الفرسان الثلاثة … وانفصال الجنوب!! … بقلم: ثروت قاسم

 


 

ثروت قاسم
12 January, 2011

 


Thrwat20042004@yahoo.com
 
مقدمة !
الفرسان الثلاثة :
الفارس الاول : الرئيس البشير!
الفارس الثاني : السيد الامام !
الفارس الثالث :  الحسيب النسيب مولانا السيد محمد عثمان   الميرغني !
سوف يقررون مصير دولة شمال السودان بعد انفصال الجنوب , وتكوين دولة جنوب السودان الجديدة !
دعنا نستعرض , ادناه  , ردة فعل كل فارس من الفرسان الثلاثة علي انفصال الجنوب وتكوين دولته الجديدة !
المقارنة تظهر الجوانب الخيرة  في كل فارس بوضوح اكثر ! وتعري وتفضح الجوانب الخبيثة المغتغتة والمدغمسة في كل فارس ! فيمكن رؤية الابيض من الاسود بوضوح , وفرز الغث من الطيب بسهولة  !
 الفارس الاول : الرئيس البشير!
الرئيس البشير يرقص فرحا في القضارف ومدني ونيالا , ونحن علي مرمي حجر من انفصال الجنوب , وتفتيت بلاد السودان !
الرئيس البشير فرح , رغم ان الله لا يحب الفرحين !
وهو فرح بسببه !
وعند معرفة السبب يزول العجب ؟
الرئيس البشير فرح بالصفقة الشيطانية التي ابرمها مع اداراة اوباما !
تجميد امر قبض الرئيس البشير الي يوم الدين , مقابل تسهيل ولادة سلسة وناعمة لدولة جنوب السودان !
حبة فول حاجات مقابل جنينة فواكه مثمرة ؟
قسمة ضيزي !
وفرحة الرئيس البشير تتويج لعملية بدات مطلع التسعينيات !
وهاك القصة من طقطق :
أخفى انقلاب يونيو 1989م هويته الاسلاموية العروبية في البداية , ولكنه أبرزها فيما بعد ,  ودعا للمؤتمر الشعبي الإسلامي العربي في مطلع  1992م.
حينئذ دعا السناتور الأمريكي هاري جونستون كافة الفصائل الجنوبية إلى واشنطن !  وهناك قرروا :
ما دمنا لسنا مسلمين ولا عربا فلا خيار للجنوب , إلا المطالبة بتقرير المصير. (21 أكتوبر 1993م).
بعدها بدأ الدعم الامريكي العسكري للحركة الشعبية , وحققت انتصارات ميدانية عديدة ضد نظام الانقاذ  , منها سقوط مدينة الناصر في ايادي الحركة الشعبية !
حين وصلت الحرب الى مأزق  اللا انتصار واللاهزيمة ,  أنزنق نظام الإنقاذ  , خصوصا بعد الضغوط الاقليمية والدولية , وانعزاله دوليأ  !  فلجأ  لمنظمة الايقاد (  1994  ) للتوسط   لإنهاء الحرب الأهلية في السودان ! وافقت منظمة الايقاد بشرط أن يلتزم طرفي  النزاع في السودان بإعلان مبادئ خلاصته:
الاتفاق على سودان واحد علماني ديمقراطي !
أو
تقرير المصير للجنوب !
 
