فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
هنالك محاولات مستميتة من قبل قيادات في مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) و تحالف تأسيس للنفي أو الإنكار أو التملص من الإنتهاكات التي إرتكبتها المليشيات في الفاشر من: قتل جماعي للأسرى و الفارين و التصفيات التي لم تستثني حتى المرضى و الجرحى في المستشفيات ، و محاولات يآئسة لطمس الحقآئق و تخفيف/إخفآء آثار تلك الفظآئع التي ترقى إلى درجات جرآئم الحرب و الإبادات الجماعية و التطهير العرقي عن طريق إغراق الوسآئط الإجتماعية بالصور القديمة و المفبركة و تلك التي لا تمت للحرب الحالية بصلة ، و الهدف من كل ذلك هو إرباك عقول المتابعين عن طريق الخلط المتعمد للأوراق و التشويش و تذويب الحقآئق و تمييعها و تضعييعها بغرض التضليل و التشكيك فيما حصل…
هذه المحاولات اليآئسة البآئسة لا تجدي ، فالقتلة من مليشيات الجَنجَوِيد قد فضحوا أنفسهم بأنفسهم حين وثقوا تفاخرهم و تباهيهم بالقتل و بقية أفعالهم و ممارساتهم المشينة عن طريق التصوير بالهواتف المحمولة و نشر ذلك على الملأ في الوسآئط الإجتماعية ، و مع هذا التوثيق بالصوت و الصورة و التأريخ و شهادات الناجين لن تجدي نفعاً أحاديث قآئد مليشيات الجَنجَوِيد و بقية قادة تأسيس و إدعآءتهم عن أن من إرتكبوا الإنتهاكات هم جماعات من المتفلتين و المندسين الذين لا ينتمون إلى مليشيات الجَنجَوِيد ، و لن تجدي محاولات ذر الرماد على العيون و إلهآء الناس بأحاديث التقية الفطيرة عن مواصلة الثورة و نصرة المواطنين الغلابة و تسهيل أمور حياتهم اليومية و السعي إلى تحقيق السلام و التغيير و الإصلاح و إقامة الدولة المدنية ، و لن تجدي محاولات تضليل الرأي العام و إسكات/ترضية الأصوات المستنكرة و الإحتجاجات بإعلان تشكيل لجان التحقيق و بداية المحاسبات و بقية الحيل و التمثيليات الإعلامية ، و يجب التذكير هنا أنه قد سبق و أعلن حميدتي و قيادات جنجويدية أخرى بينات مشابهة/مماثلة و أصدروا تطمينات للمواطنين و العالم عقب الإنتهاكات التي إرتكبتها مليشيات الجَنجَوِيد في: كولومبيا و إعتصام ميدان القيادة العامة و الخرطوم و ود مدني و الجزيرة و سنار و سنجة و جبل موية و بارا ، و لقد سمعنا و العالم بجعجعات التحقيقات و المحاسبة و لكنا لم نرى أي طحين…
و لقد سُوِّقَ لما جرى في مدينة الفاشر من جرآئم ضد الإنسانية على أنه ”تحرير“ ، و قد رأى العالم بإسره كيف تم الإحتفال بالقتل و التصفيات و الإهانات و إذلال المواطنين العزل على أنه بشريات النصر القادم ، و إن كان الأمر كذلك فعلى القاريء الكريم أن يتخيل كيف يكون الحال مع إحتفالات الأشاوس ساعة/عند ”تحرير“ بقية المدن و القرى و جميع التراب السوداني من دنس الكيزان و الدواعش و الجلابة؟!!! ، فلا شك أنه حينئذ/عندئذ سوف تكون هنالك حوجة مآسة لإمدادات ضخمة من الذخيرة و السكاكين!!!…
و أكثر ما يحير العقول هو هروب/إحجام المتحدثين بإسم مليشيات الجَنجَوِيد و تحالف تأسيس و المتعاطفين معهم عن الإعتراف بحقيقة أن هنالك إنتهاكات وحشية و تجاوزات فظيعة قد حدثت في الفاشر هذا بالإضافة إلى التملص من المسئولية و إلقآء اللوم على الآخرين ، و يلاحظ إتفاق غالبية/كل المتحدثين على الإستهلال بأن الطرف الآخر قد إرتكب إنتهاكات مماثلة و ذلك قبل الشروع في محاولات تبرير/تمرير الإنتهاكات على أنها ردود أفعال لما قامت به الدولة السودانية و كتآئب الكيزان تجاه ”مكوناتهم/حواضنهم“ من ظلم و قتل و تمثيل بالجثث و حرق القرى في ماضي الأزمان القريبة و البعيدة!!!…
