المجلس الأعلى للقضاء والنيابة
musabawed@hotmail.com
استقلال الأجهزة العدلية يعني: أن تتمكن هذه الأجهزة من القيام بدورها دون تدخل من أي جهة أخرى أو سلطة في الدولة. حيث أن تدخل أي سلطة من سلطات الدولة في عمل السلطة الأخرى يقدح في استقلاليتها وهذا ما يسمى في الفقه القانوني بـ "مبدأ الفصل بين السلطات". واستقلال السلطة القضائية والنيابة العامة يمثل الضمانة الوحيدة للحقوق والحريات العامة.
وحتى يكون "القاضي" أو "عضو النيابة العامة" مستقلاً في عمله، يجب ألا يكون مديناً لشخص أو لجهة في اختياره لمنصب القضاء أو النيابة، وأن يحصل على المنصب بمؤهلاته وخبراته وكفاءته دون أن يكون لأي أحد أو جهة الفضل في تعيينه، لذلك الفقه القانوني بَحثَ عن طريقة أو أسلوب مُعين لاختيار القضاة وأعضاء النيابة العامة، وبالضرورة رئيس القضاء والنائب العام كممثلين لأعلى سلطة في الهرم الوظيفي في هذه الاجهزة. وتوصلوا الى أن يتم اختيار رئيس القضاء والنائب العام عن طريق جهات مستقلة مثل (المجلس الأعلى للقضاء) و(المجلس الأعلى للنيابة) حيث يتم تشكيلهم من كبار رجالات القضاء والنيابة العامة ممن يتمتعون بالخبرة والكفاءة والمهنية والاقدمية. ويقوم المجلس المحدد بترشيح رئيس القضاء أو النائب العام، وتقدم الترشيحات لرئيس السلطة التنفيذية لاعتماده، وبمجرد اعتماد التعيين يصبح رئيس القضاء أو النائب العام مستقلين عن السلطة التنفيذية والتشريعية ولا سلطان عليهم أو التأثير على ارادتهم إلاَّ حكم القانون.
الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019م نصَّت في المادة (12) على اختصاصات المجلس السيادي، من ضمنها: اعتماد تعيين رئيس القضاء والنائب العام بعد ترشيحهم من المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للنيابة. وبما أن المجلس الأعلى للقضاء والنيابة لم يتم استكمال تشكيله حتى الآن. فالوثيقة الدستورية أعطت المجلس السيادي سلطة استثنائية وهي أن يتم تعيين رئيس القضاء والنائب العام. بالتالي فان المجلس السيادي يستطيع اقالة رئيس القضاء والنائب العام دون توصية من المجلس الأعلى للقضاء والنيابة بحكم الغياب. ومن يمتلك سلطة التعيين يملك سلطة الإقالة، والاقالة دون توصية من الجهة المختصة المستقلة يقدح في استقلالية السلطة القضائية والنيابة العامة، ويكفي لعدم استقلالية رئيس القضاء والنائب العام الخشية من الإقالة والعزل.
يجب تشكيل المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للنيابة، حتى يكون تعيين رئيس القضاء والنائب العام بعد الترشيح من قبل المجلسين. وحتى لا يتم عزلهم او اقالتهم إلاَّ بناء على توصية من المجلسين. وعدم تشكيل المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للنيابة يؤثر تأثيراً كبيراً على استقلال القضاء والنيابة العامة، وايضاً يقدح في احكام وقرارات هذه الأجهزة العدلية. ويؤثر على اجراءات العدالة الجنائية بصورة غير مباشرة. لأن استقلال الاجهزة العدلية المذكورة يعتبر من اساسيات وضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واغلب المعاهدات والاتفاقيات الدولية المختصة بحقوق الانسان.