أختار نظام الأنقاذ  مبدأ تقرير المصير للجنوب , بدلأ من وفي محل السودان الواحد الموحد  المدني الديمقراطي .
وافق نظام الأنقاذ  ( 1994 ) علي انفصال جنوب السودان  ,  لكي يحتفظ بالسلطة في شمال السودان الذي تحكمه الشريعة .
أنفصال الجنوب عن الشمال كان  خيار نظام الأنقاذ في عام 1994, ولم يكن خيار الجنوبيين  .
وكرت بعد ذلك حبات المسبحة في اعلان  مشاكوس ( 2003)  الذي اكد  صفقة حق تقرير المصير للجنوب  مقابل الدولة الدينية في الشمال !  واتفاقية السلام الشامل  ( 2005 ) التي اكدت بدورها  صفقة  حق تقرير المصير للجنوب  مقابل دولة الشريعة  في الشمال !
اذن انفصال الجنوب ليس وليد اليوم , وانما وليد عام 1994 , وبرضاء نظام الانقاذ الكامل !
خيار انفصال  الجنوب مقابل الشريعة في الشمال , موقف ثابت واستراتيجي ومبدائي ,  عبرّ عنه الرئيس البشير  قبل 16 عاماً ,  في لقاء جماهيري في 26  مارس 1995 ,  بمناسبة استرداد مدينة الناصر حيث قال :
(  من أراد أن يلغي الشريعة الإسلامية فليقابلنا في ميدان القتال  ، لأن التفاوض حول الشريعة سيكون بالبندقية ) !
اذن لا تستغرب , يا هذا , من افراح ورقيص الرئيس البشير من انفصال الجنوب , وتفتيت بلاد السودان فيما بعد , مادامت  الشريعة سوف تكون دستور  بعض البعض المتبقي من بلاد الحدادي مدادي !
الفارس الثاني : السيد الامام !
السيد الامام جد حزين لانفصال جنوب السودان !
ولكنه حزن مبصر !
يحترم السيد الامام حق الجنوب في تقرير مصيره , ولا يغمطه هذا الحق ! ولكنه دعي منذ اليوم الاول لتوقيع اتفاقية السلام الشامل ( الاحد 9 يناير 2005 ) لجعل الاتفاقية قومية , بدلا من ثنائية !    حصريأ لجعل الوحدة جاذبة !
 ودونك  قادة الحركة الشعبية ,  الذين يؤكدون ,  اناء الليل واطراف النهار ,  بان تصرفات واقوال وافعال  قادة المؤتمر الوطني الاقصائية , هي التي دفعتهم دفعأ  , لتبني خيار الانفصال !
اطلق السيد الامام عشرات المبادرات لجعل الوحدة جاذبة ! ورفض المؤتمر الوطني جميع مبادرات السيد الامام ! لان المؤتمر الوطني يؤمن ايمانا ,  لا ياتيه الباطل من خلفه او من بين يديه  ,   بان السيد الامام يسعي ,  حصريا ,  لتفكيك نظام الانقاذ !
لن نؤمن لك , يا أمام , حتي نري الله جهرة !
ولم يياس السيد الامام من تعسف ووقاحة المؤتمر الوطني ! فاستمر في جهاده السلمي لحفظ السودان موحدأ ...  يكتب المقالات , والخطب , ويدعو للاجتماعات ,  وورش العمل ! وكتب اكثر من كتاب , اخرها كتابه التوثيقي  ( ميزان المصير الوطني ) !
السيد الامام يري الكتابة واضحة علي الحائط ! وقادة المؤتمر الوطني عميون ... ينظرون ولا يرون !
السيد الامام يسمع هدير العجاجة واضحأ ! واذان قادة المؤتمر الوطني بها وقر !
ما أنفك السيد الامام  يدق ناقوس الخطر , ويشير الي الفرعون العريان , والي الفيل الذي في الغرفة ! ولكن لا حياة لمن تنادي !
ردد السيد الامام ,  عشرات المرات , ولكل من القي السمع وهو شهيد ,  بان الجنوب يمضي نحو الاستقلال ، وستولد دولة معادية للشمال ,  بسبب سياسات نظام الانقاذ الاقصائية  ,   التي تدعم تيارات تدعو الى التطهير العرقي ,  والبغضاء بين الشمال والجنوب ,   وتيارات دينية تكفر الانفصال والجنوبيين ، الأمر الذي سيقود الى مواجهة بين الجانبين !  لافتاً الى ان دارفور تحترق , ومنطقتي جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق في طريقهما للاشتعال ! فيما نظام الانقاذ يلعب بالنار ! ودي بطينة ودي بعجينة  !
مصلحة الوطن , بل مصلحة المؤتمر الوطني , تجبر المؤتمر الوطني لكي يتيح للسيد الامام خيارات افضل , حتي لا يختار الاسوأ والاتعس !
الوطن هو المرجعية الحصرية للسيد الامام , ولا يتعامل مع الامور السياسية  من منظور طائفي او حزبي ضيق !
كتاب السيد الامام الأخير  ( ميزان المصير الوطني )   شهادة على العصر  !  شهادة  قدمها موثقة !   والكتاب مرافعة مركزة من أجل  ايجاد  حل سلمي  وفاقي  , لمشكلة  دولة شمال السودان , بعد انفصال الجنوب !
 الموقف  في دولة شمال السودان , بعد انفصال الجنوب ,  يوجب اتخاذ قرارات فاصلة  , يجسدها  تشكيل حكومة قومية جامعة  انتقالية لكتابة  دستور   دائم  جديد  , والعمل على تنظيم انتخابات جديدة حرة ونزيهة , ترضى طموحات وتطلعات الشعب السوداني في دولة شمال السودان  , حتي يتم وقف نزيف تفتيت الباقي من بلاد السودان في جنوب كردفان , وجنوب النيل الازرق , ودارفور , وربما الشرق !
وبدا السيد الامام مشاورات مارثونية مع قادة الاحزاب السياسية السودانية الشمالية بغرض الوصول الي موقف جماعي مشترك لمجابهة العجاجة القادمة !
 وحدد السيد الامام يوم الاربعاء 26 يناير 2011 لعقد مؤتمر عام لحزب الامة , لدراسة الموقف واتخاذ القرارات  الوطنية اللازمة !
ولا يزال المؤتمر الوطني يردد :  
 لَن نُّؤْمِنَ لَكَ , يا أمام  ,  حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا ,  أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا  !
ويحاول الرئيس البشير  غش  قوي الاجماع الوطني باقتراح جرتقة للحكومة الحالية , بتوسيعها   لتكون حكومة ذات قاعدة عريضة , تنفذ برنامج المؤتمر الوطني السياسي المدغمس المبني علي قوانين سبتمبر  المعيبة ( الشريعة ) , وعدم الاعتراف بالتنوع الديني , والعرقي , والاثني , والثقافي لسودان ال 570 قبيلة ؟
وقد حسم السيد الامام سمانتيكية الجدل البيزنطي حول اسم الحكومة  الجديدة , بأن ذكر بانه في حال موافقة  الرئيس البشير على تبني اجندة وطنية ودستور ديموقراطي ,  فإن الاتفاق على اسم الحكومة، سواء كانت ذات قاعدة عريضة كما يدعو  الرئيس البشير، او قومية جامعة كما تطالب  قوي الاجماع الوطني المعارضة ، لن يكون موضع خلاف  .
الخلاف ليس حول الاسم , وانما حول السياسة التي سوف تتبعها الحكومة الجديدة ؟
لا يسعي السيد الامام الي الاطاحة بنظام الانقاذ عن طريق الفوضي ... حتي لو كانت خلاقة ! وانما بالتي هي أحسن ! يطلب السيد الامام من المؤتمر الوطني ان يغير ما بنفسه طوعأ , حتي لا يضطر الشعب السوداني الي تغييره كرهأ !
السيد الامام حزين ... وفي حيرة , تذكرك بحيرة هاملت , وهو يردد لنفسه :
يلاد السودان ... تكون او لا تكون ؟
هذه هي المسالة !
السيد الامام حزين ... وفي حيرة , تذكرك بحيرة المتنبي , وهو يردد لنفسه :
وقد سالنا بالخرطوم ونحن ادري
أطويل طريقنا ام يطول ؟
السيد الامام حزين ... وفي حيرة , تذكرك بحيرة محمد عبدالحي , وهو يعود الي سنار  :
أبدوىُّ أنتَ ؟

  "لا –"

- من بلاد الزَّنج  ؟

" لا –"
يالها من حيرة ! وياله من وطني ! وياله من غد مجهول ؟
الفارس الثالث :  الحسيب النسيب مولانا السيد محمد عثمان   الميرغني !
مولانا , حفظه الله , ليس فرح كالرئيس البشير بانفصال الجنوب وتفتيت بلاد السودان !
 وهو يدابر السيد الامام في انه غير حزين وغير متألم لانفصال جنوب السودان !
مولانا يحاكي الماء ... لا طعم له , ولا لون , ولا رائحة !
لا تهمه ولا تستفزه الا المسائل التي تؤثر في جزلانه , وفي اراضيه , واملاكه الخاصة ! اما بلاد السودان واهل بلاد السودان , فهما امران مقدور عليهما ! ويمكن ان ينتظرا ! ولا يدخلان في الحسابات المصيرية الخاصة لمولانا !
فلذلك تجده  يتعامل مع بلاد السودان واهل بلاد السودان بالرموت كونترول ... من مقار اقامته الفخمة في القاهرة ولندن والمدينة المنورة !
ولا نلقي الكلام علي عواهنه , ولا من فراغ  ! بل نتوكأ علي معطيات ماثلة وشاخصة  ! ونورد , ادناه , علي سبيل المثال لا الحصر  , اربعة أمثلة تؤكد  عدم جدية مولانا , بل استخفافه  ببلاد السودان واهل بلاد السودان  :
+ في هذه الظروف المفتاحية التي تمر بها بلاد السودان واهل بلاد السودان , نجد الحسيب النسيب خارج الوطن , بدلا من التواجد في هذه الظروف العصيبة بين مريديه , يرفدهم بالامل والصبر والصلاة , علي مصير غير معلوم !
+ هدد الرئيس البشير ( القضارف – الجمعة 17 ديسمبر 2010 ) بانه بعد انفصال جنوب السودان , فان دستور دولة شمال السودان سوف يكون مبنيا ,  وحصريأ , علي الشريعة , ولن يعترف بالتعددية الدينية ! لن يعترف بالدين االمسيحي  الذي تعتنقه قبائل  نوبة الجبال وانقسنا الفونج !  والاقباط السودانين ! سوف لن تعترف الشريعة بالذين يعبدون المطر , والبقر , والكجور والاديان الافريقية الاخري  من قبائل الوطاويط والهمج والقمز في جنوب النيل الازرق وقبائل نوبة الجبال في جنوب كردفان !
أذن ما الذي يجعل هذه القبائل تنفر من استعمال المشورة الشعبية ( التي تتيحها لهم اتفاقية السلام الشامل )  للانفصال من دولة شمال السودان التي لا تعترف باديانهم , والانضمام لدولة جنوب السودان الجديدة , التي تحترم اديانهم ومعتقداتهم ؟
أعتماد الشريعة كدستور لدولة شمال السودان سوف يرغم هذه القبائل للانفصال من دولة شمال السودان والانضمام لدولة جنوب السودان !
تماما كما فعل الجنوبيون قبلهم !
 وما فيش حد أحسن من حد ؟
تهديد الرئيس البشير لهذه القبائل دعوة صريحة للانفصال !
وياتي مولانا من اقصي المدينة يسعي  تلفونيأ !
هاتف مولانا الرئيس البشير مباركا اعلان الرئيس البشير ان تصير الشريعة المصدر الرئيسي لدستور السودان المقبل , رافضا التعددية الدينية , وفاتحا الباب علي مصراعيه , لخروج جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق من دولة شمال السودان !
أستبدل مولانا الذي هو خير ( دولة شمال السودان الموحدة ) , بالذي هو ادني ( قوانين سبتمبر المعيبة ) !
يفضل مولانا قوانين سبتمبر المعيبة علي بقاء جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ضمن دولة شمال السودان الجديدة !
وهل نذكرك  , يا هذا , بأن مولانا  كان قد ارسل شقيقه المرحوم احمد الميرغني  في سبتمبر 1983 , ليهنئ ويبارك للسفاح نميري , اعتماده قوانين سبتمبر المعيبة دستورا لبلاد السودان !
يعمل مولانا بالرموت كونترول لتفتيت بلاد شمال السودان !
+ قاطع مولانا المشاركة في اجتماعات  رؤساء احزاب قوي الاجماع الوطني ( أحزاب جوبا )  , مقاطعة مستدامة وغير مبررة !
كيتن فيكم وعشان كده ! وكمان عشان دنانير الانقاذ !
 بل هادن مولانا وبلبص لنظام الانقاذ , الذي كشكش لمولانا فصار شعار مولانا :
كشكش تسلم !   بدلا من :
 سلم تسلم !
وارسل مولانا ابنه  مع الرئيس البشير خلال حملته الانتخابية  الرئاسية في شرق السودان  , ليدعم الرئيس البشير رئيسا لبلاد السودان ! ناسيا او متناسيا مرشحه الرئاسي  الشخصي ومرشح حزبه الاستاذ حاتم السر ؟ وضاربا عرض الحائط بمقاطعة قوي الاجماع الوطني للانتخابات الرئاسية المخجوجة !
أختلت المعايير الاخلاقية في مفاهيم مولانا !
ومادام مولانا يقول بانه لا يقرأ غير القران كتابأ  , فنستميحه عذرأ باحالته للاية 21 من سورة الحديد التي تدعوه :
سابقوا الي مغفرة من ربكم ...
عسي ان يغفر الله له اعماله في الاستهانة ببلاد السودان واهل بلاد السودان !
+ قال مولانا   في خطابه للامة السودانية ,   المرسل من خارج السودان بخصوص عيد الاستقلال المجيد  , بأنه سوف يزور جوبا  بعد الاستفتاء
 ( بعد خراب مالطا ؟ ) !
في حين ان قادة الاحزاب السودانية الشمالية  يواصلون الاجتماعات , الليل بالنهار , في الخرطوم  وبداخل بلاد السودان ,  للتفاكر حول مالات وتداعيات الانفصال , وانجع الطرق لاحتواء اثاره الضارة !
كما ذكرنا مولانا  باعظم انجاز سياسي  له , الا وهو جلوسه في المقعد المخصص لوالده  ( مولانا السيد علي الميرغني ) في حفل افتتاح أول برلمان سوداني بعد الانتخابات الأولى !
فعلا وحقأ ... كما انتم يولي عليكم !

  

 

آراء