و لا شك أن البحث في جذور و مسببات الأزمة السودانية و كيفية المعالجات و الإصلاح ضرورات حتمية و لا بد منها ، و لكن ذلك لن يتأتى إلا عن طريق إيقاف الحرب و الشروع في الحوارات البنآءة و المكاشفات/المواجهات و محاسبة المسيئين و ذلك تحت سلطة و سيطرة الدولة المدنية و في ظل: الحرية و الأمن و السلام و القانون و العدالة ، و حتماً لن يتأتى ذلك عن طريق القفز فوق الوقآئع/الحقآئق و تحوير/تحويل النقاش إلى جدل عقيم حول فشل دولة ستة و خمسين (٥٦) و ظلم المركز و دولة الجلابة!!! ، و إنه لخطل و منطق معوج و سقوط أخلاقي عظيم لو تمت معالجة الظلم بالظلم ، ”فأخطآء الدولة السودانية“ لا تعالج عن طريق الإنفعالات و مواصلة خطاب الكراهية و بث الأحقاد و الضغآئن و تأجيج الثأرات التأريخية القديمة و الإحتراب…
أما تباكي الكيزان و المتكوزنين على سقوط مدينة الفاشر و الإنتهاكات فما هو إلا ريآء و نفاق ، فقد كان بإمكان الجماعة تفادي كل هذه المآسي و تجنب تعريض البلاد للخراب و الدمار و العباد للقتل و التشريد و النزوح و اللجوء لو أنها قبلت حقيقة أن الشعوب السودانية قد لفظتهم و رفضت حكمهم الديكتاتوري و مشروعهم الضلالي الفاسد الظالم الذي أورد البلاد و العباد الردى ، و لو أنهم رضوا بمبدأ محاسبة كل من أفسد و أسآء و ظلم و ارتكب جرم في حق الشعوب السودانية ، و لو أنهم لم يتآمروا على الثورة المدنية السلمية بالتعويق و الإنقلابات و إشعال الحرب ، و ببساطة كان بإمكانهم منع كارثة الحرب و الدمار و الخراب لو أنهم تخلوا عن التمسك بالسلطة و خيار مواصلة الحرب…
الختام:
هذه الحرب ليس للمواطنين ناقة فيها و لا جمل ، و هم بلا شك أكبر الخاسرين/المتضررين ، فهذه الحرب فرضتها/أشعلتها الفرق الكيزانية المتقاتلة/المتصارعة فيما بينها حول السلطة و النفوذ و الثروات و الموارد…
و إنه لمن المؤسف أن الأزمة السودانية و الأوضاع قد أضحت ميئوس منها ، و لا يمكن إصلاحها ، و ذلك لأنها قد بلغت مآلات بالغة التعقيد حتى غدت عصية على الحل التوافقي ، و المأكد هو أن الرجوع/العودة إلى سودان ما قبل حرب إبريل ٢٠٢٣ ميلادية قد بات مستحيلاً مع تخندق حكومتا بورتسودان و نيالا خلف الشروط التعجيزية و في ظل تنامي/تعاظم خطاب الكراهية و العنصرية ، و يبدو أن بلاد السودان موعودة/مقبلة لا محالة على التشظي إلى عدة دول سوف ترسم حدودها على خطوط: البندقيه و العرق و الجهة و المصالح الأجنبية و ربما المعتقد…
و لعنة الله على الذين كانوا السبب من القتلة و الظالمين من مليشيات الجَنجَوِيد و قبل ذلك أرباب نعمتهم من جماعة الكيزان الذين صنعوا/خلقوا هذا الوضع المتأزم الشديد التعقيد العصي على الحل عن طريق: الإستيلآء على السلطة بقوة السلاح ، و ممارسة القمع و القهر و الفساد ، و تدمير مؤسسات الدولة السودانية ، و خلق الكتآئب الجهادية و المليشيات و هذا المسخ الشيطاني الجنجويدي اللعين ، و تبني الخطاب الديني المتطرف الضلالي ، و إيقاظ الفتن و النعرات الجهوية و القبلية و العرقية ، و تأجيج النزعات الإنفصالية ، و أشعال الحروب…
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم