تعريف : اولا:الطائفة: ا/ لغه: الطائفة فى اللغة الجزء ، ورد فى لسان العرب الطائفةُ من الشيء: جزء منه (لسان العرب)،والجماعة والفرقة ،جاء في المعجم الوسيط ( الطائفة: الجماعة والفرقة، وفي التنـزيل " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " . والطائفة: جماعة من الناس يجمعهم مذهب أو رأي يمتازون بـه . والطائفة: الجزء والقطعة.) وقد وردت الاشاره إلى الطائفة بالمعنى اللغوي فى القران الكريم كما فى قوله تعالى ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾( الحجرات :9) وقوله تعالى ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ ( القصص: 4) . ب/اصطلاحا: أما الطائفة اصطلاحا فهي مذهب ديني مقصور على عشيرة او قبيلة او شعب معينين. ثانيا: الطائفيه: أما الطائفية فهي علاقة انتماء إلى طائفة معينه. دلالتان لمصطلح الطائفيه: ولكن يجب الاشاره هنا ان لمصطلح طائفيه دلالتان: ا/دلاله محايده: وهى التى اشارنا اليها اعلاه (علاقة انتماء إلى طائفة معينه). ب/دلاله سلبيه: وهى التى تدعو الدراسه الى تجاوزها،ومضمونها نمط تفكير وسلوك جماعى "يلغى فيه الوجود الجماعى "الطائفه معينه" الوجود الفردى"الفرد المنتمى للطائفه المعينه"،وينظر للطائفه ككل قائم بذاته وليس جزء من كل " الوطن او الامه"، ويلزم منه الكثير من مظاهر التفكير والسلوك السلبى " كالتعصب المذهبى والعنصريه والتقليد وتقديس الزعماء.... ". أسباب نشؤ الطائفية: المحتمعات الانسانيه فى حاله ترقى اجتماعى عبر اطوار تكوين اجتماعى متتاليه يحل الناس مشاكلهم من خلالها " الاسره ، العشيره ، القبيله ، الشعب الامه..." ، وكل طور لا يلغى ما قبله ، بل تحده كما يحد الكل الجزء فيضيف إليه ويكمله ويغنيه. ويفترض ببلوغ مجتمع معين طور الامه ان يحل الناس مشاكلهم من خلال هذا الطور، غير أن تاريخ الأمة قد يصادف عقبات في مسيرته (كالجمود وقفل باب الاجتهاد وظهور البدع والاستبداد...)،وأخرى فرضتها عليها القوة المعادية (كالاستعمار والتبعية)؛ مما يؤدي إلى شلِّ مقدرتها على تحقيق تقدُّمها. فتنخلف كأمة؛ أي يحول ُ هذا التخلف دون أن تبرز الأمة كطور ارتقت إليه القبائل والشعوب يمكن من خلاله حل مشاكل الناس المتجددة، وهنا بدأ الناس في البحث عن حل مشاكلهم من خلال علاقات أخرى أضيق (كالعشائرية، القبلية...)، ومن أشكال هذا البحث العودة إلي المذاهب الدينية محاولين اتخاذها رابطة اجتماعية بديلة يحلون من خلالها مشاكلهم؛ فالطائفة إذاً مذهب ديني مقصور على جماعة أو جماعات معينة (عشيرة أو قبيلة أو شعب معين". معايير تحديد كون الجماعه المعينه طائفه: بناءا على ما سبق فان تحديد ان الجماعة المعينة هي طائفة إنما يتحقق من خلال تتبع تاريخ هذه الجماعة، وهل حدث فى تاريخها الفكري تحول من مذهب إلى طائفة ، وبالتالي تحولت هذه الجماعة إلى مذهب ديني مقصور على عشائر وقبائل معينه ، وتكون هذه الجماعة قد تحولت إلى طائفة إذا توافرت فيها عده شروط أهمها: أولا: ان يكون المذهب الديني المعين مقصور على عشائر او قبائل معينه... ثانيا: ان لا تدعو هذه الجماعة غيرها من الأفراد والجماعات إلى الانتماء إلى المذهب المعين او لا تحاول نشره بين الجماعات الأخرى . اسباب نشوء الطائفيه فى المجتمعات المسلمه: وعندما جاء الإسلام كانت هذه المنطقة التى ستسمى لاحقا بالامه العربيه عبارة عن شعوب وقبائل متفرقة ﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ﴾ فحوَّلها إلى أمة،غير أن تاريخ الأمة العربيه صادف عقبات في مسيرته ، وأخرى فرضتها عليها القوى المعادية ؛ مما أدي إلى شلِّ مقدرتها على تحقيق تقدُّمها. فتخلفت كأمة؛ وشكل كل ذلك احد شروط نشوء الطائفيه فى هذه المجتمعات ، فالإسلام كدين وضع قواعد مطلقة عن قيود الزمان والمكان، وبالتالي لا تخضع للتطور خلال الزمان أو التغير في المكان (وهي التي عبر عنها علماء أصول الفقه بالأصول)، وترك للمسلمين أمر الاجتهاد في وضع ما دون ذلك من قواعد محدودة بالزمان والمكان؛ وبالتالي تخضع للتطور والتغير خلال الزمان والمكان (وهي التي عبَّر عنها علماء أصول الفقه بالفروع)،وهنا تكونت المذاهب الاسلاميه بما هي اجتهاد في الدين خاضع للتطور والتغير زماناً ومكاناً،لذا تعددت المذاهب عندما كانت المجتمعات المسلمة متقدمة، ولكن عندما توقفت هذه المجتمعات عن التقدم تجمدت هذه المذاهب علي مضامين كسبتها في مراحل تاريخية سابقة، وأصبحت قاصرة عن أن توفيَ بحلول لمشاكل الحياة في مرحلة لاحقة.وتحولت هنا من مذاهب الى طوائف. خصائص الطائفية: ا/ الطائفية و نمط التفكير والسلوك الجماعي: الطائفية هي احد انماط التفكير والسلوك الجماعي، وهى بهذا تفارق المنظور الاجتماعي الاسلامى ، الذى يتجاوز الفردية التي تؤكد وجود الفرد لتلغى المجتمع ، كما يتجاوز الجماعية التي تؤكد على الجماعة وتلغى الوجود الفردي، و يدعوا إلى فلسفه اجتماعيه توفق بين الفرد والجماعة ،فالمجتمع بالنسبة للفرد بمثابة الكل للجزء لا يلغيه بل يحدده فيكمله ويغنيه، فمصدر الطائفية إذا ليس الإسلام كدين بل المجتمعات المسلمة التي انزلقت إلى الجماعية القبلية .فى مراحل تاليه كمحصله لتخلف النمو الاجتماعي لهذه المجتمعات، نتيجة لعوامل ذاتيه وموضوعيه متفاعلة ب/ الطائفية والعنصرية: كما ان الطائفية كعلاقة انتماء إلى الطائفة بما هي مذهب ديني مقصور على إلى عشيرة او قبيلة او شعب معينين، تقترن بالعنصرية التي هي التقاء على إحدى المميزات القبلية، أو الموروثة عن الطور القبلي، مثل: وحدة الجنس، أو الأصل(العنصرية العرقية كما عند الجماعات القبلية)، أو اللغة، أو التقاليد( العنصرية اللغوية كما عند الجماعات الشعوبية).فهي هنا تخالف الإسلام كدين انسانى عالمي،دعي إلى الاجتهاد فى بل زمان ومكان ، ونهى عن العنصرية،، ذلك انه عندما ظهر الإسلام كانت أغلب الجماعات في هذه المنطقة قد أصبحت إما شعوباً أو قبائل تتميز بأصلها الواحد وتسود فيها بالتالي العنصرية؛ بمعنى اعتقاد كل جماعة بامتيازها على غيرها احتجاجاً بأصلها الواحد. وعندما جاء الإسلام بدين دعا إلى المساواة "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدِ اللهِ أنقاكم". وعمل على نقض العنصرية كما يدل على ذلك جملة الأحاديث الواردة في ذم العصبية، ثم ترك هذه الجماعات تتفاعل تفاعلاً حراً مع الأرض المشتركة وبالتالي صنع من تلك الجماعة أمـة،غير أنه نسبة لتخلف النمو الاجتماعي للمجتمعات المسلمة؛ عادت العنصرية كمظهر مسلكي سلبي. الآثار السالبة للطائفية : وإذا كان سبب نشؤ الطائفة كما ذكرنا محاوله الناس البحث عن حل لمشاكلهم من خلال علاقات أضيق من الامه (التي حالت عوامل معينه دون أن تبرز كطور يمكن للناس من خلاله حل مشاكلهم)،فان هذه المحاولة لن تنجح أيضا من خلال الطائفة ، هذا فضلا عن ان الطائفية تفرز الكثير من مظاهر التفكير والسلوك السلبى " التي تفارق الإسلام كدين كتقديس الزعماء و التقليد، ووهما يخالفان العديد من النصوص كقوله تعالى "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ" (البقرة: 170).وقوله تعالى "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ" (لقمان: 21).وكالتعصب المذهبي الذى نهى عنه علماء الإسلام، سئل الإمام ابن تيمية: عن جماعة يتخذون لهم رأساً، ويسمون حزباً، ويدعون إلى بعض الأشياء فقال: [الأحزاب التي أهلها مجمعون على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان، فهم مؤمنون لهم ما لهم وعليهم، وإن كانوا في ذلك ونقصوا: مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل، والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم سواء كان على الحق أو الباطل من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله] (جامع الرسائل والمسائل: /153 1/152) . الطائفية والديموقراطيه: وعلاقة الطائفية بالديموقراطيه هي علاقة ذات حدين ،فمن ناحية فان تحرير الناس من الطائفية هو شرط للديموقراطيه، لأنها احد أشكال التبعية الاجتماعية، التي تمكن مجموعه من الأفراد" زعماء الطائفة" من فرض إرادتهم على غيرهم ،وإكراه الناس " أكراها معنويا" على ان يحبسوا آراءهم .ومن ناحية أخرى فان الديموقراطيه هي احد أساليب تجاوز الطائفية . نحو استراتيجيه تنويريه لتجاوز الطائفية : انطلاقا من العرض السابق ندعو الى استراتيجيه معرفيه تنويريه طويله الامد لتجاوز الطائفيه ، تستند بصوره اساسيه الى التمييز بين الطائفه والطائفيه ، وبالتالى التمييز بين اساليب التعامل مع كل منهما. اولا: الطائفه: لا تهدف هذه الاسترتيجيه المعرفيه التنويريه الى تجاوز الطائفة كجزء من كل " الوطن ، الامه... " ، بل تجاوزها ككل قائم بذاته مستقل عن الكل ومتميز عنه. فالطائفة نشأت نتيجة لتخلف النمو الاجتماعي، الذى هو احد أبعاد تخلف النمو الحضاري، للمجتمعات المسلمة كمحصله لعوامل ذاتيه موضوعيه متفاعلة، وبالتالي فان تجاوز الطائفة - ككل قائم بذاته - لا يمكن ان يتحقق إلا من خلال العمل (السلمي والتدريجي)على إلغاء تخلف النمو الاجتماعي، وتخلف النمو الحضاري ، بإلغاء العوامل الذاتية والموضوعية التي يحدث هذا التخلف كمحصله لها. وبناء على ما سبق تتضمن هذه الاستراتيجيه هنا: • اقرار حق المواطنه والمساواه فى الحقوق والواجبات بصرف النظر عن الانتماء الطائفى للمواطنين. • العمل اى الغاء كافه مظاهر التمييز ضد كل الطوائف, • ضمان تمثيل كل الطوائف بما يضمن الحفاظ على حقوقها، من خلال التوافق على صيغه سياسيه تضمن تمثيل كل قوى المجتمع التقليديه "كالطوائف والقبائل والاقليات الدينيه والعرقيه والطرق الصوفيه.."والحديثه "كالنقابات المهنيه" ،اى من خلال تبنى الديموقراطيه التوافقيه. • التاكيد على ان تجاوز الطائفيه لا يمكن ان يتحقق باستخدام العنف ضد اى طائفه. • رفض اساليب العقاب الجماعى ضد اى طائفه بسبب خروج بعض المنتمين اليها عن القانون او تمردهم على سلطه الدوله ، فالعقوبه يجب ان تكون شخصيه، اى للفرد الخارج عن القانون بصرف النظر عن انتماءه الطائفى.. • ضمان نصيب عادل من السلطه والثروه لكل الطوائف. • ربط المناطق التى ترتفع فيها نسبه الانتماء الطائفى بالطرق البريه والسكه حديد،لضمان رفع العزله – الجغرافيه - عنها • التوسع فى انشاء المدارس والجامعات فى المناطق التى ترتفع فيها نسبه الانتماء الطائفى • دعم المبادرات الاهليه ومنظمات المجتمع المدنى"الاحزاب، الجمعيات التطوعيه" لتطويرالمناطق المناطق التى ترتفع فيها نسبه الانتماء الطائفى. • تفعيل الانتماء الوطنى والقومى عبر مناهج التعليم. ثانيا: الطائفيه: تهدف هذه الاسترتيجيه المعرفيه التنويريه الى تجاوز الطائفية طبقا لدلالتها السلبيه، التى اشرنا اليها اعلاه ، والتى مضمونها نمط تفكير وسلوك جماعى "يلغى فيه الوجود الجماعى "الطائفه معينه" الوجود الفردى"الفرد المنتمى للطائفه المعينه"،وينظر للطائفه ككل قائم بذاته وليس جزء من كل " الوطن او الامه"، ويلزم منه الكثير من مظاهر التفكير والسلوك السلبى " كالتعصب المذهبى والعنصريه والتقليد وتقديس الزعماء.... ". وتتضمن هذه الاستراتيجيه هنا : • نشر الوعي الاجتماعي والديني، مع ملاحظه ان الوعي اشمل من التعليم، فالتعليم هو شرط للوعي وليس هو الوعي. • محاربه انماط التفكير الخرافى والاسطورى والبدعى، وتشجيع انماط التفكير العلمى والعقلانى – غير المتناقض مع الوحى- والتفكير الاجتهادى ، والفهم الصحيح للدين ومحاربه البدع والتقليد. • تشجيع برامج محو الاميه. • العمل على تحرير النشاط السياسى والحزبى من الطائفيه،من خلال اسالبي متعدده منها: ا/ نشرالوعى السياسى. ب/ السعى - باساليب ديمقراطيه وبالاستناد الى الاراده الشعبيه- لصياغه قوانين تضمن تحقيق الطابع الوطنى والقومى للاحزاب السياسيه من ناحيه البرامج والتمثيل الجغرافى...ومنع كل اشكال التعصب العرقى والمذهبى الطائفى. ______________________ للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة الموقع التالي: