية لا تعيش تحت قهر الانقلاب وأحذيته..دولة حرة تنشد الحرية والكرامة واقامة العدل وحكم القانون..!!
أحد الزملاء المحترمين كتب قبليوم من مواكب 30 يونيو يناشد القضاة ان يخرجوا مع المواكب مطالين بانهاء الانقلاب كما حدث في سابقة ثورة اكتوبر المجيدة وخرجت مواكب القضاة تطالب بالحرية والعدالة وتعلن رفضها للدكتاتورية والشمولية..لأن القضاء لا يمكن ان يقوم بوظيفته في مناخ القهر والاستبداد..وكان زميلنا هذامتفائلاً (أكثر مما يجب)..!إنه يطلب ما بات يستعصى على (الأخلاف) الذين لم يرثوا شجاعة وضمير ومهنية ووطنية (الأسلاف)..!! قلنا له بلسان الحال: لا تطالب هؤلاء السادة بأكثر مما يستطيعون..!! نحن لا نريد منهم غيرأن يقوموا بحماية أرواح السودانيين من رصاص المليشيات وبنادقالدولة التي وقعت في أيدي مجهولة من عناصرالانقلاب والعناصر الإرهابية من فلول الإنقاذ..هل هذه صعبة عليكم يا حماة العدالة...!!

murtadamore@yahoo.com
/////////////////////////////

 

آراء