الفنون عنوان نهضة الشعوب: خارطة طريق تؤسس لتنمية وتطوير الفنون في السودان

 


 

 

مقدمة مهمه:
الموسيقى من أكثر الفنون التي نالها الإهمال والحرب من قبل النظام المندحر وقام النظام بشيطنتها وتحريمها وإغلاق المعهد العالي للموسيقى والمسرح لأكثر من ثلاثة سنوات وأبيد الكثير من الإرث الفني في مكتبة الإذاعة والتلفزيون واستخدمت الأشرطة في تسجيل برامج الهوس والتصفية الجسدية مثل ساحات الفداء وغيرها!! كما وتمت محاربة المبدعين وتم سجنهم وجلدهم وتشريدهم وأتوا بعديمين الموهبة ليتغنوا بمشروعهم الحضاري (التدميري) ومكنوا المواليين من الكليات والقنوات والمؤسسات الفنية والإعلامية لتنفيذ مشروع تدمير الفنون وعلى رأسها الموسيقى لأن نفوسهم لا تستوعب الإبداع وتخافه.
المقدمة العامة لمنهج الفنون:
يهب الله الإنسان حس فني ومواهب عديدة، منها الفنية تستقيم قبولاً أو رفضاً غرائزياً بالفطرة، وتنمو بالمعرفة والاهتمام والرعاية السليمة.
الوعي بالحس الفني والمواهب الفنية من أساس إدراك الإنسان ذاته ومحيطه، ويتم بالتعبير الجمالي عن العواطف ونقل المعاني والمشاعر والأحاسيس إلى الآخرين بواسطة الأشكال أو الحركات أو الأصوات أو الألفاظ وعن طريق العمل الذي يتميز بالصنع والمهارة، ويعبر الفن عن ذات الفرد وبيئته ويمثل، بالتالي، أحد أوجه التدوين الوثائقي لثقافة مجتمع ما وتمايزها.
القدرات الفنية تولد عند المرء فرحاً عميقاً وانفعالاً عاطفياً وإثارة نفسية تدعم فاعلية الفنون في التربية، وإن الممارسة المنهجية لتنمية القدرات الفنية تسير بالمتعلم إلى نمو متماسك لمختلف جوانب الشخصية وإلى اندماج المعارف المكتسبة بالإمكانات الذاتية.
تكتسب الفنون بما لا يقبل الجدل دوراً أساسياً في خطة نهوض تربوي تتوخى تنمية المتعلم كفرد وكعضو إيجابي في المجتمع، ويقصد بتعليم الفنون توسيع ثقافة المتعلم وتنمية قدراته على التعبير والمساهمة في تحقيق تكامل تكوينه العقلي والنفسي والسلوكي والاجتماعي بغية الوصول إلى تناغم بين المعرفة المجردة والتجربة المعاشة من جهة، وبين إدراك الذات والوعي الاجتماعي من جهة أخرى.
يعتمد هذا التوجه في تعليم الفنون المفاهيم التربوية والتعليمية، التالية:
- التربية العملية التي توفر للمتعلّم فرصاً وافية للابتكار والإنتاج.
- المشاركة الجماعية التي تسوغ للمتعلم أن يؤثر وأن يتأثر في إطار نشاط فني جماعي.
- الاهتمام بالتراث الذي يتيح للمتعلم إمكانية تجديد الروابط وتطويرها بينه وبين معارفه وجذوره الثقافية.
كما يتوخى هذا التوجه إقامة علاقة حية بين المعارف والبيئة، وبين الفنون والمجتمع.
الأهداف العامة لمنهج الفنون:
- اكتشاف قدرات المتعلّم وتنميتها واختبارها من خلال التعبير الفني في نشاط يجمع بين العمل والتعلّم والمتعة.
- الإسهام في تكامل شخصية المتعلّم على الصعد الذهنية والنفسية والسلوكية والاجتماعية، بعمل يقرن التصور بالابتكار والإدراك بالفعل.
- ممارسة الفن كحاجة فردية واجتماعية.
- التواصل بين الذات والمعرفة والتجربة المعاشة في ممارسة جمالية معبرة عن رغبات المجتمع في التطوّر والارتقاء.
سأتخذ جانب الموسيقى من الفنون جميعا وذلك لأنها تخصصي وكل ما يأتي في ورقتي هذا ينطبق على كل أنواع الفنون..
مقدمة منهج مادة الموسيقى:
الموسيقى معرفة وعلم، لها لغتها ونظرياتها وقواعدها وتاريخها ومراجعها وقواميسها.
تكتسب الموسيقى أهمية كبيرة تربوياً وتعليمياً لأنها تسهم في تكامل عملية البناء التربوي والثقافي في كل تشعباتها الذاتية والوطنية والانسانية.
الأهداف العامة لمنهج مادة الموسيقى
اكتساب وممارسة:
1/ اكتساب:
- تعود الإصغاء والاستماع (السماع) تمهيداً للوصول الى فهم وإدراك شاملين.
- ضبط الإيقاع وما له من تأثير في تصرّفات الانسان وسلوكه وبالتالي إدراكه الحسي للإيقاع.
- تمييز الاصوات في الطبيعة والآلات الموسيقية منفردة أو مجتمعة وبالتالي الادراك الحسي للأصوات.
- تمييز النغمات والالحان.
- تمييز الالحان والنغمات المرافقة.
- التعرف إلى لغة الموسيقى: مبادئها وقواعدها.
- التعرف إلى رياضيات الموسيقى مثل: اخراج الاصوات، الوزن، الايقاع، السرعة، الزمن، النبر، الكثافة، الرقة، الدقة، الضعف، اللون، الحدة، الغلظ، العلو، الخفض، المكونات الصوتية، البناء الموسيقي.
2/ ممارسة:
التفكير في المرحلة الاولى ثم الإبداع في المرحلة الثانية، كما سبق ذكره آنفاً وذلك أداءً وعزفاً ومرافقة وحركة.
أولاً:
- يجب وضع منهج دراسي للموسيقى يبدأ من رياض الأطفال والحرص على وجود العاب بآلات موسيقية تعرف الطفل على الآلة والنغمة الموسيقية الصحيحة وبعد دخوله المدرسة وتعلمه الكتابة القراءة تبدأ معها دراسة النوتة الموسيقية ووضع مقرر صولفيج إيقاعي وغنائي مبسط جدا يتدرج مع السنوات الدراسية وتخضع المادة للامتحان وتضمن درجاتها في نتيجة نهاية العام.. وبذلك نربي الطفل على سماع النغم السليم وتمييز الإبداع من وقت مبكر (لقد أثبتت تقارير اليونيسيف أن الطفل الذي يعزف آلة موسيقية أكثر استيعابا من قرينه الذي لا يعزف (وذلك لأنه جزء من عقله يعمل بشكل أكبر من قرينه).
- رجوع الجمعيات الأدبية والاحتفالات التي يشارك فيها الموهوبين بالعزف والغناء مما يزيدهم ثقه وحافز لتنمية موهبتهم.
- تصبح مادة الموسيقى اختيارية في امتحان مرحلة الأساس للمرحلة المتوسطة حتى لا يظلم الطفل الذي لا يمتلك الموهبة والرغبة في استمرار دراستها ولكن سيستفيد من سنوات الدراسة في تدريب وتهذيب ذائقته السمعية والوجدانية.
ثانياً:
- في المرحلة المتوسطة تصبح دراسة الموسيقى لمن أخذها معه ضمن امتحان مرحلة الأساس أكثر تركيزاً في حصص غير ملزمة لكل طلاب المرحلة، وهي حصص اختيارية يمكن أن تكون مرة أو مرتين في الأسبوع حسب الجدول وتوفر معلم للموسيقي (وهنا يمكن أن يكون معلم الموسيقى يغطي أكثر من مدرسة، وتخصيص يوم لكل مدرسة على مدى أيام الأسبوع لعدم توفر خريجين كلية الموسيقى بالعدد الذي يوفر لكل المدارس أستاذا).
- أيضاً يكون الامتحان اختياري لمادة الموسيقى في امتحان المتوسطة وبذات الطريقة تشمل كل أنواع الفنون الأخرى من دراما وفنون تشكيلية.
ثالثاً:
- يجب أن تكون هناك مدرسة ثانوية (فنية - تهتم بدراسة الموسيقى والدراما والفنون التشكيلية) مع الدراسة الأكاديمية. ويتم التقديم لها من الطلاب الموهوبين الذين تحصلوا على درجات مميزة في تلك الفنون في أثناء دراستهم لها في المراحل السابقة وتوجوا ذلك بدرجات جيدة في الانتقال للمرحلة الثانوية وهنا تصبح مرحلة النضج الفني للموهبة. وتكون دراسة كل ضرب من أنواع الفنون بشكل أكثر تأسيساً وتصبح هذه المدارس المؤهل للأكاديمية العليا للفنون.

رابعاً:
- كل من لا يتأهل من طلاب مدارس الفنون الثانوية الى الأكاديمية العليا للفنون تكون له الفرصة في الالتحاق بالمعاهد العليا للفنون وهي معاهد يجب أن تنشأ في كل الولايات ومن يتخرج منها يمكنه الالتحاق بالأكاديمية إذا كان مستواه يأهله لذلك مع امتحان يحدد المستوى الذي يمكن أن يستمر منه.
خامساً:
- الأكاديمية العليا للفنون والتي تشمل (الموسيقى، الدراما، المسرح، السينما، الإذاعة التلفزيون والفنون التشكيلية).. وهي الحلم والأمل ومستقبل الفنون في السودان.
إذا تحقق ذلك مع وضع منهج دراسي مؤسسي سننهض بكل الفنون في السودان وسيرتقي الذوق العام وكذلك ستتطور الأجهزة المناط بها تقديم هذه الفنون بمهنية.
عبدالعزيز خطاب
أكاديمي موسيقي باحث وناقد ومدون.
Aziz2t@gmail.com

 

آراء